نادي النصر السعودي شبكة جماهير الوفاء - عرض مشاركة واحدة - الله يعنِّيك يا زولٍ نطحني بايمن السوق ...بالمدّعا حَادِرٍ من يَمْ سوق الجَوْدرِيَّة
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 12-05-2018, 10:37 PM
الصاعقه
عضو ملكي
الصاعقه غير متواجد حالياً
لوني المفضل Orange
 رقم العضوية : 27606
 تاريخ التسجيل : Apr 2014
 فترة الأقامة : 3647 يوم
 أخر زيارة : 03-26-2024 (11:03 PM)
 المشاركات : 98,463 [ + ]
 التقييم : 20634
 معدل التقييم : الصاعقه has a reputation beyond reputeالصاعقه has a reputation beyond reputeالصاعقه has a reputation beyond reputeالصاعقه has a reputation beyond reputeالصاعقه has a reputation beyond reputeالصاعقه has a reputation beyond reputeالصاعقه has a reputation beyond reputeالصاعقه has a reputation beyond reputeالصاعقه has a reputation beyond reputeالصاعقه has a reputation beyond reputeالصاعقه has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
Smoke الله يعنِّيك يا زولٍ نطحني بايمن السوق ...بالمدّعا حَادِرٍ من يَمْ سوق الجَوْدرِيَّة



أحاديث في الأدب الشعبي

الله يعنِّيك يا زولٍ نطحني بايمن السوق...بالمدّعا حَادِرٍ من يَمْ سوق الجَوْدرِيَّة



عبدالرحيم الأحمدي
لذكر المكان درجة من التأثير في النفس عند ما يجئ في أثر شعري، وتتلقاه أذن لا تستأثر به رغم ولعها بترديده، بل تبثه عبر قنوات التلقي والتذكر لدى الإنسان المعني بالمكان، أو الذي يحتفظ بذكرى أثيرة إلى نفسه، ورحاب الحرم الشريف كلها أماكن طرقها حب المكان الآمن من الخوف، المفعم بأرق العواطف وأنبل المشاعر، لا سيما في زمن يملأ النظر الأحداق بما حولها من ألوان الوفود واختلاف اللغى، في تؤدة وتأمل بعيداً عن الازدحام والانشغال بالنفس ألا تدوسها الأقدام، أو تتقاذفها السواعد وتشغلها روائح الأجساد المجهدة، ابتغاء الأجر والثواب في أيام مشهودة. والواقع أن المكان ازداد رحابة وتنظيماً وحف بالتسهيلات، إلا أن الإنسان جبل على الاستعجال والبعد عن الإثرة سعيا وراء الكسب وتلقي الثواب، فلم يساعد على تحقيق المتعة لغيره ممن أجهد نفسه لجمع المال الذي يمكنه من الفوز بورود هذه البقاع، وغادر الوطن والأهل لهذه الغاية، ودفعه الزحام والسباق من أجلها لتغيب الروحانية التي غرست للأمكنة في القلوب منابر تعج بتداعي الذكريات ومشاهد الماضي التي أخذت في الزوال من أجل التسهيلات، حتى لم يعد للأثر القديم أثر يتأمله الباحثون عنه، الذين شدوا الرحال إلى هنا لرؤية ما دون التأريخ والرحالة من الآثار التأريخية ذات الاتصال بأهداف الرحلة، فلو اكتفى الناس هنا بحجَّة أو حجتين، وتركوا للقادمين من البعيد فرصة للتمتع بمشاهدة المشاعر المقدسة وما أوليت من رعاية أمينه لما فاتهم نصيب من الأجر والثواب الذي يجئ عن طريق الإثرة « ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة » ولعلها من أفضل الأعمال.





عبدالله اللويحان





إن كتب الأدب تحفل بالابداع المتصل بالعواطف والوجدان وكم سلبتها تلك المشاعر اللياقة والرفق والنبل، وانساقت وراء نزعات النفس ومطلق القول، إلا ما كان من وحي هذه الرحاب، فإنه يحاط بفضيلتين، فضيلة الخلق الكريم وفضيلة التجديد، فالأولى تأتي احتراماً للمكان وخشية، فرواد هذه الرحاب هم ضيوف الرحمن، وأهلها يشفع لهم خدمة هؤلاء الضيوف، وأطياف الرحمة والرفق تظل المكان وترفده بروحانية التهذيب.
والثانية تتصل بالتجديد في الأدب وبخاصة الشعر فإن روحانية المكان وتجدد أطيافه تنعكس على الشعر، وتظهره في جدة مهما تلاقت المشاعر وتعانقت الأهداف. فأنت تقرأ شعر ابن أبي ربيعة وكأنك تقرؤه لأول مرة، لأنك تخال مشاهد من الناس والأماكن ولا تراها رأي العين، ولكنها تخلب لبك، وتظهر في خيالك في مرائي لا أمتع ولا أجمل منها، رغم ما تعرف من غياب متع الحياة التي نعيشها اليوم. ولكن مرأى القوافل تحط رحالها حول الخيف من منى أو تنطلق من عرفة يواريها النقع ويحجبها الظلام، ويرهقها المسير، مرأى يأسر القلوب رغم أنه نقل إلينا عبر شعر الأولين في صور تفوق وصف الرحالة والمؤرخين.
والشعر الشعبي يلتقي مع شعر الفصحى في إيقاظ الذاكرة وامتاع الذائقة، وربما جاء بما تبدعه الفطرة ولا تتقنه الصنعة. لنتأمل مقطوعة شعرية لأشهر الشعراء الذين تغنوا بمشاهد الحياة في مكة المكرمة، وأثيروا بمعطيات الجمال فيها، وفي مواسمها التي يوليها المكيون عناية خاصة، ويبتهجون بمعالمها، أسواقها مظاهر الأعياد والحج والعمرة، فعادت أشعاره وغيره تذكرنا بما لم يعد في الوجود من تلك المعالم والمظاهر مثل سويقة، سوق الليل، الجودرية، التكية، الحجون السوق الصغير. معالم أذابتها التوسعة، واتساع المدنية.
هذا الشاعر هو عبدالله اللويحان رحمه الله، الذي قدم إلى مكة المكرمة وأقام بها خلال النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري. فمن بين قصائد ديوانه: « روائع من الشعر النبطي »، قصائد عدة من بينها قصيدة تطرق فيها إلى سوق الجودرية وشارع المدعا المتصل بالجودرية والمطل على المسعى، وكلاهما من الأسواق الشعبية.
يقول الشاعر:
الله يعنِّّيك يا زولٍ نطحني بايمن السوق
بالمدَّعا حادرٍ من يَمْ سوق الجَوْدريّة
ماني باْعَرْفُهْ، لا شك انّهْ لطَلاَّب الهوى عوق
يسوق راعي الهوى سَوْق المنَجِّب للمطيَّة
هكذا شغل الشاعر بمن قابله لدى المدعا قادماً من سوق الجودرية، لم يسبق له معرفة به، غير أنه صعب المنال حتى لذي هوى وحيلة، بل انه متمكن من السيطرة تمكن النجاب من مطيته ليبلغ بها أبعد المقاصد وأصعبها. إذا لا أمل من وراء هذا الآسر. ثم يضيف:
بغيت اباريه والى انه مع المطراق مرفوق
والى ان ما في يدي حيلة ولا لي مقدريّة
وحتى السير إلى جواره لم يكن متاحاً لما أحيط بحراسة الرفقة، فضاقت على الشاعر السبل لتحقيق مأرب. ثم يعاتب نفسه على هذا التولع بمن لا يعرف:
ما سوق ما سوق يا قلب الخطا ما سوق ما سوق
لو ان عندك معَرْفَةْ ما تولّع با جنبيَّة
الشاهد في هذه الأبيات ما يثيره البيت الأول منها لمن يعرف الجودرية والمدعا، والأبيات لا نتجاوز العشرة عدداً.
وللشاعر أبيات أخرى منها:
يا حمام الحرم يا اللى بمكة تسير
بالمحارم واشوف الناس يرمونها
إلى قوله:
خشف ريمٍ نظير وعاقني بالنظر
الله الله سهوم الموت بعيونها
عارضتنى ورا المسعى بسوق الصغير
ليت بعض العرب عندي يشوفونها
كنّ الاقدام تاطا فوق شوك الهصير
تقدم الخد بالممشى على هونها
إلى قوله اليائس:
يا عشيري شوي الوصل منكم كثير
المضرّة علينا كيف ترضونها
رد لي جابة منها فوادى خطير
قال سلعة واهلها ما يبيعونها
حاس ما رودنا يا مال حوس المرير
كلمة ليتني قد جزت من دونها
إن الشاعر يختار النهاية المحتملة التي تبعد ورود المحذور، وتنأى عن الفحش في القول، وما ذلك إلا لروحانية تمتلك ناصية الابداع لدى الشاعر، حيث نجده في مواقف أخرى لا يتحرز من إطلاق خياله للتعبير المتحرر عما يجول في ذهنه من أمنيات وتجسيد للرغبات.
واخيراً يقول لويحان:
يا حمامة غريبة عند باب السلام
شفت رسم الهوى باطراف جنحانها
ذكرتني طواريق الهوى والغرام
حارت الرجل بالمسعى على شانها



 توقيع : الصاعقه


رد مع اقتباس