كان يمكن للنصر ان يركن الى وصوله لنهائي كأس الابطال وحلوله وصيفآ قبل سنتين, وربما اقتنع بالصمود امام الهلال وخروجه خاسرآ بضربات الترجيح واكتفاءه بالسلام على راعي المباراة في العام الذي يليه , ولكن التاريخ ينسى ذلك كله ولا يسطر الا المتوجين بالالقاب ورافعي الكوؤس ومتوشحي الذهب من الميداليات . فالتاريخ بقعة ضوئية لا ترى الا من سلطت عليه اشعة نورها ومصير التجاهل لمن وقف في ظل العتمة وارتمى في احضان النسيان .
آبى فيصل بن تركي ان يكون هامشيآ في الظل يذكره التاريخ من جملة النافخين بقربه مثقوبة اعياهم فك اسرار تسرباتها , وادرك باكرآ ان التاريخ الذي يرجوه لنفسه لا يعني سوى اعادة الالقاب الى مهدها والبطولات الى حضنها والريادة الى فارسها ولا يهم ما يتم بذله في سبيل ذلك فلن يستطيع ان يصنع تاريخآ لنفسه الا بالتضحية بكل شيء يملكه في سبيل ذلك التاريخ الذي يستحق الافتخار به . كان من الممكن ان يطوي النسيان دمعة ابنه تركي بعد ان تشفت بها عقول مرضى الشامتين والحاقدين ليوم او يومين, ولكن الاب الذي اضمر في نفسه السعي الى قلب حسرة طفله الى مرح والاحزان الى فرح امضى عامآ كاملآ من البذل السخي والعمل الدؤوب والتركيز الكامل فاصبح تاريخ النجاح الذي سيدرس لاجيال عديدة قادمة محصورآ بين دمعة آسى خلدها تاريخ البدايات وابتسامات فرح بطولي يصعد به الطفل المنتشي ليتقلد ميدالية العطاء الابوي من راعي المباراة .
باهت تاريخ غالب وعبث حرث شايع ومشوه نهايات نور الآتحاد ولا لون لأسطورية عبدالغني الخالية من الالقاب , ولا قيمة لصفقة سهلاوي وهدر استقطاب يحي ان خرج كل ذلك بدون بطولات والقاب . لم يكن لهذا الجمع الكبير من المواهب ان يخلد في ذاكرة الرياضة السعودية الا بأنجاز خرافي ستحفظه الاجيال المتعاقبة , وكيف لكل عاشق للكرة ان ينسى فرقة فن ورعب واعجاز اخذت في طريقها كل البهاء والارقام : عام بلا خسارة, واثنى عشر فوزآ متصلآ قابلة للزيادة, واعلى رصيد نقطي, واقوى دفاع, واعتى هجوم, واكبر عدد من المباريات المتتابعة بلا خسارة, واكبر حضور ومتابعة جماهيرية . ربما رضي مسيرو النادي عن عطاء كارينيو بعد ان حضر في الدور الثاني وكان فريقه الاميز حينها واوصله الى نهائي خسره فقط عن طريق ضربات الحظ الترجيحية , وقد رضي مدربون كثر بأن يخرجوا من نصرنا بمثل هذه السيرة ولكن الاشقر المجعد يدرك ان بصمته التاريخية لهذا الفريق لا يمكن ان تثبت وتعصى على النسيان ان لم ينتشل فريقه من غياهب النسيان وظل المراكز المتأخرة الى صدر الترتيب واقتناص الالقاب وتحطيم كل الارقام التي سبقت مجيئه .
ابناء الجوهر وميزر امان وسعود العفتان والدنيني والعبدلي واخرون كثر طوتهم ملاعب الثمانينات ولكن التاريخ خلدهم في سفر الالقاب النصراوية التي لم يحطمها فريق الى يومنا هذا , واتبعهم مبروك والسدحان وخالد التركي ومروان ويوسف خميس وماجد والمطلق والهريفي والجمعان ببطولات التسعينات والعقد الاول من القرن الحالي , وهاهو النصر يقدم لنا جيل اطل في اول تشكيلته فهدم زعامات وهمية انتشت قليلآ بفعل الغياب النصراوي الذي مالبث ان عاد الى امتطاء صهوة جواد يركض اولآ في ميدان تحفه جماهير شمس لا ترتضي الا حديث الصدارة وكلامها .