نادي النصر السعودي شبكة جماهير الوفاء - عرض مشاركة واحدة - اقرأ التاريخ إذ فيه العبر
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-18-2018, 10:47 PM   #62
الصاعقه
عضو ملكي


الصورة الرمزية الصاعقه
الصاعقه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27606
 تاريخ التسجيل :  Apr 2014
 أخر زيارة : يوم أمس (11:40 PM)
 المشاركات : 99,026 [ + ]
 التقييم :  20634
لوني المفضل : Orange
افتراضي



10- الأوائل والأواخر والوقائع والأحداث

1 - فيها كتب محضر ببغداد في قدح النسب الذي تدعيه خلفاء مصر والقدح في عقائدهم وأنهم زنادقة وأنهم منسوبون إلى ديصان بن سعيد الخرمي أخوان الكافرين شهادة يتقرب بها إلى الله شهدوا جميعا أن الناجم بمصر وهو منصور ابن نزار الملقب بالحاكم حكم الله عليه بالبوار إلى أن قال فإنه صار يعني المهدي إلى المغرب وتسمى بعبيد الله وتلقب بالمهدي وهو ومن تقدمه من سلف الأنجاس أدعياء خوارج لا نسب لهم في ولد علي رضي الله عنهم ولا يعلمون أن أحدا من الطالبيين توقف عن إطلاق القول في هؤلاء الخوارج لأنهم أدعياء وقد كان هذا الإنكار شائعا بالحرمين وأن هذا الناجم بمصر وسيلة كفار وفساق لمذهب الثنوية والمجوسية معتدون قد عطلوا الحدود وأباحوا الفروج وسفكوا الدماء وسبوا الأنبياء ولعنوا السلف وادعوا الربوبية وكتب في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعمائة وكتب خلق في المحضر منهم الشريف المرتضي وأخوه الشريف الرضي وجماعة من كبار العلوية والقاضي أبو محمد الأكفاني والإمام أبو حامد الإسفرائيني والإمام أبو الحسين القدوري وخلق ( 402 )
2 - فيها سبق رجل بدوي اسمه فليتة بن القرى الحاج إلى واقصة في ستمائة إنسان من بني خفاجة قبيلته فغور المياه وطرح الحنظل في مصانع البرمكي والريان وغورهما فلما جاء الركب إلى العقبة حبسهم ومنعهم العبور إلا بخمسين ألف دينار فخافوا وضعفوا وعطشوا فهجم الملعون عليهم فلم تكن عندهم منعة وسلموا أنفسهم فاحتوى على الجمال بالأحمال فاستاقها وهلك الركب إلا القليل فقيل أنه هلك خمسة عشر ألف إنسان فأمر فخر الدولة الوزير علي بن مزيد فسار فأدركهم بناحية البصرة فظفر بهم وقتل طائفة كثيرة وأسر والد فليتة والاشتر وأربعة عشر رجلا ووجد أموال الناس قد تمزعت فانتزع ما أمكنه فعطشوا الأسرى على جانب دجلة يرون الماء ولا يسقون حتى هلكوا ( 403 )
3 - فيها كما قال في الشذور ورد إلى القادر كتاب من عين الدولة محمود بن سبكتكين يذكر ما افتتحه من بلاد الهند فيه أني فتحت قلاعا وحصونا وأسلم زهاء عشرين ألفا من عباد الأوثان وسلموا قدر ألف ألف درهم من الورق وبلغ عدد الهالكين منهم خمسين ألفا ووافى العبد مدينة لهم عاين فيها زهاء ألف قصر مشيد وألف بيت للأصنام ومبلغ ما في الصنم ثمانية وتسعون ألف مثقال وثلثمائة مثقال وقلع من الأصنام الفضة زيادة على ألف صنم فحصل منهم عشرون ألف ألف درهم وأفرد خمس الرقيق فبلغ ثلاثة وخمسين ألفا واستعرض ثلثمائة وستة وخمسين فيلا
وقال الذهبي وكان جيشه ثلاثين ألف فارس سوى الرجالة والمطوعة وقال ابن الأهدل فتح ما لم يبلغه أحد في الإسلام وبنى فيها أي الهند مساجد وكسر الصنم المشهور بسر منات وهو عند كفرة الهند يحيى ويميت ويقصدونه لأنواع العلل ومن لم يشف منهم احتج بالذنب وعدم الإخلاص ويزعمون أن الأرواح إذا فارقت الأجساد اجتمعت إليه على مذهب أهل التناسخ ويتركها فيمن شاء وإن مد البحر وجزره عبادة له ويتحفه كل ملوك الهند والسند بخواص ما عندهم حتى بلغت أوقافه عشرة آلاف قرية وخدمه من البراهمة ألف رجل وثلثمائة يحلقون رءوسهم ولحاهم عند الورود وثلثمائة امرأة يغنون ويضربون عند بابه وبين قلعة الصنم وبلاد المسلمين مسيرة شهر مفازة قليلة الماء صعبة المسلك لا تهتدي طرقها فأنفق محمود ما لا يحصى في طلبها حتى وصلها وفتحها في ثلاثة أيام ودخل بيت الصنم وحوله أصنام كثيرة من الذهب المرصع بالجوهر محيطة بعرشه يزعمون أنها الملائكة فأحرق الصنم ووجد في أذنه نيفا وثلاثين حلقة فسألهم محمود عن تلك الحلق فقالوا كل حلقة عبادة ألف سنة كلما عبدوه ألف سنة علقوا في أذنه حلقة ولهم فيه أخبار طويلة ( 410 )
4 - الحاكم بأمر الله أبو علي منصور بن عبد العزيز نزار بن المعز العبيدي
صاحب مصر والشام والحجاز والمغرب فقد في شوال وله ست وثلاثون سنة قتلته أخته ست الملك بعد أن كتب إليها ما أوحشها وخوفها واتهمها بالزنا فدست من قتله وهو طليب بن دواس المتهم بها ولم يوجد من جسده شيء وأقامت بعده ولده ثم قتلت طليبا وكل من اطلع على أمر أخيها وكان الحاكم شيطانا مريدا خبيث النفس متلون الاعتقاد سمحا جوادا سفاكا للدماء قتل عددا كثيرا من كبراء دولته صبرا وأمر بشتم الصحابة وكتبه على أبواب المساجد وأمر بقتل الكلاب حتى لم يبق في مملكته منها إلا القليل وأبطل الفقاع والملوخية والسمك الذي لافلوس له وأتى بمن باع ذلك سرا فقتلهم ونهى عن بيع الرطب ثم جمع منه شيئا عظيما وحرقه وأباد أكثر الكروم وشدد في الخمر وألزم الذمة بحمل الصلبان والقرامى في أعناقهم كما قدمناه وأمرهم بلبس العمائم السود وهدم الكنائس ونهى عن تقبيل الأرض له ديانة منه وأمر بالسلام فقط وأمر الفقهاء ببث ذلك واتخذ له مالكيين يفقهانه ثم ذبحهما صبرا ثم نفى المنجمين من بلاده وحرم على النساء الخروج فما زلن ممنوعات سبع سنين وسبعة أشهر حتى قتل ثم تزهد وتأله ولبس الصوف وبقي يركب حمارا ويمر وحده في الأسواق ويقيم الحسبة بنفسه ويقال أنه أراد يدعى الآلهية كفرعون وشرع في ذلك فخوفه خواصه من زوال دولته فانتهى وكان المسلمون والذمة في ويل وبلاء شديد معه ( 411 )
5 - تقدم بعض الباطنية من المصريين فضرب الحجر الأسود بدبوس ثلاث مرات وقال إلى متى يعبد الحجر ولا محمد ولا علي أفيمنعني محمد مما أفعله فإني اليوم أهدم هذا البيت فاتقاه أكثر الحاضرين وكاد يفلت وكان أحمر أشقر جسيما طويلا وكان على باب المسجد عشرة فوارس ينصرونه فاحتسب رجل فوجأه بخنجر ثم تكاثروا عليه فهلك وأحرق وقتل جماعة ممن اتهم بمعاونته واختبط الوفد ومال الناس على ركب المصريين بالنهب وتخشن وجه الحجر وتساقط منه شظايا يسيرة وتشقق وظهر مكسوره أسمر يضرب إلى صفرة محببا مثل حب الخشخاش فعجن الفتات بالمسك واللك وحشيت الشقوق وطليت فهو يبين لمن تأمله ( 413 )
6 - المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان البغدادي الكرخي ويعرف أيضا بابن المعلم عالم الشيعة وإمام الرافضة وصاحب التصانيف الكثيرة قال ابن أبي طي في تاريخ الإمامية هو شيخ مشايخ الصوفية ولسان الإمامية رئيس الكلام والفقه والجدل وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهية قال وكان كثير الصدقات عظيم الخشوع كثير الصلاة والصوم حسن اللباس وقال غيره كان عضد الدولة ربما زار الشيخ المفيد وكان شيخا ربعة نحيفا أسمر عاش ستا وسبعين سنة وله أكثر من مائتي مصنف كانت جنازته مشهورة شيعه ثمانون ألفا من الرافضة والشيعة وأراح الله منه وكان موته في رمضان ( 413)
7 - السلطان محمود بن سبكتكين سيف الدولة أبو القسم بن الأمير ناصر الدولة أبي منصور كان أبوه أميرا للغزاة الذين يغيرون من بلاد ما وراء النهر على أطراف الهند فأخذ عدة حصون وقلاع وافتتح ناحية بست وكان كراميا وأما محمود فافتتح غزنة ثم بلاد ما وراء النهر ثم استولى على سائر خراسان وعظم ملكه ودانت له الأمم وفرض على نفسه غزو الهند كل سنة فافتتح منه بلادا واسعة وكان ذا عزم وصدق في الجهاد قال عبد الغافر الفارسي كان صادق النية في إعلاء كلمة الله تعالى مظفرا في غزواته ما خلت سنة من سني ملكه عن غزوة أو سفرة وكان ذكيا بعيد الغور موفق الرأي وكان مجلسه مورد العلماء
وذكر شيخنا ابن الأثير في تاريخه أن بعض الملوك بقلاع الهند أهدى له هدايا كثيرة من جملتها طائر على هيئة القمري من خاصيته انه إذا حضر الطعام وفيه سم دمعت عيناه وجرى منها ماء وتحجر فإذا حل ووضع على الجراحات الواسعة ألحمها وذلك في سنة أربع عشرة وأربعمائة وذكر أمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك الجويني في كتابه الذي سماه مغيث الخلق في اختيار الأحق أن السطان محمود المذكور كان على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه وكان مولعا بعلم الحديث وكانوا يسمعون الحديث من الشيوخ بين يديه وهو يسمع وكان يستفسر الأحاديث فوجد أكثرها موافقا لمذهب الشافعي رضي الله عنه فوقع في خلده حكمة ذلك فصار شافعيا وذكر قصة القفال في الصلاة بين يديه على كل من المذهبين وبالجملة فمناقبه كثيرة وسيرته أحسن السير ومولده ليلة عاشوراء سنة إحدى وستين وثلثمائة وتوفي بغرنة وقبره بها يزار ويدعى عنده وقد صنف في حركاته وسكناته وأحواله لحظة لحظة رحمه الله تعالى وتوفي في جمادي الأولى ( 421 )
8 - توفي القادر بالله الخليفة أبو العباس أحمد بن الأمير اسحق بن المقتدر جعفر بن المعتضد العباسي توفي ليلة الحادي عشر من ذي الحجة وله سبع وثمانون سنة وكانت خلافته إحدى ورأبعين سنة وثلاثة أشهر وكان أبيض كث اللحية طويلها يخضب شيبه قال الخطيب كان من الديانة وأدامة التهجيد وكثرة الصدقات على صفة اشتهرت عنه صنف كتابا في الأصول فيه فضل الصحابة رضي الله عنهم وتكفير المعتزلة القائلين بخلق القرآن فكان يقرأ كل جمعة ويحضره الناس مدة وقال أبو الحسن الأبهري أرسلني بهاء الدولة إلى القادر بالله فسمعته ينشد
سبق القضاء بكل ما هو كائن @@@ والله يا هذا لرزقك ضامن
تعنى بما يفنى وتترك ما به @@@ تغنى كأنك للحوادث آمن
أو ما ترى الدنيا ومصرع أهلها @@@ فاعمل ليوم فراقها يا خائن
واعلم بأنك لا أبالك في الذى @@@ أصبحت تجمعه لغيرك خازن
يا عامر الدنيا أتعمر منزلا @@@ لم يبق فيه مع المنية ساكن
الموت شيء أنت تعلم أنه @@@ حق وأنت بذكره متهاون
أن المنية لا تؤامر من أتت @@@ في نفسه يوما ولا تستأذن
فقلت الحمد الله الذي وفق أمير المؤمنين لإنشاد مثل هذه الأبيات فقال بل لله المنة إذا ألهمنا لذكره ووفقنا لشكره ألم تسمع قول الحسن البصري في أهل المعاصي هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم ( 422 )
9 - وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء قال الذهبي كان في هذا العصر رأس الأشعرية أبو إسحاق الإسفراييني ورأس والمعتزلة القاضي عبد الجبار ورأس الرافضة الشيخ المفيد ورأس الكرامية محمد بن الهيصم ورأس القراء أبو الحسن الحمامى ورأس المحدثين الحافظ عبد الغني بن سعيد ورأس الصوفية أبو عبد الرحمن السلمى ورأس الشعراء أبو عمر ابن دراج ورأس المجودين ابن البواب ورأس الملوك السلطان محمود بن سبكتكين قلت ويضم إلى هذا رأس الزنادقة الحاكم بأمر الله ورأس اللغويين الجوهري ورأس النجاة ابن جني ورأس البلغاء البديع ورأس الخطباء ابن نباتة ورأس المفسرين أبو القاسم بن حبيب النيسابوري ورأس الخلفاء القادر فإنه من أعلامهم تفقه وصنف وناهيك بأن الشيخ تقي الدين بن الصلاح عدة من الفقهاء الشافعية وأورده في طبقاتهم ومدته في الخلافة من أطول المدد . ( 422 )
10 - اشتد الخطب ببغداد بأمر الحرامية وأخذوا أموال الناس عيانا وقتلوا صاحب الشرطة وأخذوت لتاجر ما قيمته عشرة آلاف ديناروبقي الناس لا يجسرون إن يقولوا فعل البرجمي فوفا منه بل يقولوا عنه القائد أبو علي وإشتهر عنه إنه لا يتعرض لامرأة ولا يدع أحدا يأخذ شيئا عليها ( 424 )
11 - قويت شوكة الغز وتملك بنو سلجوق خراسان وأخذوا البلاد من السلطان مسعود ( 430 )
12 - لقب أبو منصور بن السلطان جلال الدولة بالملك العزيز وهو أول من لقب بهذا النوع من ألقاب ملوك زماننا
( 430 )
13 - أبو القاسم المعتمد بن عباد القاضي محمد بن إسمعيل بن عباد بن قريش اللخمي الإشبيلي الذي ملكه أهل اشبيلية عليهم عند ما قصدهم الظالم يحيى بن علي الادريسي الملقب بالمستعلي وكانت لصاحب الترجمة اخبار ومناقب وسيرة عالية قال ابن خلكان كان المعتمد المذكور صاحب قرطبة واشبيلية وما والاهما من جزيرة الأندلس وفيه وفي أبيه المعتضد يقول بعض الشعراء
من نبي المنذرين وهو انتساب @@@ زاد في فخره بنو عباد
فتيه لم تلد سواها المعالي @@@ والمعالي قليلة الأولاد
وكان من بلاد الشرق من أهل العريش المدينة القديمة الفاصلة بين الشام ومصر في أول الرمل من جهة الشام فتوجه به أبوه إلى المغرب فاستوطناقرية تومين من إقليم طشاتة من ارض اشبيلية ومحمد هذا أول من نبغ في تلك البلاد وتقدم بإشبيلية إلى أن ولى القضاء بها فأحسن السياسة مع الرعية وتلطف بهم فومقته القلوب وكان يحيى المستعلي صاحب قرطبة مذموم السيرة فتوجه إلى إشبيلية محاصرا لها فلما نزل عليها اجتمع رؤساء إشبيلية وأعيانها وأتو القاضي محمد المذكور وقالوا له ترى ما حل بنا من هذا الظالم وما أفسد من أموال الناس فقم بنا نخرج إليه ونملكك ونجعل الأمر لك ففعل ووثبوا علي يحيى فركب إليهم وهو سكران فقتل وتم الأمر لمحمد ثم ملك وبعد ذلك قرطبة وغيرها ثم قيل له بعد تملكه واستيلائه على البلاد أن هشام بن الحكم في مسجد بقلعة رباح فأرسل إليه من أحضره وفوض الأمر إليه وجعل نفسه كالوزير بين يديه وفي هذه الواقعة يقول الحافظ أبو محمد بن حزم الظاهري في كتابه نقط العروس أعجوبة لم يقع في الدهر مثلها فإنه ظهر رجل يقال له خلف الحضري بعد نيف وعشرين سنة من موت هشام بن الحكم المنعوت بالمؤيد وادعي انه هشام فبويع وخطب له على جميع منابر الأندلس في أوقات شتى وسفك الدماء وتصادمت الجيوش في أمره وأقام المدعي أنه هشام نيفا وعشرين سنة والقاضي محمد بن إسمعيل في رتبة الوزير بين يديه والأمر إليه ولم يزل كذلك إلى أن توفي المدعو هشام فاستبد القاضي محمد بالأمر بعده وكان من أهل العلم والأدب والمعرفة التامة بتدبير الدول ولم يزل ملكا مستقلا إلى أن توفي يوم الأحد تاسع عشرى جمادى الأولى ودفن بقصر إشبيلية وقيل أنه عاش إلى قريب خمسين وأربعمائة واختلف أيضا في مبدأ استيلائه فقيل سنة أربع عشرة وهو الذي ذكره العماد الكاتب في الخريدة وقيل سنة أربع وعشرين ولما مات محمد القاضي قام مقامه ولده المعتضد بالله عباد ( 433 )
14 - استولى طغرلبك السلجوقي على الري وخسر بها عسكره بالقتل والنهب حتى لم يبق بها إلا نحو ثلاثة آلاف نفس وجاءت رسل طغر لبك إلى بغداد فأرسل القاضي الماوردي إليه بذم مما صنع في البلاد ويأمره بالإحسان إلى الرعية فتلقاه طغر لبك واحترمه إجلالا لرسالة الخليفة ( 435 )
15 - توفي أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور أمير قرطبة ورئيسها وصاحبها ساس البلد أحسن سياسة وكان من رجال الدهر حزما وعزما ودعاء ورأيا ولم يتسم بالملك وقال أنا أدبر الناس إلى أن يقوم لهم من يصلح فجعل ارتفاع الأموال بأيدي الاكابر وديعة وصير العوام جندا وأعطاهم أموالا مضاربة وقرر عليهم السلاح والعدة وكان يشهد الجنائز ويعوج المرضي وهو بزي الصالحين لم يتحول من داره الى دار السلطنة وتوفي في المحرم عن إحدى وسبعين سنة وولى بعده ابنه أبو الوليد ( 435 )
16 - الشريف المرتضى نقيب الطالبيين وشيخ الشيعة ورئيسهم بالعراق أبو طالب علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن زين العابدين بن الحسين ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه الحسيني الموسوى وله إحدى وثمانون سنة وكان إماما في التشيع والكلام والشعر والبلاغة كثير التصانيف متبحرا في فنون العلم أخذ عن الشيخ المفيد وروى الحديث عن سهل الديباجي الكذاب وولى النقابة بعده ابن أخيه عدنان بن الشريف الرضي قال ابن خلكان كان إماما في علم الكلام والشعر والأدب وله تصانيف على مذهب الشيعة ومقالة في أصول الدين وله ديوان شعر إذا وصف الطيف أجاد فيه وقد أستعمله
كثير من المواضع
وقد اختلف الناس في كتاب نهج البلاغة المجموع من كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه هل هو جمعه أم جمع أخيه الرضى وقد قيل انه ليس من كلام علي وإنما الذي جمعه ونسبه إليه هو الذي وضعه والله أعلم وله الكتاب الذي سماه الدرر والغرر وهو في مجالس أملاها تشتمل على فنون في معاني الأدب تكلم فيها على النحو واللغة وغير ذلك وهو كتاب ممتع يدل على فضل كثير وتوسع في الاطلاع على العلوم ( 436 )
17 - أقام المعز بن باديس الدعوة بالمغرب للقائم بأمر الله العباسي وخلع طاعة المستنصر العبيدي فبعث المستنصر جيشا من العرب يحاربونه فذلك أول دخول العربان إلى إفريقية وهم بنو رياح وبنو زغبة وتمت لهم أمور يطول شرحها ( 440 )
18 - المعز بن باديس بن منصور بن بلكين الحميري الصنهاجي صاحب المغرب وكان الحاكم العبيدي قد لقبه شرف الدولة وأرسل له الخلعة والتقليد في سنة سبع وأربعمائة وله تسعة أعوام وكان ملكا جليلا عالي الهمة محبا للعلماء جوادا ممدحا أصيلا في الامرة حسن الديانة حمل أهل مملكته على الاشتغال بمذهب مالك وخلع طاعة العبيديين في أثناء أيامه وخطب لخليفة العراق فجهز المستنصر لحربه جيشا وطال حربهم له وخربوا حصون برقة وافرايقية وتوفي في شعبان بالبرص وله ست وخمسون سنة قاله في العبر وقال ابن خلكان كان واسطة عقد أهل بيته وكانت حضرته محط الآمال وكان مذهب أي حنيفة رضي الله عنه بأفريقية أظهر المذاهب فحمل المعز المذكور جميع أهل المغرب على التمسك بمذهب مالك بن أنس رضي الله عنه وحسم مادة الخلاف في المذاهب واستمر الحال في ذلك إلى الآن ( 454 )
19 - دخل السلطان أبو طالب محمد بن ميكال سلطان الغز المعروف بطغرلبك بغداد
قال في العبر وهو أول ملوك السلجوقية وأصلهم من أعمال بخارا وهم أهل عمود أول ما ملك هذا الري ثم نيسابور ثم أخذ أخوه داود بلخ وغيرهما واقتسما الممالك وملك طغرلبك العراق وقمع الرافضة وزال به شعارهم وكان عادلا في الجملة حليما كريما محافظا على الصلوات يصوم الخميس والاثنين ويعمر المساجد ودخل بابنة القائم وله سبعون سنة وعاش عقيما ما بشر بولد ومات بالري
وأقيم في السلطنة بعده ابن أخيه عضد الدولة الب أرسلان صاحب خراسان وبعث إليه القائم بالخلع والتقليد قال الذهبي هو أول من ذكر بالسلطان على منابر بغداد وبلغ ما لم يبلغه أحد من الملوك وافتتح بلادا كثيرة من بلاد النصاري واستوزر نظام الملك فأبطل ما كان عليه الوزير قبله عميد الملك من سب الأشعرية فانتصر للشافعية وأكرم إمام الحرمين وأبا القسم القشيري وبنى النظامية قيل وهي أول مدرسة بنيت للفقهاء
وطغرلبك بضم الطاء المهملة وسكون الغين المعجمة وضم الراء وسكون اللام وفتح الموحدة وبعدها كاف هو اسم تركي مركب من طغرل وهو بلغة الترك اسم علم لطائر معروف عندهم وبه سمى الرجل وبك معناه أمير ( 455 )
20 - ولما قام بالمملكة ألب أرسلان أقرالوزير عميد الملك أبو نصر محمد بن منصور الكندري على حاله وزاد في إكرامه ورتبته ثم أنه سيره إلى خوارزم شاه ليخطب له ابنته فارجف اعداؤه انه خطبها لنفسه وشاع ذلك بين الناس فبلغ عميد الملك الخبر فخاف تغير قلب مخدومه عليه فعمد إلى لحيته فحلقها والى مذاكيره فجبها فكان ذلك سبب سلامته من ألب أرسلان وقيل أن السلطان خصاه ثم أن الب ارسلان عزله ونقله إلى مرو الروذ وحبسه في دار وكان في حجرة تلك الدار عياله وكانت له بنت واحدة لا غير فلما احس بالقتل دخل الحجرة وأخرج كفنه وودع عياله وأغلق باب الحجرة وأغتسل وصلى ركعتين وأعطى الذي هم بقتله مائة دينار نيسابورية وقال حقي عليك أن تكفنني في هذا الثوب الذي غسلته بماء زمزم وقال لجلاده قل للوزير نظام الملك بئس ما فعلت علمت الأتراك قتل الوزراء وأصحاب الديوان ومن حفر مهواة وقع فيها ومن سن سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ورضى بقضاء الله المحتوم وقتل يوم الأربعاء سادس عشرى ذي الحجة وعمره يومئذ نيف وأربعون سنة ومن العجائب انه دفنت مذاكيره بخوارزم وأريق دمه بمرو الروذ ودفن جسده بقرية كندر وجمجمته ودماغه بنيسابور وحشيت جثته بالتبن ونقلت إلى كرمان وفي ذلك عبرة لمن اعتبروا كندر قرية من قرى طرثيث من نواحي نيسابور ( 456 )
21 - خرج أرمانوس الرومي في مائتي ألف فارس من الروم والفرنج والكرج بالزاي والجيم وأرسل إليه السلطان ألب أرسلان يريد المهادنة فأبى فاستعد للشهادة وعهد إلى ولده ملكشاه ثم حمل عليهم في خمسة عشر ألف فارس فأعطاه الله النصر وقتل ما لا يحصى وأسر كثيرا وجيء بملكهم إلى بين يديه فضربه بيده ثم فاداه بألف ألف وخمسمائه الف دينار وبكل اسير معهم من المسلمين ولما اطلقه خلع عليه وهادنه خمسين سنة وزوده عشرة آلاف دينار ( 463 )



22 - المعتضد بالله أبو عمرو عباد بن القاضي محمد بن اسمعيل بن عباد اللخمي صاحب إشبيلية ولى بعد أبيه وكان شهما مهيبا صارما ذا هيبة مقداما جرى على سنن أبيه ثم تلقب بأمير المؤمنين وقتل جماعة صبرا وصادر آخرين ودانت له الملوك
وأخبار المعتضد في جميع انحائه وضروب أفعاله بديعة وكان ذا كلف بالنساء فاستوسع في اتخاذهن وخلط في أجناسهن فانتهى في ذلك إلى مدى لم يبلغه أحد من نظرائه ففشا نسله لتوسعته في النكاح وقوته عليه فذكر انه كان له من الولد نحو العشرين ذكورا ومن الإناث مثلهم
ولم يزل في عز سلطانه واغتنام مساره حتى أصابته علة الذبحة فلم تطل مدتها ولما أحس بتداني حمامه استدعى مغنيا يغنيه ليجعل ما يبدأ به فألا فأول ما غنى
نطوي الليالي علما أن ستطوينا @@@ فشعشعيها بماء المزن واسقينا
فتطير من ذلك ولم يعش بعده سوى خمسة أيام وقبل انه ما غنى منها إلا خمسة أبيات . ( 464 )
23 - قتل أبو شجاع محمد بن جغريبك داود بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق الملقب عضد الدولة ألب أرسلان وهو ابن أخي السلطان طغرلبك وتقدم ذكره واستولى ألب أرسلان على الممالك بعد عمه طغرلبك وعظمت مملكته ورهبت سطوته وفتح من البلاد ما لم يكن لعمه مع سعة ملك عمه فقصد هذا بلاد الشام فانتهى إلى مدينة حلب وصاحبها يومئذ محمود بن نصر بن صالح بن برداس الكلابي فحاصره مدة ثم جرت المصالحة بينهما فقال ألب أرسلان لا بد له من دوس بساطى فخرج إليه محمود ذليلا ومعه أمه فتلقاهما بالجميل وخلع عليهما وأعادهما إلى البلد ورحل عنهما قال المأموني في تاريخه قيل انه لم يعبر الفرات في قديم الزمان ولا حديثه في الإسلام ملك تركي قبل ألب أرسلان فانه أول من عبرها من ملوك الترك
وكانت ولادته سنة أربع وعشرين وأربعمائة وكانت مدة مملكته تسع سنين واشهر ونقل إلى مرو ودفن عند قبر أبيه داود وعمه طغرلبك ولم يدخل بغداد ولا رآها مع إنها كانت داخلة في مملكته وهو الذي بنى على قبر الأمام أبي حنيفة رضي الله عنه القبة وبني ببغداد مدرسة أنفق عليها أموالا عظيمة وألب أرسلان بفتح الهمزة وسكون اللام وبعدها باء موحدة اسم تركي معناه شجاع أسد فالب شجاع وأرسلان أسد وقال في العبر كان ألب أرسلان في آخر دولته من أعدل الناس وأحسنهم سيرة وأرغبهم في الجهاد وفي نصر الإسلام وكان أهل سمر قند قد خافوه وابتهلوا إلى الله وقرأوا الختم ليكفيهم أمر ألب أرسلان فكفوا ( 465 )
24 - عمل السلطان ملكشاه الرصد وانفق عليه أموالا عظيمة قال
السيوطي فيها جمع نظام الملك المنجمين وجعلوا النيروز أول نقطة من الحمل وكان قبل ذلك عند دخول الشمس نصف الحوت وصار ما فعله النظام مبدأ التقاويم ( 467 )
25 - القائم بأمر الله أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله أحمد بن اسحق بن المقتدر العباسي توفي في شعبان وله ست وسبعون سنة وبقى في الخلافة أربعا وأربعين سنة وتسعة أشهر وأمه أرمنية كان ابيض مليح الوجه مشربا حمرة ورعا دينا كثير الصدقة له علم وفضل من خير الخلائف ولا سيما بعد عوده إلى الخلافة في نوبة البساسيري فأنه صار يكثر الصيام والتجهد غسله الشريف أبو جعفر بن أبي موسى شيخ الحنابلة وبويع حفيده المقتدي بأمر الله عبد الله بن محمد بن القائم ( 467 )
26 - أبو الحسن علي بن محمد الصليحي القائم باليمن كان أبوه قاضيا باليمن سيء العقيدة وكان الداعي عامر بن عبد الله الرواحي يتردد إليه لرياسته وصلاحه فاستمال الداعي ولده المذكور وهو دون البلوغ قيل انه رأى حليته في كتاب الصور وتنقل حاله وما يؤول إليه وهو عندهم من الذخائر القديمة المظنونة فاطلعه على ذلك وكتمه عن أبيه وأهله ومات الرواحي على القرب من ذلك وأوصى له بكتبه فعكف على درسها مع فطنته فلم يبلغ الحلم حتى تضلع من علوم الباطنية الضلالية الأوهامية الإسمعيلية متبصرا في علم التأويل المخالف لمفهوم التنزيل وكان قد قام بالدعوة الباطنية قبل الصليحي علي بن فضل من ولد جنفر بن سبأ سنة سبعين ومائتين وملك تهامة وجبالها وطرد الناصر بن الهادي ( 474 )
27 - عزم أهل حران وقاضيهم ابن جلبة الحنبلي على تسليم حران إلى جنق أمير التركمان لكونه سنيا وعصوا على مسلم بن قريش صاحب الموصل لكونه رافضيا ولكونه مشغولا بمحاصرة دمشق مع المصريين كانوا يحاصرون بها تاج الدولة تتش فأسرع إلى حران ورماها بالمجانيق وأخذها وذبح القاضي وولديه رحمهم الله تعالى ( 476 )
28 - أخذ الأذفونش لعنه الله مدينة طليطلة من الأندلس بعد حصار سبع سنين فطغى وتمرد وحملت إليه ملوك الأندلس الضريبة حتى المعتمد بن عباد ثم استعان المعتمد على حربه بالملثمين وأدخلهم الأندلس ( 478 )
29 - أبو علي بن الوليد شيخ المعتزلة محمد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن الوليد الكرخي وله اثنتان وثمانون سنة أخذ عن أبي الحسين البصري وغيره وبه انحرف ابن عقيل عن السنة قليلا وكان ذا زاهد وورع وقناعة وتعبد وله عدة تصانيف ولما افتقر جعل ينقض داره ويبيع خشبها ويتقوت وكانت من حسان الدور ببغداد ( 478 )
30 - كانت وقعة الزلاقة بين الأدفونش والمعتمد بن عباد ومعه الملثمون فأتوا الزلاقة من عمل بطليوس فالتقى الجمعان فوقعت الهزيمة على الملاعين وكانت ملحمة عظيمة في أول جمعة من رمضان وجرح المعتمد عدة جراحات سليمة وطابت للملثمين فعمل أميرهم ابن تاشفين على ملكها ( 479 )
31 - أعيدت الخطبة العباسية بالحرمين وقطعت خطبة العبيديين ( 479 )
32 - أرسل يوسف بن تاشفين صاحب سبتة ومراكش إلى المعتمد أن يسلطنه وان يقلده ما بيده من البلاد فبعث إليه الخلع والاعلام والتقليد ولقبه بأمير المؤمنين ففرح بذلك وسربه فقهاء المغرب وهو الذي انشأ مدينة مراكش ( 479 )
33 - كانت فتنة هائلة لم يسمع بمثلها بين السنة والرافضة وقتل بينهم عدد كثير وعجز والى البلد واستظهرت السنة بكثرة من معهم من أعوان الخليفة واستكانت الشيعة وذلوا ولزموا التقية وأجابوا إلى أن كتبوا على مساجد الكرخ خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ( 483 )
34 - نظام الملك الوزير أبو علي الحسن بن علي بن اسحق الطوسي قوام الدين كان من جلة الوزراء ذكره ابن السمعاني فقال كعبة المجد ومنبع الجود وكان مجلسه عامرا بالقراء والفقهاء أنشأ المدارس بالأمصار ورغب في العلم وأملى وحدث عاش ثمانيا وسبعين سنة أتاه شاب صوفي الشكل من الباطنية ليلة عاشر رمضان فناوله قصة ثم ضربه بسكين في صدره فقضى عليه فيقال أن ملكشاه دس عليه هذا والله أعلم
وكان إذا سمع الاذان امسك عن جميع ما هو فيه وكان إذا قدم عليه إمام الحرمين والإمام القشيري بالغ في اكرامهما وأجلسهما في مستنده وبنى المساجد والربط وهو أول من أنشأ المدارس فاقتدى الناس به وسمع نظام الملك الحديث وأسمعه وكان يقول أني أعلم أني لست أهلا لذلك ولكني أريد اربط نفسي في قطار النقلة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويروي له من الشعر قوله
بعد الثمانين ليس قوة @@@ قد ذهبت شرة الصبوة
كأنني والعصا بكفى @@@ موسى ولكن بلا نبوة ( 485 )
35 - السلطان ملكشاه أبو الفتح جلال الدولة بن السلطان ألب أرسلان محمد بن داود السلجوقي التركي تملك بلاد ما وراء النهر وبلاد الهياطلة وبلاد الروم والجزيرة والشام والعراق وخراسان وغير ذلك قال في العبر ملك من مدينة كاشغر الترك إلى بيت المقدس طولا ومن القسطنطينية وبلاد الخزر إلى نهر الهند عرضا وكان حسن السيرة محسنا إلى الرعية وكانوا يلقبونه بالسلطان العادل وكان ذا غرام بالعمائر والصيد مات في شوال بعد وزيره النظام بشهر فقيل انه سم في خلال ونقل في تابوت فدفن بأصبهان في مدرسة كبيرة له ( 485 )
36 - المقتدى بالله أبو القاسم عبد الله بن الأمير ذخيرة الدين محمد بن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله احمد بن الأمير اسحق بن المقتدر العباسي بويع بالخلافة بعد جده في ثالث عشر شعبان سنة سبع وستين وله تسع عشرة سنة وثلاثة اشهر قال السيوطي في تاريخ الخلفاء مات أبوه في حياة القائم وهو حمل فولد بعد وفاة أبيه بستة اشهر وأمه أم ولد اسمها ارجوان وبويع له بالخلافة عند موت جده وكانت البيعة بحضرة الشيخ أبي اسحق الشيرازي وابن الصباغ والدامغاني وظهر في أيامه خيرات كثيرة وآثار حسنة في البلدان وكانت قواعد الخلافة في أيامه باهرة وافرة الحرمة بخلاف من تقدمه ومن محاسنه انه نفى المغنيات والحواظي ببغداد وأمر أن لا يدخل أحد الحمام إلا بمئزر وخرب ابراج الحمام صيانة لحرم الناس وكان دينا خيرا قوى النفس عالي الهمة من نجباء بني العباس ( 487 )
37 - المستنصر بالله أبو تميم معد بن الظاهر علي بن الحاكم بأمر الله منصور ابن العزيز بن المعز العبيدي الرافضي صاحب مصر وكانت أيامه ستين سنة وأربعة أشهر وقد خطب له ببغداد في سنة إحدى وخمسين ومات في ذي الحجة عن ثمان وستين سنة وبويع بعده ابنه المستعلى
وقال ابن خلكان اتفق للمستنصر هذا أمور لم تتفق لغيره وسردها منها انه أقام في الأمر سنين سنة وهذا شيء لم يبلغه أحد من أهل بيته ولا من بني العباس ومنها انه ولى وهوابن سبع سنين ومنها انه حدث في أيامه الغلاء العظيم الذي ما عهد مثله منذ زمان يوسف عليه السلام وأقام سبع سنين وأكل الناس بعضهم بعضا وكانت ولادته صبيحة يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الآخرة سنة عشرين وأربعمائة وتوفي في ليلة الخميس ثامن عشر ذي الحجة وهذه الليلة تسمى عيد الغدير أعني غدير خم بضم الخاء المعجمة وتشديد الميم اسم مكان
بين مكة والمدينة فيه غدير ماء يقال انه غيض هناك فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ووصل إلى هذا المكان وآخى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال صلى الله عليه وسلم على منى كهرون من موسى اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وللشيعة فيه تعلق كبير وهذا المكان موصوف بكثرة الوخامة وشدة الحمى
( 487 )
38 - أبو يوسف القزويني عبد السلام بن محمد بن يوسف بن بندار شيخ المعتزلة وصاحب التفسير الكبير الذي هو أزيد من ثلثمائة مجلد درس الكلام علي القاضي عبد الجبار بالري وسمع منه ومن أبي عمر بن مهدي الفارسي وتنقل في البلاد ودخل مصر وكان صاحب كتب كثيرة وذكاء مفرط وتبحر في المعارف وإطلاع كثير إلا انه كان داعية إلى الاعتزال مات في ذي القعدة وله خمس وتسعون سنة وأشهر ( 488 )
39 - المعتمد على الله أبو القاسم محمد بن المعتضد عباد بن القاضي محمد بن اسمعيل اللخمي الاندلسي صاحب الأندلس كان ملكا جليلا وعالما ذكيا وشاعرا محسنا وبطلا شجاعا وجوادا ممدحا كان بابه محط الرحال وكعبة الآمال وشعره في الذروة العليا ملك من الأندلس من المدائن والحصون والمعاقل مائه وثلاثين سورا وبقى في المملكة نيفا وعشرين سنة وقبض عليه أمير المسلمين ابن تاشفين لما قهره وغلب على ممالكه وسجنه بأغمات حتى مات في شوال بعد أربع وستين سنة وخلع من ملكه عن ثمانمائة سرية ومائة وسبعين ولدا وكان راتبه في اليوم ثمانمائة رطل لحم قاله جميعه في العبر وقال ابن خلكان جعل خواص الأمير يوسف بن تاشفين يعظمون عنده بلاد الأندلس لأنهم كانوا بمراكش وهي بلاد بربر وأجلاف العربان فجعلوا يحسنون له أخذ الأندلس ويوغرون قلبه على المعتمد بأشياء نقلوها عنه فتغير عليه وقصده فلما انتهى إلى سبتة جهز إليه العساكر وقدم عليها سيرين بن أبي بكر الاندلسي فوصل إلى إشبيلية وبها المعتمد فحاصره أشد محاصرة وظهر من مصابرة المعتمد وشدة بأشه وتراميه على الموت بنفسه ما لم يسمع بمثله والناس بالبلد قد استولى عليهم الفزع وخامرهم الجزع يقطعون سبلها سياحه ويخوضون نهرها سباحه ويترامون من شرفات الأسوار فلما كان يوم الأحد عشرى رجب سنة أربع وثمانين هجم عسكر الأمير يوسف البلد وشنوا فيه الغارات ولم يتركوا لأحد شيئا وخرج الناس من منازلهم يسترون عوراتهم بأيديهم وقبض على المعتمد وأهله
ولما أخذ المعتمد قيدوه من ساعته وجعل مع أهله في سفينة قال ابن خاقان في قلائد العقيان ثم جمع هو وأهله وحملتهم الجواري المنشآت وضمتهم كأنهم أموات بعد ما ضاق عنهم القصر وراق منهم العصر والناس قد حشروا بضفتي الوادي وبكوا بدموع الغوادي فساروا والنوح يحدهم والبوح باللوعة لا يحدوهم وفي ذلك يقول ابن اللبانة
تبكي السماء بدمع رائحٍ غادي @@@ على البهاليل من أبناء عباد
يا ضيف أقفر بيت المكرمات فخذ @@@ في ضم رحلك واجمع فضلة الزاد
وقال في هذه الحال وصفتها ابن حمد يس الصقلي
ولما رحلتم بالندى في أكفكم @@@ وقلقل رضوى منكم وثبير
رفعت لساني بالقيامة قد دنت @@@ فهذي الجبال الراسيات تسير
وتألم المعتمد يوما من قيده وضيقه وثقله فأنشد
تبدلت من ظل عز البنود @@@ بذل الحديد وثقل القيود
وكان حديدي سنانا ذليقا @@@ وعضبا رقيقا صقيل الحديد
وقد صاز ذاك وذا أدهما @@@ يعضعض ساقي عض الأسود
ثم انهم حملوه إلى الأمير يوسف بمراكش فأمر بإرسال المعتمد إلى مدينة اغمات واعتقله بها فلم يخرج إلى الممات
وفي اعتقاله يقول أبو بكر الداني قصيدته المشورة التي أولها
لكل شيء من الاشياء ميقات @@@ وللمنى من مناياهن غايات
والدهر في صبغة الحرباء منغمس @@@ ألوان حالاته فيها استحالات
ونحن من لعب الشطرنج في يده@@@ وربما قمرت بالبيدق الشاة
انفض يديك من الدنيا وساكنها @@@ فالأرض قد اقفرت والناس قد ماتوا
وقل لعالمها الأرضي قد كتمت @@@ سريرة العالم العلوي أغمات
وهي طويلة ودخل عليه يوما بناته السجن وكان يوم عيد وكن يغزلن للناس بالأجرة في أغمات حتى أن أحداهن غزلت لبيت صاحب الشرطة الذي كان في خدمة أبيها وهو في سلطانه فرآهن في إطماررثة وحالة سيئة فصدعن قلبه وأنشد
فيما مضى كنت بالأعياد مسروراً @@@ فساءك العيد في أغمات مأسوراً
ترى بناتك في الاطمار جائعة @@@ يغزلن للناس لا يملكن قمطيرا
برزن نحوك للتسليم خاشعة @@@ أبصارهن حسيرات مكاسيرا
يطأن في الطين والأقدام حافية @@@ كأنها تطأ مسكا وكافورا
ومنها
قد كان دهرك أن تأمره ممتثلا @@@ فردك الدهر منهيا ومأمورا
من بات بعدك في دهر يسر به @@@ فإنما بات بالأحلام مغرورا
وله
قالت لقد هِنّا هُنَا @@@ مولاي أين جاهنا
قلت لها إلى هنا @@@ صيرنا إلهنا
وأشعار المعتمد وأشعار الناس فيه كثيرة وكانت ولادته في ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة بمدينة باجة من بلاد الأندلس وملك بعد وفاة أبيه هناك وتوفي في السجن باغمات حادي عشر شوال وقيل في الحجة رحمه الله ومن النادر الغريب انه نودى في جنازته بالصلاة على الغريب بعد عظم سلطانه وجلالة وشأنه فتبارك من له البقاء والعزة والكبرياء واجتمع عند قبره جماعة من الشعراء الذين كانوا يقصدونه بالمدائح ويجزل لهم المنائح فرثوه بقصائد مطولات وأنشدوها عند قبره وبكوا عليه ( 488 )
40 - انتشرت دعوة الباطنية بأصبهان وأعمالها وقويت شوكتهم وأخذت الفرنج بيت المقدس بكرة الجمعة لسبع بقين من شعبان بعد حصار شهر ونصف قال ابن الأثير قتلت الفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين آلفا وقال ابن الجوزى في الشذور أخذوا من عند الصخرة نيفا وأربعين قنديلا فضة كل قنديل وزنه ثلاثة آلاف وستمائة درهم وأخذوا تنور فضة وزنه أربعون رطلا وأخذوا نيفا وعشرين قنديلا وعشرين قنديلا من ذهب ( 492 )
41 - كثرت الباطنية بالعراق والجبل وزعيمهم الحسن بن صباح فملكوا القلاع وقطعوا السبيل وأهم الناس شأنهم واستفحل أمرهم لاشتغال أولاد ملكشاه بنفوسهم ( 494 )
42 - ظهر بنهاوند رجل ادعى النبوة وكان ساحرا صاحب مخاريق فتبعه خلق وكثرت عليهم الأموال وكان لا يدخر شيئا فأخذ وقتل ولله الحمد ( 499 )
43 - يوسف بن تاشفين أبو يعقوب أمير المسلمين وملك الملثمين وهو الذي اختط مدينة مراكش وكان عظيم الشأن كبير السلطان معتدل القامة أسمر اللون نحيف الجسم خفيف العارضين دقيق الصوت وكان يخطب لبني العباس وهو أول من تسمى بأمير المسلمين ولم يزل على حاله وعزة سلطانه إلى أن توفي يوم الاثنين ثالث محرم هذه السنة وعاش تسعين سنة ملك منها خمسين سنة قال ابن الأثير في تاريخه كان حسن السيرة خيرا عادلا يميل إلى أهل العلم والدين ويكرمهم ويحكمهم في بلاده ويصدر عن رأيهم وكان يحب العفو والصفح عن الذنوب العظام فمن ذلك أن ثلاثة نفر اجتمعوا فتمنى أحدهم ألف دينار يتجر بها وتمنى الآخر زوجته وكانت من أحسن النساء ولها الحكم
في بلاده وتمنى الآخر عملا فبلغه الخبر فأحضرهم وأعطى متمنى المال ألف دينار واستعمل الآخر وقال للذي تمنى زوجته با جاهل ما حملك على هذا الذي لا تصل إليه ثم أرسله إليها فتركته في خيمة ثلاثة أيام يحمل إليه في كلها طعام واحد ثم أحضرته وقالت له ما أكلت في هذه الثلاثة أيام فقال طعاما واحد فقالت كل النساء شيء واحد وأمرت له بمال وكسوة وأطلقته( 500 )



 
 توقيع : الصاعقه



رد مع اقتباس