يا حلو فسادكم!!
وجدت عمدة مدينة استكهولم السويدية ، وهي رئيسة حزب وعضو برلمان بارز بالإضافة لعملها كعمدة ، نفسها وسط موجة انتقادات وغضب شعبي بسبب اتهامها بالفساد الإداري ما أدى في النهاية لاستقالتها .. وإن كنتم تتساءلون عن طبيعة الفعل “المشين” الذي أقدمت عليه فهو أنها تجرأت على ملء خزان وقود سيارتها بكوبونات حكومية..!!
بالطبع انتفضت الصحافة الحرة لتسأل : إن كانت عمدة المدينة تملأ سيارتها “الخاصة” بمال عام .. فما شيمة باقي موظفيها إن كانت هي “بالأموال العامة” ضاربةً !!
قالت لهم مستعطفةً : “ قسم يا النشامة كنت ناسية محفظتي ، أشحت يعني ، أمشي للبيت .. يرضيكم؟ ”
ولكنهم قرعوها على تبريرها ، مؤكدين أنه كان عليها أن تركن سيارتها وتستخدم النقل العام إن وجدت نفسها في موقف كهذا عوضاً عن خيانة الأمانة .. وتضرب مثلاً سيئا لموظفيها وأعضاء حزبها !!
ولم تقف تداعيات تصرفها الشنيع عند ذلك ، بل وأقصوها عن موقعها الحزبي .. ورجمت من قبل برامج النميمة على مدار شهر كما ترجم العقبة الكبرى صبيحة العيد .. ما أعدم حياتها السياسية للأبد .
بالطبع صاحبتنا ليست أولى ضحايا سياط ملاحقة الفاسدين ، فقبل عام ونصف العام اضطر وزير الصحة الفنلندي أن يقدم استقالته بعد أن اكتشفت وسائل إعلام أنه تكلم مع حبيبته 3مكالمات دولية “مرة وحدة” على نفقة الدولة ..!! بالطبع لم تثرهم جزئية أنها حبيبته أو جدته ، بل استشاط الرأي العام غضباً لأنه استغل منصبه الوزاري لإجراء مكالمة من جيب دافعي الضرائب وانتهى مستقبل هذا “الحرامي الفاسد العيار” بعيد تلك الواقعة وكان سيقدم للقضاء لولا أنه عرض التسوية ودفع قيمة المكالمات !!
بالطبع لو كنت أعرف رقم محمول العمدة “المخلوعة” أو الوزير “المصلوب” لكنت هاتفتهما ودعوتهما للعمل في إحدى الدول العربية ، حيث يعتبر الهاتف جزءاً من امتيازات المهنة ولهم أن يستخدموه لمهاتفه زيمبابوي او اي دوله وباالساعات إن شاءوا .. وبإمكانهم استخدام بطاقات الوقود لملء سيارات العائلة أيضاً لا سياراتهم فحسب .. وليست موارد الإدارة هي كل ما يستطيعون أن يستخدموا ، بل بإمكانهم استخدام الموظفين أيضاً لقضاء حوائجهم الخاصة : توصيل الأولاد .. شراء السمك والروبيان ، إنهاء رخصة عمل الخادمة .. أخذ سيارة المدام للوكالة أو شراء تذاكر الطيران ..
ولن تثار حولهم الزوابع ، بل ولن يستهجن أحد تصرفاتهم أو يسعى لتحجيمها .. وله أيضاً في ظل منظومة الفساد ، أن يدخل المناقصات بأسماء عائلته وبسعر عال ويظفر بها .. وله أيضاً أن يبيع لنفسه بعض ممتلكات الإدارة بسعر رمزي ، وأذكر أنني تابعت مرة قضية بيع مسئول عربي سيارة لكزس حديثة لابنه بـ «70» ريالاً ( ما يعادل 20 دولاراً) !!
ولو وجدت فضيلة العمدة الأسكتلندية أو سعادة الوزير الفلندي الوضع مواتياً وشجعهما المناخ العام على نهل الملايين فعليهم ألا يخشوا .. فأقصى ما قد يحصل لهما هو مطالبتهما بالإستقالة «بشويش» ولن ترفع ضدهم قضية ، ولن يسمح لوسائل الإعلام بأن تشهّر بهم أو تشرشحهم.. ولن يطالبوا بإرجاع ما » لهفوه » من منطلق « عفا الله عما سلف » و« المسامح كريم«
قلعة الفساد لدينا متينة ورابضة على قلوب الناس بإصرار وعناد .. فلا يفوتكم