بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إسلامية .. أم .. ليبرالية
لا يصح أن نخرج بتلك التقسيمات التي نسمعها دائما .. فالمسلمون يجب ألا يُصنفوا أنفسهم إلى فرق فيتفرقون, حتى وإن تغيرت المفاهيم والأفكار فإنهم يبقون في حدود الإسلام, ومن يأتِ بفكر منكر ودخيل على الدين فإنه يتعرض لعقوبة الحد أو التعزير .. بعيدا عن نعته أو تصنيفه إلى فرقة أو طائفة. ولكنني أجد نفسي مجبرا على الخوض في وحل هذا التقسيم الذي بلي به المسلمون حتى أتمكن من توضيح الإختلاف الكبير في أفكارنا.
ظهر إختلاف كبير وانشقاق وانقسام في الأمة .. إنه انشقاق فكري وعقدي .. كلٌ يدّعي أنه على صواب وأن الآخرين ينادون إلى الضلال والرجعية والتخلف, وإنني أجد إختلافا جوهريا بين الليبراليين والإسلاميين, أحببت أن أنقله لكم لعل وعسى أن يتضح للبعض الحق من الباطل ودعوة الخير من دعوة الشر.
عندما يتحدث الليبراليون فإن الدنيا تكون أكبر همهم ومبلغ علمهم في كل الأحيان, إنهم يلهثون خلف (المدنيّة) المثالية (المزعومة), والتي لا نراها إلا في خيالاتهم فقط. لقد أعدّوا العدة لبناء حضارتهم تلك .. مستلهمين بناءها من كلام الفلاسفة اليونانيين (الوثنيين) ومن تبعهم .. أو الأدباء الذين عُرفوا بالتمرد والشذوذ الفكري من الغابرين والمعاصرين. والذين دأبوا على حب الدنيا وإنكار الإله أو الإشراك به أحيانا .. أو إنكار البعث في أحايين أخرى! فكيف يكون لمسلم يرجوا الله واليوم الآخر أن يتبع هؤلاء وأمثالهم ليبني دنياه وآخرته!
بينما يكون تركيز الإسلاميين على بناء الآخرة والتعلق بزينتها مع حظ قليل من الدنيا, ولا يكون استشهادهم إلا بكلام الله عز وجل وسنة نبيه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم. إنهم يجعلون محور اهتمامهم منصب على بناء الآخرة ولو كان في ذلك إهمال للدنيا, وإنني حين أقرأ القرآن أجد في حديثهم صدقا معي, فالله عز وجل يقول: (وإن دار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون) .. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في معرض قنوته: (اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا)
الليبرالية تقودنا إلى التعلق بالدنيا .. وقد أوجز الله عز وجل حقيقة الدنيا في قوله تعالى: (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) .. وفي الحديث المعروف عندما تعرّض الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الفجر, وذلك بعد أن سمعوا بعودة أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه, وقد جاء بالجزية من البحرين, تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم وقال: (أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء وجاء بشيء, قالوا: بلى يا رسول الله, قال: فأبشروا وأمّلوا ما يسركم .. فوالله ما الفقر أخشى عليكم .. ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتلهيكم كما ألهتهم) هذا هو حال بعضنا في هذا الزمان!
أعتقد أن قلبي وعقلي وسمعي وكل جوارحي لن تكون إلا لمن حثني على خيري الدنيا والآخرة, مالي وقوم يحبون الدنيا ويقفون على أبواب جهنم يدعونني إليها ليل نهار
محمد المسمار
.