|
التميز خلال 24 ساعة | |||
العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم | الموضوع النشط هذا اليوم | المشرف المميزلهذا اليوم | |
النصر-الوطن |
عضو جديد
بقلم : النصر-الوطن |
قريبا |
|
|
|
المنتدى الإسلامي يحتوي المنتدى الإسلامي عن مذهب اهل السنة والجماعة .. وبكل القضايا الاسلامي .. مقالات اسلامي .. مواضيع اسلاميه .. احاديث نبويه .. احاديث قدسية .. ادعية مختاره |
|
|
|
12-29-2011, 03:48 PM | #14 |
عضو ملكي
|
،،،،،، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،، الإخلاص : هو كل عمل ابتغي به وجه الله سبحانه وتعالى قولاً كان أو فعلاً ، ومن هنا كان لزاماً على المعالِج أن يكون عمله وغايته خالصة لله سبحانه وتعالى ، وفق شرعه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم قال الشيخ حافظ حكمي : ( الإخلاص وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك ) ( معارج القبول - 2 / 423 ) 0 قال ابن منظور : ( فالمخلص الذي وحد الله تعالى خالصاً ، ولذلك قيل لسورة : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) سورة الإخلاص ، وقال ابن الأثير : سميت بذلك لأنها خالصة من صفة الله تعالى وتقدس ، أو لأن اللافظ بها قد أخلص التوحيد لله عز وجل ، وكلمة الإخلاص كلمة التوحيد ، والإخلاص في الطاعة : ترك الرياء ) ( لسان العرب - 7 / 26 ) 0 قال الجرجاني : ( والإخلاص أن لا تطلب لعملك شاهداً غير الله ، وقيل الإخلاص : تصفية أعمال من الكدورات ، وقيل الإخلاص : ستر بين العبد وبين الله تعالى لا يعلمه ملك فيكتبه ، ولا شيطان فيفسده ولا هوى فيميله ، والفرق بين الإخلاص والصدق أن الصدق أصل وهو الأول ، والإخلاص فرع وهو تابع ، وفرق آخر : الإخلاص لا يكون إلا بعد الدخول في العمل ) ( التعريفات – 2 / 28 ) قال ابن القيم - رحمه الله - : ( سئل الفضيل عن العمل المقبول عند الله فقال : " هو أخلصه وأصوبه قالوا : يا أبا علي ، ما أخلصه وأصوبه ؟ فقال : إن العمل إذا كان خالصا ، ولم يكن صوابا لم يقبل وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا ، لم يقبل ، حتى يكون خالصا صوابا والخالص : أن يكون لله ، والصواب أن يكون على السنة ) ( مدارج السالكين – 2 / 89 ) تكلم الدكتور عمر يوسف حمزة عن بعض شروط الراقي حيث قال : ( وينبغي ألا يقصد برقيته التوصل إلى غرض من أغراض الدنيا : من مال أو رياسة أو وجاهة ، أو ارتفاع على أقرانه ، أو ثناء الناس عليه ، أو صرف وجوه الناس إليه ، أو نحو ذلك ) ( التداوي بالقرآن والسنة والحبة السوداء – ص 36 ) يقول الأستاذ سعيد عبد العظيم : ( لا تتخلص النفس من كيد الشيطان إلا بالإخلاص ، قال تعالى : ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ )( سورة ص– الآية82 ، 83 ) ولذلك كان البعض يقول لنفسه : يا نفس أخلصي تتخلصي ، والمخلص من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته وقال سهل : الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى وقال أبو عثمان : الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق وفي الحديث : " إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه " ( صحيح الجامع 1856 ) رواه النسائي وصححه الألباني والإخلاص أيضاً هو فقد رؤية الإخلاص ، ومن أحس في إخلاصه الإخلاص فقد احتاج إخلاصه إلى إخلاص وكان الفضيل يقول : ترك العمل من أجل الناس رياء ، والعمل من أجل الناس شرك ، والإخلاص أن يعافيك الله منهما ؛ فليكن فعلك وتركك لله تعالى ؛ فالجنة والنار بيده سبحانه ، والناس لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً ؛ فكيف يملكون ذلك لك ، ولذلك كن عاقلاً ولا تهلك نفسك بالرياء ) ( الرقية النافعة للأمراض الشائعة – ص 92 ) يقول الأستاذ علي بن محمد ياسين : ( والمتأمل لواقع المعالجين بالرقية الشرعية ، يجدهم عدة أصناف : صنف على علم وإخلاص وتقوى ، همهم الله والدار الآخرة ، هدفهم كشف معاناة إخوانهم المرضى ، تجد في أسلوبهم التيسير والرفق بالناس ، منهجهم الكتاب والسنة ، ونتيجة لذلك نفع الله برقيتهم ، وكشف الله بسببهم معاناة وأمراض وهموم أناس طالما قاسوا من ذلك ألواناً وصنف ثانٍ تلمس منهم الإخلاص وتلاحظه في رقيتهم وتيسيرهم على المرضى ، ولكن قَصّروا في طلب العلم الشرعي وخاصة الرقية الشرعية ، فتجد بين آونة وأخرى تصدر منهم بعض الأخطاء والاجتهادات التي غالباً ما تكون بعيدة عن ضوابط الرقية الشرعية ، وإن كان قصدهم حسناً ، ونيتهم صالحة ، ولكنه إخلاص بدون علم ، وعمل بلا بصيرة وصنف ثالث لا علم ولا تقوى ، نسأل الله السلامة لا علم يُخولهم التصدر والقراءة على الناس ، ولا إخلاص يكتب الله لهم به الأجر ، ويسبب النفع لإخوانهم المرضى ، فهم على خطر عظيم إن لم يصلحوا نياتهم ويتفقهوا في دينهم ، وهذا الصنف قليل في مجتمعنا ولله الحمد ) ( مهلاً أيها الرقاة - باختصار - ص 11 - 12 ) إن الشيطان قد أيس أن يعبد في الأرض ، ومع ذلك ما برح عن ترصده لابن آدم في كل موقع وطريق ، ووجد ضالة ومرتعا خصبا لنفث سمومه لكثير ممن تصدر الرقية ، فعلم أن هذه الفئة تمثل شريحة في المجتمع يشار لها بالبنان ، وتتخذ قدوة في تصرفاتها وسلوكها وأفعالها ، فحرص على إظهار هذه الفئة بمظهر الانتهازية في حب المال والظهور والكبر والقول بغير علم ، وبالوصول إلى ذلك يحقق كثيرا من مآربه عن طريق إفساد القلة القليلة التي تصدرت هذا الأمر ، والكيس الفطن الذي يدرك هذه المخططات ، فيبطلها ويجرد الشيطان من أسلحته وعتاده ، ولا يكون ذلك إلا بالتمسك بأهداب الشريعة والتخلق بأخلاقها |
|
12-29-2011, 03:50 PM | #15 |
عضو ملكي
|
الإخلاص في العمل- للشيخ بن دادو
كتبهامحمد البويسفي ، في 14 نوفمبر 2009 الساعة: 20:38 م بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد فإن الإنسان كائن شريف على الله سبحانه وتعالى، وقد خص بكثير من الخصائص التي تقتضي منه الاستقلال وعدم الخنوع والخضوع للآخرين، وإنما يتحرر من أغلال العبودية للآخرين بتوحيده لله سبحانه وتعالى وعبوديته له، فمن كان عبدا لله حقا لم تكن عليه عبودية لغير الله جل جلاله، ومن هنا احتاج الإنسان إلى تعلم الإخلاص في عمله، وأن يقصد وجه الله الكريم بكل تصرفاته، وقد أمره الله بذلك فقال الله تعالى:
وهذا يقتضي من الإنسان أن يؤدي ما أمر به من الإخلاص لله سبحانه وتعالى فيقصد وجه الله والتعبد له بكل أموره فيجعل هذه الدنيا محرابا كبيرا للتعبد، فيحتسب في نومته ما يحتسب في قومته، ويؤدي حقوق الله جل جلاله خالصة له ليس فيها رياء ولا سمعة ولا طلب مصالح دنيوية، وهكذا في كل أعماله، وسيقسم عمله إلى قسمين إلى حسنة للمعاد ودرهم للمعاش، أما حسنة المعاد فهي ما يريد به تثقيل موازين حسناته الأخروية، ولا بد فيه من معرفة حكمه أولا قبل الإقدام عليه ثم بعد ذلك إلى تطبيق حكمه على نحو ما شرع، فلا يحل للإنسان أن يفعل فعلا حتى يعلم حكم الله فيه، ومن هنا كان العلم سابقا على العمل كما قال الله تعالى: كذلك من أسباب الإخلاص لله سبحانه وتعالى التطلع إلى ثوابه، فمن عرف ما عند الله سبحانه وتعالى من الخير وما أعد من الثواب للمحسنين ومنه رضوان الله الأكبر وإدخاله في جنات النعيم وكذلك لذة النظر إلى وجه الله الكريم والحسنى والزيادة، فكل ذلك مدعاة لأن يخلص لله سبحانه وتعالى، ونظير ذلك أيضا معرفته بما أعد الله لمن عصى أمره من العذاب الأليم في نار الجحيم فهو أيضا مدعاة للإخلاص لله سبحانه وتعالى، والازدياد من خوفه ورجائه بما يقتضي الإخلاص له وعدم مراعاة من سواه، وكذلك فإن من أسباب الإخلاص لله سبحانه وتعالى أن يدرك الإنسان أن من أخلص لله سبحانه وتعالى فعمله تام، ومن نقص إخلاصه فينقص عمله بقدر ذلك، والإنسان حريص على الربح في تجارته وهو يعلم أن عمله تجارة، فلذلك لا بد أن يحرص على تمام عمله وأن لا ينقص منه شيئا، ونقصه له بالرياء أو بالسمعة أو بطلب المنافع الدنيوية أو قصد وجه الناس ربما أبطله بالكلية وربما نقصه أيضا، فالعمل الذي راءى فيه صاحبه وقصد به أوجه المخلوقين ولم يقصد به وجه الله فهو مردود مطلقا على صاحبه كما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه عز وجل: أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه وقد اختلف العلماء هل هو مبطل للعمل كله أو مبطل لأجره دون أدائه الدنيوي، وعموما فالعمل ينقسم إلى أربعة أقسام، إلى عمل نافع في الدنيا والآخرة وهو الذي جمع فيه الإنسان بين مقتضيات الشهادتين، فأخلص فيه لله سبحانه وتعالى وتابع فيه ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عنده، فهذا العمل نافع في الدنيا لأنه مسقط للتكليف ومحرز به صاحبه الأداء والإجزاء فلا يحتاج إلى إعادة ولا قضاء، ونافع كذلك في الآخرة لأنه يثاب عليه صاحبه ثوابا كاملا غير منقوص الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والقسم الثاني من العمل ما لا ينفع في الدنيا ولا في الآخرة وهو ما لم يتحقق فيه مقتضى الشهادتين فلم يخلص فيه صاحبه لله بل قصد به أوجه المخلوقين قصد به الرياء أو السمعة أو الفخر أو الذكر بين الناس، وكذلك لم يتابع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأت به على الوجه الشرعي، كمن صلى يرائي الناس بصلاته وهو على غير طهارة يري الناس أنه يصلي، أو صام في الظاهر فإذا خلا بنفسه خرق صيامه، أو قام بالعمل في الظاهر يبديه للناس وهو في الباطن ينقضه ويبطله، فهذا النوع من العمل لا ينفع في الدنيا لأنه غير مجزئ وغير مسقط للخطاب بالأداء، وهو كذلك غير نافع في الآخرة لأنه مردود على أصحابه لعدم الإخلاص فيه لله جل جلاله. والقسم الثالث ما هو نافع في الآخرة دون الأولى، أي ينفع في الدار الآخرة ولا ينفع في الدنيا، وهو العمل الذي تحقق فيه الإخلاص ولكن نقصت فيه المتابعة، كمن صلى بغير وضوء ناسيا مثلا، أو خالف بعض أحكام الصيام جاهلا بحكمها، فيكتب له أجر هذا العمل في الآخرة ولكنه يلزمه قضاؤه، فمن صلى على غير طهارة ناسيا فإنه يلزمه الأداء إذا كان في الوقت والقضاء إذا كان الوقت قد خرج، وكذلك من صام من غير نية جهلا مثلا ولم يتناول مفطرا ولكنه نسي تبييت النية أو جهلها فهذا العمل مكتوب له أجره عنه الله سبحانه وتعالى في الآخرة ولكنه لا يجزئه في الدنيا فلا بد من قضائه لأنه لم يؤده على الوجه الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. والقسم الرابع من أنواع العمل ما هو نافع في الدنيا لا في الآخرة، وذلك هو العمل الذي نقص فيه الإخلاص ولكنه حصلت فيه المتابعة، وهذا على القول الراجح في المسألة، فمن صلى مرائيا ولكنه أحسن صلاته فأداها على وفق صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فأحسن وضوءه وصلى في الصف الأول وأدى الصلاة على هيئاتها وأركانها وشروطها، ولكنه لم يكن مخلصا لله سبحانه وتعالى بل كان مرائيا ومسمعا فهذا العمل يجزئه في الدنيا فيسقط عنه التكليف ولا يلزمه إعادة تلك الصلاة ولا قضاؤها، ولكنه غير نافع في الآخرة لأنه لم يقصد به وجه الله الكريم، وهكذا في كل الأمور. وهذا الإخلاص من أراد أن يتعرف على خطره وأهميته فليستمع إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بالنفر الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار قالوا: بلى يا رسول الله، قال: رجل علمه الله العلم فمات فدعاه فعرفه نعمته عليه فعرفها فقال له: فما عملت فيها، فقال له: تعلمت فيك العلم وعلمته وكذلك في كل مجالات العبادة كالدعوة مثلا فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن رجلا كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيجاء به يوم القيامة فيرمى في النار، فتندلق أقتابه أي أمعاؤه فيد وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه. وهذا الإخفاء للعبادة وعدم السعي لاطلاع الناس عليها لا يمنع أيضا أداءها في الجماعة ولا أداءها بين الناس أو إظهارها بقصد الدعوة والتعليم، فذلك غير مناف للإخلاص لقول الله تعالى: وكذلك من مظاهر الإخلاص عدم التمدح بها وعدم حب الإنسان لأن يحمد بما لم يفعل، فحب الإنسان لأن يحمد بما لم يفعل مناف للإخلاص، وكذلك عدم المن بها، فمن كان من أهل المن إذا قدم خيرا م وكذلك من مظاهر الإخلاص لله سبحانه وتعالى إتقان كل عمل تولاه الإنسان ولو لم يكن تحت الرقابة، فإذا كان في وظيفة وظف عليها وائتمن عليها أداها على أحسن الوجوه ولو لم تكن الرقابة حاضرة ولو لم يكن تحت سطوة القانون، وكثير من الناس إذا تولوا على أعمال لم يؤدوها إلا بقدر ما يتخلصون به من سطوة القانون، فإذا خلصوا من الرقابة تفلتوا وفرطوا في أعمالهم ولم يؤدوها على الوجه الصحيح لأنهم عبيد العصا تعودوا على الخوف من سطوة القانون فقط، ولم يخلصوا لله سبحانه وتعالى ولم يقصدوا وجهه الكريم أما من كان مخلصا لله سبحانه وتعالى فهو لا يبالي الرقباء حضروا أو غابوا وهو مغن عن المتابعة قائم بالعمل على أحسن الوجوه سواء شعر به أو لم يشعر الناس به، ولذلك ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم بخير الناس منزلا رجل أشعث أغبر رأسه مغبرة قدماه إن كان في الساقة كان في الساقة، وإن كان في الميمنة كان في الميمنة وإن كان في الميسرة كان في الميسرة وإذا استأذن لم يؤذن له وإذا شفع لم يشفع. فهذا في غاية الإخلاص ونكران الذات والتفاني في العمل، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإتقان كل عمل وليه الإنسان، قال: رحم الله امرأ إذا ولي عملا أتقنه، فكل عمل يتولاه الإنسان سواء أخذه بأجرة أو بغير أجرة من نصيحته لله ولرسوله وللمؤمنين أن يتقنه، وقد أخرج مسلم في الصحيح من حديث أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله قال: الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وأخرج البخاري في الصحيح من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة فشرط علي: والنصح لكل مسلم. وهذه النصيحة هي مظهر من مظاهر الإخلاص وأداء الحق الذي على الإنسان لله سبحانه وتعالى طيبة به نفسه، وكذلك من مظاهر إخلاص الإنسان أن يحمد على كل أحواله وأن يؤديها ولا يمل منها، فالذي يمل من العبادة أو يؤديها بمشقة وعنت، أو إذا أداها لم يستشعر أنها نعمة فلم يشكر النعمة لله سبحانه وتعالى على أدائها، ولم يشكر الله على توفيقه لأدائها ولا على إحسانها، ولم يقل الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ولم يقل ما قال ابن رواحة: تالله لولا الله ما اهتدينافهذا ناقص الإخلاص لله سبحانه وتعالى ولذلك يمل العبادة، وينقطع عنها، وكثير هم أولئك الذين يوفقون لبعض الطاعات ولترك بعض المعاصي، في رمضان نعمة من الله سبحانه وتعالى وابتلاء ولكنهم لا يستشعرون النعمة، فيملونها ويستطيلون شهر رمضان ويستطيلون القيام والصيام ويتذمرون من ذلك فلا يكونون مخلصين لله سبحانه وتعالى، أما من أحب الطاعة وذاق طعمها كالذي يستريح بالصلاة وبالصيام ويشتاق إلى رمضان ويقول: اللهم بلغنا رمضان قبل مجيئه ثم يسأل الله أن يتقبله منه إذا جاء، فهذا مظهر من مظاهر الإخلاص والصدق لله سبحانه وتعالى. وكذلك من مظاهر الإخلاص دفاع الإنسان لحظوظه النفسية، فكثير من الناس تدعوه نفسه لعدم الإخلاص في عمله أيا كان ذلك العمل فإذا صام يحب أن يطلع الناس على صيامه ويحب أن يروا أعماله، وإذا قام كذلك أحب أن يطلعوا على أموره، وإذا دعا أحب أن يستجيبوا لدعوته وهكذا في كل تصرفاته وهذا أمر باطني وهو من حظوظ النفوس التي لا بد من علاجها فالنفس أمارة بالسوء، وتغلب الإنسان على نوازعه وعلى ما لنفسه من الحظوظ مظهر من مظاهر هذا الإخلاص، وهو معين كذلك على إتمام العمل على أحسن الوجوه، وتذوق طمعه، فمن لا يتذوق طعم العبادة لا يكون من المحبين لها، وقد قال الله تعالى: وكذلك فإن من مظاهر الإخلاص لله سبحانه وتعالى ما يظهر على صاحبه عند تحققه لحصول خطإ فيه من الانكسار والخوف أن لا يتقبل الله منه، فكثير هم أولئك الذين يؤدون كثيرا من الطاعات، ولكنهم لا يخافون من عدم قبولها، فيجزمون بالقبول ولا يخشون الرد، وهؤلاء إخلاصهم ناقص، أما الذين يؤدونها وهم يخافون خوفا شديدا ألا يتقبلها الله منهم هذا دليل على إخلاصهم، ولذلك قال الله تعالى: وقد جاء في الحديث الصحيح أن رجلا من بني إسرائيل قال: لأتصدقن الليلة بصدقة، قال ذلك في نفسه وهو صاحب إخلاص لله سبحانه وتعالى، فأخذ صدقة من حر ماله فذهب بها فوضعها في يد سارق، فأصبح الناس يتحدثون تصدق الليلة على سارق، فقال: لك الحمد على سارق، ثم قال: لأتصدقن الليلة بصدقة، فأخذ صدقة من حر ماله فوضعها في يد زانية، فأصبح الناس يتحدثون تصدق الليلة على زانية، فقال: لك الحمد على زانية، ثم قال لأتصدقن الليلة بصدقة فأخذ صدقة من حر ماله فخرج بها فوضعها في يد غني فأصبح الناس يتحدثون تصدق الليلة على غني فقال: لك الحمد على غني، فأرسل الله إليه ملكا أو أرصد له ملكا، فقال: لقد تقبل الله صدقتك، أما الصدقة على السارق فإنها تكفه عن سرقته فما سرق إلا لحاجة، وأما الصدقة على الزانية فإنها تكفها عن زناها فما زنت إلا لحاجتها، وأما الصدقة على الغني فإنها تنبهه إلى الصدقة وتدله على تقصيره، فكان ذلك فرحا بما قدمه من الطاعة وخشية من عدم القبول، فقد تقبل الله منه وكان ناجحا في امتحانه لصدق وهذا الإخلاص له آثار طيبة على النفوس منها صقل البصيرة وإنارتها، ومنها استجابة الدعاء، ومنها كذلك زكاء العمل ونماؤه، فمن كان صادقا في عمله مخلصا فيه كان عمله أزكى وأنمى عند الله سبحانه وتعالى، فلذلك جاء في الحديث الصحيح إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وما تصدق امرؤ من كسب طيب إلا كان كأنما وضعها في يمين الرحمن فلا يزال ينميها له كما ينمي أحدكم ف وللإخلاص كذلك أثر كبير في صلاح الذرية وصلاح الأهل، فمن كان مخلصا لله سبحانه وتعالى جمع له شمله وأصلح له ذريته، وفيه أثر كذلك على الإنسان في استغنائه عن المخلوقين وإبداء فقره لله وحده، وعدم تعلقه بالمخلوق أيا كان، نسأل الله تعالى أن يرزقنا الصدق والإخلاص وأن يتقبل منا صالح الأعمال وأن يجعل ما نقوله ونسمعه حجة لنا لا علينا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. |
|
12-29-2011, 10:11 PM | #16 |
عضو ملكي
|
جزاكم الله كل خير ونفع بكم جميعآ وجزاء الله الشيخ المنصوري خير الجزاء على مايقدمه من دروس وفوائد ولكم جزيل الشكر والتقدير على ماقدمتموه
|
|
12-31-2011, 01:54 PM | #17 |
عضو ملكي
|
إتقان العمل ثمرة الإحسان
أ.د. عباس محجوب الإنسان المسلم يفترض فيه أن تكون شخصيته إيجابية، مقبلة على الحياة، متفاعلة معها، ولأن الإنسان المسلم مطالب باستيفاء شروط الخلافة في الأرض والسعي في مناكبها عبادةً لله، وإعماراً للأرض، واستفادة مما فيها من ثروات وخيرات لا يصل إليها إلا بالعمل والعمل الجاد. لذلك كانت مطالبة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتقن الإنسان عمله: ((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه))[1]. فالإتقان سمة أساسية في الشخصية المسلمة يربيها الإسلام فيه منذ ان يدخل فيه، وهي التي تحدث التغيير في سلوكه ونشاطه، فالمسلم مطالب بالإتقان في كل عمل تعبدي أو سلوكي أو معاشي؛ لأن كل عمل يقوم به المسلم بنيّة العبادة هو عمل مقبول عند الله يُجازى عليه سواء كان عمل دنيا أم آخرة. قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)). [الأنعام: 162-163]. وتتمثل عملية الإتقان في تعلُّم المسلم للصلاة وأدائها بأركانها وشروطها التي تدرّب المسلم على الإتقان المادي الظاهري، بل على الإتقان الداخلي النفسي المتمثل في مراقبة الله عز وجل والخوف منه، فهل نحن نربي الآن في مجتمعنا المسلم الشخصية المسلمة التي تهتم بإتقان أمور الحياة كلها؟ فردية أو جماعية؟ وهل سبب تخلفنا وتأخرنا يرجع إلى فقدان هذه الخاصية؟وما قيمة الشعائر والوسائل التعبدية التي لا تغير في سلوك الإنسان ونمط حياته ووسائل إنتاجه؟ إننا نفتقد التربية الأسرية والمدرسية والاجتماعية التي تجعل عمل الإتقان في حياتنا مهارة داخلية تعبر عن قوة الشخصية التي تكسب الإنسان الاتزان والثقة والاطمئنان والتفرد إلى جانب اكتساب المهارة المادية والحركية. إننا مطالبون بترسيخ هذه القيمة التربوية الحياتية في واقعنا وسلوكنا؛ لأنها تمثل معيار سلامة الفرد وقوة شخصيته وسمة التغيير الحقيقي فيه، كما أننا مطالبون ببذل الجهد كله في إتقان كل عمل في الحياة يطلب منا ضمن واجباتنا الحياتية أو التعبدية. وعادة الإتقان تكسب الأمة المسلمة الإخلاص في العمل لارتباطه بالمراقبة الداخلية، كما أنها تجرد العمل من مظاهر النفاق والرياء، فكثير من الناس يتقن عمله ويجوّده إن كان مراقباً من رئيس له، أو قصد به تحقيق غايات له أو سعى إلى السمعة والشهرة لأنه يفتقد المراقبة الداخلية التي تجعله يؤدي عمله بإتقان في كل الحالات دون النظر إلى الاعتبارات التي اعتاد بعضهم عليها. ظاهرة حضارية: والإتقان كما قلنا هدف تربوي، ومن أسس التربية في الإسلام، لأن الإتقان في المجتمع المسلم ظاهرة سلوكية تلازم المسلم في حياته، والمجتمع في تفاعله وإنتاجه، فلا يكفي الفرد أن يؤدي العمل صحيحاً بل لا بد أن يكون صحيحاً ومتقناً، حتى يكون الإتقان جزءاً من سلوكه الفعلي. والإتقان في المفهوم الإسلامي ليس هدفاً سلوكياً فحسب، بل هو ظاهرة حضارية تؤدي إلى رقي الجنس البشري، وعليه تقوم الحضارات، ويعمر الكون، وتثرى الحياة، وتنعش، ثم هو قبل ذلك كله هدف من أهداف الدين يسمو به المسلم ويرقى به في مرضاة الله والإخلاص له لأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه، وإخلاص العمل لا يكون إلا بإتقانه. ولعلنا نلحظ أن من أسباب التخلف في المجتمعات الإسلامية افتقادها خاصية الإتقان كظاهرة سلوكية وعلمية في الأفراد والجماعات، وانتشار الصفات المناقضة للإتقان كالفوضى والتسيب وفقدان النظام وعدم المبالاة بقيمة الوقت واختفاء الإحساس الجمعي والإهمال والغش والخديعة، وهذا منعكس في فقدان المسلمين للثقة في كل شئ ينتج في بلادهم مع ثقتهم في ما ينتج في غير بلاد المسلمين. والشباب المسلم يتعرض للكثير من المخاطر بفقدان هدف الإتقان في المناشط المتعلقة به بينما كان المسلمون الأوائل يحرصون على تعليم الشباب إتقان العمل حتى كان طالب الطب مطالباً بتحسين خطة وإتقانه قبل أن يتعلم مهنة الطب، ليكون الإتقان سمة خلقية سلوكية، وقيمة إنسانية. وصفة الإتقان وصف الله بها نفسه لتنقل إلى عباده (صنع الله الذي أتقن كل شئ)[النمل 88] [1] رواه ابو يعلى عن عائشة رضي الله عنها في مجمع الزوائد، كتاب الإيمان، ج4،ص 98 والجامع الصغير للسيوطي، ج 1، ص 177 هناك علاقة متداخلة بين الإتقان والإحسان غير أن الإتقان عمل يتعلق بالمهارات التي يكتسبها الإنسان بينما الإحسان قوة داخلية تتربى في كيان المسلم، وتتعلق في ضميره وتترجم إلى مهارة يدوية أيضاً، فالإحسان أشمل وأعم دلالة من الإتقان، ولذلك كان هو المصطلح الذي ركز عليه القرآن والسنة، وقد وردت كلمة الإحسان بمشتقاتها المختلفة مرات كثيرة في القرآن الكريم، منها ما ورد بصيغة المصدر اثنتي عشرة مرة، بينما وردت كلمة المحسنين ثلاثاً وثلاثين مرة، وبصيغ اسم الفاعل أربع مرات، واللافت للنظر أنها لم ترد بصيغة الأمر إلا مرة واحدة للجماعة: ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) [البقرة 195]. وكما ذكر الأستاذ سعيد حوى في كتابه جند الله ثقافة وأخلاقاً: إن الإحسان ذو جانبين، عمل الحسن أو الأحسن ثم الشعور أثناء العمل بأن الله يرانا أو كأننا نراه، وهذا هو تعريف الرسول صلى الله عليه وسلم للإحسان بأن ((تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))[1]، فالإحسان مراقبة دائمة لله، وإحساس بقيمة العمل، وعلى هذا تندرج كل عبادة شرعية، أو سلوكية أو عائلية تحت مصطلح الإحسان الذي يعني انتقاء الأحسن في كل شئ فالشخصية المسلمة تتميز بالإحسان الذي يرتبط بالتقوى وعبر عنه كمرحلة سامية من مراحل الإيمان المصاحب للعمل، يقول تعالى: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات، ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين)[المائدة 93]. فإذا كان المسلم مطالباً بالعبادة، والعمل المترجم للإيمان فإنه مطالب دائماً بالإحسان في العمل والحياة، غير أن هناك تفاوتاً في مجالات الإحسان حيث ركز القرآن الكريم، في طلب الإحسان في أمور منها: الإحسان إلى الوالدين، مع دوام الإحسان في كل شئ، يقول الله تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخورا) [النساء 36]، فالإحسان بنص هذه الآية انفتاح على قطاعات كثيرة في المجتمع، يطالب المسلم بالتعامل معها والتفاعل على أساس من التقوى والحرص على الجماعة حتى يكون الجهد المبذول في سبيل الإحسان إليها ذا قيمة اجتماعية يراعى فيها رضاء المولى عز وجل لقوله تعالى: (وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً)[النساء 128]. والرسول صلى الله عليه وسلم يربط بين الإتقان والإحسان فيقول: (( إن الله كتب الإحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة))[2]، فالإحسان هنا مرادف لكلمة الإتقان، وقد أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يزرع بذلك الرحمة في قبل المسلم ويكسبه عادة الإتقان في العمل حتى ولو لم يكن للعمل آثار اجتماعية كالذبح الذي ينتهي بإتمام العمل كيفما كان. وأول عمل يتطلب الإتقان في حياة المسلم هو الصلاة حيث يطالب بها في السابعة ويضرب عليها في العاشرة، فإذا وصل مرحلة الشباب والتكليف كان متقناً للصلاة مجوداً لها محسناً أداءها، فالمسلم في الصلاة يتقن عدداً من المهارات المادية والمعنوية، فإقامة الصلاة و ما يطلب فيها من خشوع واستحضار لعظمة الخالق، وطمأنينة الجوارح، وتسوية الصفوف، ومتابعة الإمام، ثم ممارسة الصلاة خمس مرات في اليوم كل هذه من الممارسات التي تتطلب التعود على الإتقان حتى تنتقل هذه العادة من الصلاة إلى سائر أعمال المسلم اليومية دنيوية أو أخروية. إن الإحسان دعوة إلى إيجاد الشخصية المثلى، الشخصية التي اتجهت حركة المجتمع وجهود التربية إلى إيجادها، هذه الشخصية تمثل المثالية التي تحققت في واقع المجتمع المسلم في الماضي، ويمكن أن تتحقق في واقعنا إذا توافرت الشروط الموضوعية لتحقيقها. وقد اختصر القرآن الكريم الصورة الإنسانية المثالية في آية واحدة؛ يقول تعالى: (وقولوا للناس حسنا)[البقرة83]، وللوصول إلى شخصية المسلم التي تحققت فيه معاني الإحسان نرى أن الأمر يحتاج إلى مجاهدة شديدة للنفس تتحقق فيها كثير من الصفات، منها قول الله تعالى: (الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)[آل عمران 134 ] ولأن الإحسان مجاهدة وجهاد يقول سبحانه وتعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) [العنكبوت 69] وقد وصف الله سبحانه الأنبياء جميعاً بأنهم من المحسنين الذين يستحقون حسن الجزاء عند الله لأنهم كانوا يجاهدون أنفسهم خوفاً من الله وتقوى، يقول الله تعالى: (إن المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) [ الذاريات 17-19] وإلى جانب المجاهدة هناك وسيلة أخرى لاكتساب صفة الإحسان وهي الإقبال على الله بالطاعة والعبادة والذكر، يقول الله تعالى: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها)[الإسراء 7]. والإحسان في أمور الدنيا يشمل الحياة كلها إذ إن الحياة لاتنموا ولا تزدهر، والحضارات لا تبنى ولا تتقدم إلا بالإحسان، إحسان التخطيط وإحسان التنفيذ وإحسان التقدير((إن الله كتب الإحسان على كل شئ)) والمسلم لا يتربى على الإحسان إلاّ إذا قصد الإحسان في تفاعله مع المجتمع، ليس بقصد اللياقة الاجتماعية المظهرية؛ بل بقصد مراعاة حق الإنسان وحق الأخوة الإسلامية في إحسان التعامل على قاعدة من الأمانة والصدق والإخلاص والتقوى والمسؤولية الاجتماعية المتجذرة في وجدانه وكيانه. الإحسان إيجابية، والمسلم مطالب بان يكون الإحسان هدفه، وغايته لأن الله يأمر بالعدل والإحسان قولاً وعملاً، يقول تعالى: ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن)[الإسراء 53]، ويقول تعالى: (ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون)[التوبة 121]، وكذلك فإن الإسلام توجه في تربيته إلى مجتمع العمل ليكون متقناً كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجعل الإسلام العمل المعيار الأوحد لما يكسبه الإنسان في الحياة، وجعل إتقان العمل عبادة تحبب العامل إلى الله، وتحقق له سر استخلافه ووجوده، فالمجتمع العامل هو المجتمع المنتج الذي يعتمد أفراده في كسبهم على جهدهم العضلي والفكري، لذلك دعا الإسلام إلى العمل وباركه وجعل له جزاء في الآخرة مع جزاء الدنيا. كما أن الإسلام يحرم استغلال الإنسان، وسلب جهده وطاقته ، كما أكد الإسلام على حق العامل في ملكية أجره وحمايته والوفاء له والتعجيل بإعطاء الأجير حقه قبل أن يجف عرقه، بل جعل الإسلام كل عمل يقوم به المسلم طاعة لله إذا قصد مصلحة البشر وأتقنه وأخلص فيه، وجعل العمل عبادة وقربى يعتبر من أعظم الدوافع لبذل الجهد وكثرة الإنتاج، وفي المقابل حرم الإسلام البطالة وعابها فجعل اليد العليا خيراً من اليد السفلى وحض على العمل، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ))[3]. و المشكلة أننا نقر هذه المبادئ نظرياً ونحدث عنها كثيراً، ولكننا لا نترجمها في واقع مجتمعنا الذي يتميز بضعف الإنتاج، والتهرب من العمل، وعدم الإتقان بل يحمل قيماً فكرية نحو العمل مخالفة لمفهوم الإسلام. مجتمعنا يحتاج إلى تغيير جذري في مفاهيم العمل وأهمية الإنتاج ويحتاج إلى تعليم مكثف لأهمية الإتقان لكل عمل يقوم به، فنحن لا نتعلم من ديننا ولا نتعلم من غيرنا، وتربيتنا الأسرية والمدرسية والحياتية لا تقوم على أهمية أن تعمل، وتكد وتجتهد وتبني في الحياة بل إن مفاهيم خاطئة لا تفرق بين التكافل كقيمة حياتية، والتواكل والتكاسل كعيوب سلوكية وحياتية، وإلى الآن لم توضع البرامج التي ستغير من أساليب العمل. و مفاهيم الإنتاج في المستقبل والتعليم العام والجامعي في بلادنا يدلان على أننا لا نسعى لتغيير هذا المجتمع إلى الأفضل والأحسن، وسنظل عالة على غيرنا نستهلك ما يصنعون وينتجون ونمارس فضيلة المناقشة والجدال والتنظير والتجديد للشعارات والأماني وأحلام اليقظة التي أدمنها مجتمعنا. و المجتمع المتعلم هو المجتمع الذي يبشر بالحضارة والرفاهية والنظام والتخطيط والإنتاج والازدهار، وهو المجتمع المعصوم من الفوضى والتسيب، والمبرأ من الأمية والجهل والخرافة، وكل مظاهر التخلف الحضاري والعلمي، وهو المجتمع الذي يربط الأسباب بالمسببات، والنتائج بالمقدمات، ويكتشف قوانين الله في الكون، ويحسن التعامل معها والاستفادة منها، وأول آيات الوحي كانت دعوة إلى المجتمع المتعلم المعتمد على المنهج العلمي. والمنهج العلمي الذي أصله المسلمون وعممه علماء الحديث، وقبل ذلك وضع أساسه القرآن الكريم هذا المنهج هو الذي أوجد مجتمع العلم والحضارة وكان سر التقدم وبناء العقلية المسلمة على منهجية العلم والإيمان. والذين يظنون أن أكثر المؤسسات الفارغة من المضامين العلمية الحقيقية يمكن أن تحدث تغييراً في المجتمع –هؤلاء واهمون- لأن هذا النوع من التغيير سيكون تغييراً شكلياً مظهرياً أجوف لا قيمة له في الحياة ولا أثر له في عملية التنمية والتقدم وسنظل نحرث في البحر ونضرب في حديد بارد. [1] متفق عليه: صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، ح رقم 48 ، ومسلم كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ح رقم 9. [2] سنن الترمذي، كتاب الديات باب ما جاء في النهي عن المثلة، ح رقم 1329 [3] البخاري، كتاب الزكاة، باب الاستحقاق في المسألة، ح رقم 1378 |
|
12-31-2011, 01:57 PM | #18 |
عضو ملكي
|
ما الفرق بين الإخلاص لله والإخلاص في العمل؟ بسم الله الرحمن الرحيم 2009-10-27 06:59:25 | رقم الإستشارة: 296539 الشيخ/ أحمد الفودعي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو أن توضحوا لي ما الفرق بين الإخلاص لله والإخلاص في العمل، كثيرا ما نلاحظ الفرق بين المنتجات الأصلية والمنتجات المقلدة، فنقول عن الأصلية أن أصحاب هذه المنتجات مخلصين في أعمالهم، فما هو هذا الإخلاص ولمن؟ وما هو الإخلاص المطلوب مني؟ وإذا أردت أن أنجز عملا أو أصنع شيئا أو أتقدم لوظيفة فما هي النية الواجب توفرها؟ أرجو توضيح هذا الأشكال، ولكم جزيل الشكر. الإجابــة الأخ الفاضل/ م حفظه الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،، فمرحباً بك أيها الأخ الكريم، وجزاك الله خيراً لحرصك على التفقه في هذا الأمر العظيم وهو إخلاص النية لله تعالى. والمقصود بإخلاص النية لله تعالى أن يعمل الإنسان العبادة مريداً بذلك ثواب الله تعالى، لا يريد مدح الناس أو ثناءهم أو تحصيل غرض من أغراض الدنيا، وهذه النية واجبة فيما كان من أعمال الآخرة أي العبادات المفروضة والمسنونة وإذا لم تصاحب هذه النية العمل فإنه حابط وهو وبال وعذاب على صاحبه ـ نسأل الله تعالى السلامة والعافية ـ، وقد وردت النصوص الكثيرة في التخويف من الرياء وبيان سوء عاقبته. أما الأعمال الدنيوية فإنه يجوز للإنسان أن يفعلها بنية تحصيل غرض مباح من أغراض الدنيا كالسمعة الحسنة والمال ونحو ذلك، فيتعلم الطب مثلاً ليكسب منه المال، ويحسن مهنته ليكتسب شهرة تدر عليه أربحاً كثيرة ونحو ذلك من الأغراض فهذا أمر مباح. ولكن المسلم ينبغي له أن يحرص على أن يثاب على كل أعماله، فالأعمال التي يؤديها خلال يومه وليلته من أعماله العادية يمكن أن تكون قربة تقربه إلى الله تعالى إذا هو أحسن النية، فإذا كان طبيباً نوى بعمله إعانة الإنسان المريض ونفعه ابتغاء مرضات الله تعالى مع الثواب الدنيوي الذي يتقاضاه، وهكذا سائر المهن التي يزاولها. وبهذه النية تصبح أعماله كلها قرب وطاعات، ولكن هذا لا يلزمه وليس مفروضاً عليه، ولكنه يندب له ليحصل على ذلك الثواب. ونظن بهذا أن الصورة أصبحت واضحة في الفرق بين النوعين من الأعمال، وأما ما ذكرته من إخلاص الناس لعملهم، فالغالب أن الناس يقصدون بقولهم فلان مخلص لعمله أنه مهتم بإتقانه وإحسانه، فالإخلاص للعمل معناه عند كثيرين الاهتمام به والعناية بأدائه على أحسن الوجوه، وهذا قصد حسن ينبغي للمسلم أن يعود نفسه عليه، فإن الله ندبنا إلى إحسان كل شيء، نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير ويفقهنا في دينه. وبالله التوفيق. |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
(¯`._.·الإخلاص, ..خلاص, المنصوري", الشيخ, د.أحمد, `·._)<<حملةا4 |
|
|
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
(¯`._.·إليك ربي لجأت `·._)<<حملة التوبة2 مع الشيخ د.أحمد المنصوري" | عبدالرحمن سالم | المنتدى الإسلامي | 57 | 08-06-2012 02:36 AM |
(¯`._.·هي دوائي و بلسم لدائي `·._)<<حملةا3 عن الصلاة مع الشيخ د.أحمد المنصوري" | عبدالرحمن سالم | المنتدى الإسلامي | 78 | 08-06-2012 02:36 AM |
الادب الحمله13/حملات الشيخ أحمد المنصوري | طبعي الوفاء | المنتدى الإسلامي | 10 | 03-02-2012 07:10 AM |
(الاخلاص ... خلاص) حمله الـ 5 د.الشيخ أحمد المنصوري | عبدالرحمن سالم | المواضيع المكرره | 0 | 12-27-2011 06:18 AM |
حملات الشيخ الدكتور/أحمد المنصوري | عبدالرحمن سالم | المنتدى الإسلامي | 8 | 12-19-2011 05:05 AM |
|
|
ادارة المنتدى غير مسؤوله عن التعامل بين اﻻعضاء وجميع الردود والمواضيع تعبر عن رأي صاحبها فقط |
|
|