تقرير : أضاعوك .. وأي بطل أضاعوا ؟

مازالت صورة رئيس نادي النصر قبل (319) من قلب ملعب الملك فهد الدولي وهو متوسد المنصة في وسط الملعب رافعا أربع من الكؤوس الذهبية والتي حققها النادي في مختلف الدرجات ( الاول والشباب والناشئين) الموسم الفارط راسخة في أذهان كل عاشق للعالمي.
يستحضر النصراويون هذه الصورة عقب كل إخفاق وتعثر وخسارة لفرق هذا الموسم الذي يراه كل من محبي النادي العاصمي الأسوأ منذ عام (2007) على مختلف المستويات.
ومايزيد حسرة النصراويين أن الفريق يملك عناصر مميزة تعد الأفضل على مستوى الأندية السعودية، بيدا أن موقع الفريق الأول الذي يقبع حاليا في المركز التاسع برصيد (25) نقطة في مكانة لا تليق بحامل لقب الدوري لعامين متتاليين.
وإن كانت ذاكرة كل عالمي تستذكر كل تفاصيل النصر الذهبي في الموسمين الماضيين، فإنها باتت مثقوبة هذا العام تنسخ كل ما رأته باستثناء عدة مباريات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة التي ظهر فيها الفريق بمستوى وروح العامين الماضيين.
ويقف كلمن المحبين والمحايدين على حد سواء مطلقين نفس الأسئلة: ماذا حدث للعالمي هذا الموسم؟! ومن أسقط البطل؟! وكيف سيعود النصر؟!.
وفي الوقت الذي يرى بعض المتيمين بالأصفر عودة قريبة من بوابة كأس الملك ودوري ابطال آسيا في المنطعف الأخير لهذا الموسم، إلا أن السواد الأعظم من جماهير الشمس لا ترى أي بارقة أمل، فالفريق غائب فنيا ونفسيا داخل وخارج الملعب.
بيد أن الجميع يتفق على وجود خلل كبير في خارطة النادي أدت لتدهور نتائج الفريق الأول خصوصا وباقي الفرق والألعاب التي تعيش حالة لاتقل سوءا عن الفريق الأـول باستثناء درجة الشباب التي يتصدرها العالمي.
(النادي) تشخص واقع النصر وأسباب تراجع النادي بشكل عام والفريق الاول لكرة القدم في هذا التقرير، وخرجت بالحلول مقرونة بقراءة رقمية لواقع العالمي هذا الموسم .

الأخطاء الإدارية

يجمع كل النصراويين بلا استثناء إن إدارة النادي هي السبب الرئيسي في الواقع السيىء الذي يعيشه النادي في الوقت الحالي مما جعلها في موقف ضعيف أمام الجماهير.
فالإدارة عاجزة في الوقت الحالي عن القيام بأعباء الفريق الاول الذي لم يستلم لاعبوه رواتبهم منذ (8) أشهر، أضف لذلك عدم قدرتها على الإيفاء بوعودها وتسليم مكافآت فوز الفريق ببطولة دوري عبداللطيف جميل العام الماضي.
وليست الأخطاء هي وليدة اليوم بل هي تراكمية تحولت ككرة الثلج التي لم تفلح الإدارة عن إزاحتها أو دحرجتها، فالنادي يعيش أوضاعا مالية صعبة نتيجة تسرب أعضاء الشرف وعدم قدرة الرئيس على حمل كاهل الأعباء المالية بسبب العقود المليونية التي منحت للاعبين من قبل الإدارة نفسها دون أن تجد مصادر دخل أخرى عبر بوابة إدارة الاستثمار.
وتحمل جماهير النادي الإدارة أخطاء التعاقدات مع المدربين واللاعبين الأجانب الذين لم يضيفوا أي جديد يذكر للفريق، إضافة للإعداد المتأخر، مشددين على أن الإدارة تدفع ثمن العناد والمكابرة وعدم الالتفات لاراء الناصحين والمحبين والغيورين من أبناء النادي ولاعبيه السابقين ورجالاته أصحاب الفكر.

تعاقب المدربين
دفع النصر ثمن عدم الاستقرار الفني للفريق الاول لكرة القدم حيث تولى الدفة الفنية له أربعة مدربين بدءا من الأوروجوياني داسيلفا مرورا بالايطالي الأنيق صاحب الخبرة التدريبية المتواضعة فابيو كانافارو ومدرب الحراس الكولومبي هيقيتا الذي أشرف على الفريق في ثلاث مباريات وانتهاءً بالإسباني كانيدا.
ويرى النصراويون أن الإدارة لم تعر كلام الخبراء والنقاد الفنيين أي اهتمام بدليل التجديد مع داسيلفا نهاية الموسم رغم المطالبة بجلب مدرب أفضل ثم إقالته في بداية الموسم بسبب سوء النتائج ثم تابعت الإدارة معاندتها وأصرت على إحضار الايطالي فابيو كانافارو رغم قلة خبرته في المجال التدريبي وتعود لإقالته مجددا لتدهور واقع الفريق.
وعاودت الإدارة نفس الخطأ بإعادة المدرب الإسباني العاطل كانيدا الذي سبق وأقالته منتصف الموسم الماضي بحجة تواضع مستوى الفريق وعدم رغبة اللاعبين في استمراره .
ورغم كل هذه التغيرات الفنية على مستوى المدربين إلا أن أداء الفريق السلبي لم يتغير إذ ظهر النصر في غالبية مبارياته مفكك الخطوط عاجزا عن بناء الهجمة من الخلف وإنهائها بشكل صحيح ، إضافة للأخطاء الكارثية للاعبي المحاور والدفاع وحراس المرمى مما يؤكد أن الاختيارات التدريبية الخاطئة كانت أحد أهم أسباب تدهور الفريق نتائجيا.
التعاقدات الاجنبية العشوائية
تعد الإدارة الحالية لنادي النصر الاقل توفيقا في التعاقد مع محترفين أجانب يصنعون الفارق ويعدون إضافة حقيقية للفريق الاول، فإدارة الامير فيصل بن تركي منذ استلامه قبل سبع سنوات لم توفق في إحضار رباعي أجنبي مكتمل في موسم واحد حيث لاتتجاوز نسبة نجاح الاجانب عن 50 % في أفضل الأحوال.
وقد استمرت الإدارة في ارتكاب ذات الأخطاء هذا الموسم بدءا من التمديد للمدافع البحريني محمد حسين الذي تقدم به السن وأصبح ثقيل الحركة وعطاءه محدودا خصوصا أنه يلعب بجانب قائد الفريق حسين عبدالغني وكليهما تجاوزا 35 عاما مما يعزز ضرورة استقطاب مدافع أصغر سنا وأكثر فائدة من بداية الموسم.
ووقعت الإدارة هذا الموسم بتخبطات كبيرة على مستوى التعاقدات الاجنبية إذ تاخرت في التعاقدات بداية الموسم لتضطر لإعادة الأوروغوياني فابيان ستيانوف قبيل مباراة السوبر بأسبوعين وتلعب المباراة بثلاثة أجانب فقط ، ثم استغنت عن فابيان وتعاقدات مع المهاجم المالي موديبا مايغا في وقت يتواجد ثلاثة مهاجمين محليين يعدون الافضل على مستوى الدوري السعودي، مع إحضار الهولندي ذوي الاصول المغربية يونس مختار لدعم خط وسط الفريق لكنه فشل فشلا ذريعا.
وعاودت الإدارة في الوقوع بنفس الخطأ حيث أعادت المحترف البرازيلي ماركينيوس المعار لسانتوس البرازيلي رغم العروض المالية لشرائه، متجاهلة مطالب المدرب باستقطاب محور هجومي وظهير أيمن.
ولم يقدم الرباعي الأجنبي المأمول هذا الموسم بل ان بعضهم تحول لعالة على الفريق كالبولندي ادريان الذي أصبح عبئا على خط وسط الفريق مع المالي مايغا في كثير من المباريات المهمة والكبيرة.

هبوط مستوى اللاعبين وفقدانهم الروح
يشهد مستوى أبرز نجوم الفريق انحدارا كبير هذا الموسم بخلاف العامين الماضيين انعكس على اداء الفريق بشكل عام فحراسة الفريق تشهد تراجعا كبيرا بسبب انخفاض مستوى عبدالله العنزي وعدم ثبات حسين شيعان، إضافة لتواضع خط الدفاع بتواجد البحريني عمر هوساوي ومحمد حسين والظهيرين خالد الغامدي والقائد حسين عبدالغني، مع عدم قدرة المحاور على اداء أدوارهم متمثلين بإبراهيم غالب وشايع شراحيلي وعوض خميس، فيما يستثنى عبدالعزيز الجبرين لكونه الافضل عطاءً وروحا من البقية
وتؤكد لغة الارقام معاناة النصر مع الخط الخلفي بسبب تراجع مستويات اللاعبين، حيث لعب النصر هذا الموسم 29 مباراة في مختلف المنافسات المحلية والقارية استقبلت شباكه 32 هدفاً بمعدل 1.1 هدف في كل مباراة، ولم يستطع النصر المحافظة على تقدمه في سبع مباريات بالدوري هذا العام ليتعادل أو يخسر في نهاية الأمر.
وعلى المستوى الهجومي فإن الرقم التهديفي لنجم الفريق محمد السهلاوي يشي بالحقيقة حيث لم يسجل طوال عشرين مباراة في الدوري سوى خمسة اهداف، في حين اكتفى صاحب اكبر صفقة انتقال الصيف الماضي ب( 27) مليون ريال المهاجم نايف هزازي بهز الشباك مرتين فقط، وعلى مستوى الصناعة فإن يحيى الشهري لم يصنع سوى أربعة اهداف في الدوري فقط.
والجماهير التمست العذر لبعض اللاعبين في هبوط مستوياتهم بسبب الاصابات كإبراهيم غالب وأحمد الفريدي، إلا أن غياب الروح والحماس والقتالية عن لاعبي الفريق بشكل عام والتي تميزوا فيها بالموسمين الماضيين وضعت أكثر من علامة استفهام متسائلين عن السبب الحقيقي لهذه الحالة.

الازمة المالية
ألقت الازمة المالية بظلالها على واقع النادي هذا الموسم حيث لم تستطع إدارة النادي تسليم لاعبي الفريق الاول رواتبهم منذ ثمانية أشهر واكتفت براتب وحيد منذ الصيف الماضي، في الوقت الذي ينتظر فيه اللاعبون تسليمهم مكافآت فوزهم بدوري الموسم الماضي.
ويبدو أن تسرب اعضاء الشرف من جهة وفشل إدارة الاستثمار في إيجاد عقود رعاية كبيرة من جهة أخرى جعلت الإدارة تقف عاجزة تماما عن القيام بأعباء النادي المالية حيث يتطلب منها تأمين خمسة ملايين ريال فقط كرواتب للفريق الاول، بخلاف رواتب الاجهزة الادارية والفنية واللاعبين الأجانب.
وساهم الجفاف المالي في النادي بتراجع نتائج الفريق الاولمبي الذي يعيش وضعا ماليا سيئا لايقل سوءا عن الفريق الاول رغم وجود الخامات الجيدة، فيما تخلى فريق درجة الناشئين عن لقبه كبطل الدوري لمصلحة غريمه الهلال هذا الموسم، وخرج فريق البراعم مبكرا من المنافسة على بطولة المملكة.
وحاول بعض أعضاء الشرف المحبين التدخل لحل بعض مشاكل النادي ماليا بإجتماع شرفي مصغر في منزل الامير سيف الاسلام من خلال جمع مبلغ مليوني ريال كرواتب لموظفي النادي الذين لم يتسلموا حقوقهم منذ أكثر من عام، بالاضافة لسداد الرواتب المتأخر للاجهزة الفنية في الفئات السنية.
ويواجه نادي اعباء مالية كبيرة على المستوى الخارجي لذا لجأ على غرار الاتحاد والهلال لطلب قرض مالي يصل لـ 40 مليون ريال لسداد متاخرات وحقوق اللاعبين والاندية الخارجية قبل أن تتضاعف ويقع على النادي عقوبات خارجية من فيفا.
وتحتاج إدارة النادي في الوقت الحالي لحوالي خمسين مليون ريال لسداد المتأخرات المالية التي عليها في ظل الشكاوى المتلاحقة داخليا وخارجيا.

تسرب أعضاء الشرف
عاني نادي النصر هذا الموسم من تسرب أعضاء الشرف بشكل كبير بخلاف الأعوام الماضية حيث حمل الكثير من العارفين ببواطن الامور الإدارة مسؤولية تخلي أعضاء الشرف عن دعم النادي بسبب العناد والمكابرة والانفراد بالرأي وعدم مشاورتهم وتقديرهم واحترامهم.
وظهر أزمة الادارة مع أعضاء الشرف بعد توقف الداعم عن مساندة الادارة ماليا، فيما فضل الكثيرون الابتعاد عن المشهد هذا الموسم بسبب تواضع النتائج.
فيما حملت بعض التصاريح لبعض شرفيي النصر حقيقة بعدهم عن النادي بسبب السياسات الخاطئة للادارة التي بدأت تهدم مابنته خلال المواسم الماضية.
وتحمل قائمة شرفي النصر المبتعدين أكثر من علامة استفهام حيث حوت أسماء لها وزنها في دعم النادي كحمد المبارك وبندر الحارثي، مع إنحسار المنح المالي لاعضاء اخرين أبرزهم المهندس عبدالله العمراني الذي كان له أياد بيضاء على النادي في السنوات الاخيرة.
وساهم قلة الدعم المالي من قبل القائمين على بعض العاب النادي التي بدأت تأخذ وضعها كالسلة والطائرة حيث تعيش أوضاعا مالية سيئة انعكس على نتائجها هذا الموسم .
وساهم الفشل الذريع لإدارة الاستثمار التي تم تأسيسها العام الماضي في عدم إيجاد حلول مالية عاجلة، إلا بعقود بسيطة وصغيرة لاتسد حاجات النادي الكبير في ظل تضخم العقود المالية للاعبي الفريق بسبب سياسة الادارة في السنوات الماضية بالدفع وتجديد العقود بأرقام فلكية دون البحث عن مصادر دخل للنادي الذي يئن تحت وطأة الحاجة والنتائج السلبية.