09-19-2010, 02:43 PM
|
|
في النصر...بئر معطلة وقصر مشيد
في النصر...بئر معطلة وقصر مشيد
احرص كثيراً على زيارة مقر نادي النصر كلما سنحت الفرصة حيث اكره أن أتناول مواضيع النادي دون دراية أو متابعة . وبمجرد إقبالي على مقر النادي الضخم يترأى إلى ذهني صورة خلية من النحل يحكمها حسن التخطيط ودقة المتابعة مملؤة بحماس الشباب وطموح الإبطال , وهكذا أواصل سيري نحو بوابة النادي متوقعاً أن يستقبلني على مدخل النادي ركناً مليئاً بكل أنواع الدروع والكؤوس والميداليات التي حازها لاعبو النادي في المنافسات التي يخوضونها . والحقيقة أن أول خطوة لي داخل المقر تنسف كل توقعاتي وآمالي خصوصاً حين اعلم أن العاب النادي المختلفة تكاد تكون معدومة إلا قليلاً من لعبة السباحة اليتيمة .
قريباً من النصر وداخل المملكة هناك مقرات مشابهة ومتساوية في الحجم لمقر نادينا كأندية الاتحاد والأهلي والقادسية , على أن مقارنة محصلة البطولات والألقاب التي تستطيع تلك الأندية حيازتها مع ما ينتجه نادينا تبعث في أنفسنا ألف سؤال وسؤال عن حقيقة وجود أي عمل حقيقي داخل أسوار مقر نادينا . أتذكر أن منصور البلوي ذكر في إحدى المقابلات أن الاتحاد أحرز في عهده أكثر من 360 بطولة لمختلف الألعاب والدرجات وياله من رقم يحسب لكل من يعمل داخل ذلك النادي ويبقى للبلوي أن يفخر بقدرته على قيادة فريق العمل الذي جلب كل تلك البطولات والألقاب . شخصياً لست في عجلة من أمري لسرعة إصلاح أحوال الألعاب المختلفة ولكن المؤلم أن النصر لايقابل جمهوره والأندية الأخرى إلا بكرة القدم ولعظيم الأسف فأن الطريقة التي ماتت بها الألعاب المختلفة هي التي تحيط وتمرض فريق كرة القدم اليوم وتكاد تقضي عليه في اقرب فرصة .
منذ عشرين عاماً أو أكثر وسواء في عهد الرمز أو من أتى بعده ومن خلال إشراف الكثير من المدربين وبإقدام عشرات بل مئات اللاعبين والنصر يتخبط فنيا وفاقد لهويته الحقيقية . ولن اغتر ببطولتي 1414 و1415 ولا بالبطولة الأسيوية والتمثيل العالمي فقد أتت جميعها من خلال جيل ذهبي يقوده ماجد الذي نسي النصراويون كيف يصنعون ويكتشفون أمثاله وأمثال جيله منذ 1410 هجرية . النصر الذي قدم في التسعينات الهجرية ثمانية أسماء أساسية للمنتخب في تشكيلة واحده يعجز منذ عشرين عاما أن يؤمن خانة أساسية واحدة في المنتخب منذ ابتعاد إبراهيم ماطر .
ها نحن وبمجرد اهتزازنا من ثلاثة تعادلات عدنا نعلق المشانق الغبية مرة للمدرب وأخرى للأجانب وحينا للاعبينا المحليين وقليل من العتاب لمدير الفريق وربما تجرأنا واتهمنا كحيلان . نفعل ذلك كل مرة لنجد متهما واحدا نحمله أخطاء الجميع , وليتنا نصدق مع أنفسنا مرة واحدة ونقول كل ما ذكر سابقا له نصيب في هذا السقوط ولا يتحمله فردا واحدا من هؤلاء دون سواه . علينا أن نتهم إدارتنا بالتقصير في مجالات حسن اختيار المدرب وحسن جدولة الرواتب وحسن إعطاء اللاعبين حقوقهم وحسن محاسبة اللاعبين ومتابعتهم . علينا أن نتهم المدربين بإهمال معالجة الأخطاء وإهمال تصحيح أداء اللاعبين وعدم إعطاء اللاعبين كفايتهم من الوعي الفني والمهاري والتدريب الخططي والتكتيكي . علينا أن نتهم اللاعبين بالتكاسل وعدم الاهتمام بتطوير أنفسهم وعدم تخلصهم من عيوبهم وعدم امتلاكهم للطموح والرؤية البعيدة .
حان الوقت كي نعترف أن التقصير من الجميع ولا يصح رميه على فرد واحد . دربنا زينجا وداسيلفا وباوزا وفوكي وغيرهم واستمر الفشل فلم يكن خطأ واحدا منهم دون غيره . استمر الفشل يلاحق مساعينا تحت إدارة الرمز وممدوح وفيصل وحاليا كحيلان ولم يكن خطأ واحدا منهم دون غيره . أحضرنا أجانب كثر منهم من هو أفضل ومنهم من هو اسؤ من الحاليين ومع ذلك استمرت المعاناة فلم تكن غلطة واحدا منهم دون غيره . أن لنا أن نبحث في علاج الكيان إداريا وفنيا وعناصريا ولا نركن للحلول السهلة بتعليق المشنقة لواحد دون غيره .
يحتاج النصر إلى ثوره حقيقية في مجالات عمله الإدارية والفنية . لابد من وضع خطط حقيقية قابلة للتطبيق بالإضافة إلى معايير جودة عالية قبل البدء في أي نشاط رياضي داخل أسوار النادي . كيفية تجميع فريق رياضي موهوب عناصريا ثم العمل على تطويره وتهيئته لخوض البطولات والظفر بها ليست عملية صعبة او معقدة ولكنها تستلزم فكر و وعي ودراية باللعبة ومستلزماتها والقدرة على إدارة الارتقاء بهذا الفريق . في بدايات تولي كحيلان للرئاسة رحبت به وبالملاءة المالية التي وعد بها ولكن حذرت بشده من ركونه للمال واستبعاده لأهمية الفكر في إعادة بناء النادي وها أنا أقول أن ميزانية النصر ولو بلغت مليار ريال بدون فكر فلن تنقلنا خطوة واحدة للأمام .
بميزانية اقل وفكر أكثر هاهو القادسية يسبقنا في الترتيب , وبخزنة معدومة هاهما احد والأنصار بفكر نير يسيطران على كرة السلة عناصريا وبطوليا . علينا أن نسلم كل ألعابنا بما فيها كرة القدم لمن يعرفون أدق تقاصيل اللعبة فيضعون الخطط المناسبة والمعايير الصحيحة حتى نستطيع الحصول على فريق بطولي بدلا من هذا العبث والهدر الذي ندور به في رحى الفوضى لطحن جماهير النصر المغلوبة . العمل الفني في التدريبات سيء ولا يمكن أن يطور الفريق وقدرة الإداريين على تقييم هذا السؤ التدريبي اسؤ من التدريب نفسه وهذا يعني بأن كل الوعود الفنية والإدارية بإحداث نقلة سريعة في قادم الأيام كذبة ففاقد الشيء لا يعطيه . ما نفتقده ليس فقط حزم إداري او روح او انضباط او تكتيك او أجانب او خطة مناسبة , ما نفتقده هو كل ذلك .
عمل مؤسساتي حقيقي تتضافر فيه أفضل الخبرات الإدارية وأرقى المعايير الفنية وأعلى درجات الجودة المهنية هو الشيء الوحيد الذي يضمن لنا نتائج عالية تتوافق مع ما ينتظره عشاق الشمس من جميع منسوبي النادي , فمتى نبدأ العمل بشكل صحيح ؟ .
سلمان عبدالرحمن
كاتب رياضي في صحيفة سبورت
|