الأبناء ومهنة المستقبل
حصة العوضي
يحاول بعض الآباء والأمهات توجيه أبنائهم لاختيار تخصصات دراسية مُعينة.. وذلك لرغبتهم في التحاق ذلك الابن في مجال مهني مُعين.. بحسب طموحاتهم وأحلامهم.
لكن الواقع يُشير لنا إلى أن الكثير من هؤلاء الأبناء.. يظلّون مُتأرجحين بين التخصصات المستقبلية.. وبين رغبات الأهل والوالدين.. مما يدفعهم إلى عدم القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة بهذا الشأن.. في الوقت الذي يفترض فيه أن يعرف الأبناء ماذا يريدون..؟؟ وما هي طموحاتهم وأحلامهم..؟؟مع التطوّرات الحديثة في التخصصات العلمية والعملية.. أصبح هناك مجال واسع للاختيار أكثر من ذي قبل.. وساعد وجود الجامعات الأجنبية المختلفة.. على مسافة قريبة من السكن.. عوضًا عن الغربة والسفر إلى خارج البلاد.. على فتح آفاق كثيرة للاختيار في شتى المجالات التي تتطلبها أسواق العمل.
لكن هل يعرف الأبناء ماذا يريدون حقًا لمهنة المستقبل أن تكون..؟؟ وهل نقوم نحن كأولياء أمور ومربين على مساعدة هؤلاء الأبناء على اتخاذ قراراتهم المصيرية بمفردهم.. وبحسب رغباتهم الخاصة.؟؟
في الكثير من دول العالم الأخرى.. ينشأ الفرد منذ نعومته على معرفة الكثير من المعلومات عن مجالات العمل المتعددة في البلاد.. وذلك من خلال المدارس بمختلف مراحلها الأولى.. حيث يتم تخصيص يوم للمهن.. وفي هذا اليوم.. يحضر أولياء الأمور.. الآباء والأمهات.. أو الأشقاء .. كل منهم بزي العمل الخاص به.. وأدوات العمل الخاصة به.. ليستعرض وظيفته التي يعمل بها أمام الطلبة والطالبات.. ويخبرهم عن مزاياها وإيجابياتها في نفوس العاملين بها.. ثم يحكي بعض تجاربه المفيدة في العمل لهؤلاء الصغار.لو أحصينا كم وليًا للأمر سيحضر ذلك اليوم إلى كل مدرسة.. وإلى كل فصل.. فكم عدد المهن التي سيتعرف إليها الطالب في ذلك اليوم..؟؟ وكم سيكون مجال الاختيارات أمامه متعددًا ومفتوحًا.. خاصة وهو يستمع إلى التجارب المهنية الحقيقية.. ويتعرّف على الأدوات العملية لكل مهنة..؟؟ مما سيخفّف من حدّة التأرجح والتردّد الذي يواجه الأبناء وهم ينتقلون من مرحلة تعليمية إلى مرحلة أعلى.. حيث سيسهل لهم التعرّف على تلك المهن.. معرفة رغباتهم الحقيقية في الالتحاق بأحد تلك الميادين الوظيفية المختلفة.. والمناسبة لميولهم وخصائصهم الفردية والشخصية.
في تجربة عملية أخرى يمكن بها تمكين الأبناء ومساعدتهم على اختيار وظائف المستقبل واختصاصاتهم في الغد.. تحديد يوم في الإدارات والمؤسسات في الدولة.. لإحضار الأبناء إلى مقر العمل بالنسبة للآباء أو الأمهات.. وقضائهم يومًا كاملاً مع الكبار في موقع عمل حقيقي.. يطلعون فيه على كل مسارات العمل في تلك المؤسسة والإدارة.. ويتعرّفون إلى طبيعة تلك الوظائف وكيفية القيام بها.. وما تحتاج إليه من قدرات وكفاءات مختلفة.. حتى تتضح لهم الصورة بشكل أفضل للوظيفة التي يعمل بها آباؤهم وأمهاتهم.. ومعرفة شعورهم وإحساسهم نحو تلك الوظيفة.. ومدى رغبتهم في الالتحاق بها أو بمثيلتها في مؤسسة أخرى.. أو عدم اهتمامهم بها كليًا. فكرة مدينة العمل المصغرة للأطفال والمطبقة في بعض الدول كوسيلة تعليمية وترفيهية للأطفال في آن واحد.. من أجمل الأفكار التي تفتقت عن أذهان الإنسان في هذا العالم.. من أجل تعريف الطفل منذ الصغر على مجالات العمل المختلفة.. وتعويده على الخوض فيها.. ولو حتى على شكل لعبة أو تمثيلية حتى في الفصل.. أو على مسرح المدرسة..
كل ذلك فقط من أجل تسهيل عملية اختيار المهنة والتخصص للأبناء في الوقت المناسب.. وقبل فوات الأوان.
صحيفة البلاد
|