الصلاة غذاء القلوب، وزاد الأرواح، مناجاةٌ ودعاء، خضوع وثناء، تذلل وبكاء، وتوسل ورجاء، واعتصام والتجاء، وتواضع لكبرياء الله، وخضوع لعظمته وانطراح بين يديه، وانكسار وافتقار إليه، تذللٌ وعبودية، تقرب وخشوع لجناب الربوبية والألوهية، إنها ملجأ المسلم، وملاذ المؤمن، فيها يجد البلسم الشافي، والدواء الكافي، والغذاء الوافي، إنها خير عدة وسلاح، وأفضل جُنَّة وكفاح، وأعظم وسيلة للصلاح والفلاح والنجاح، تنشئ في النفوس، وتذكي في الضمائر قوةً روحية, وإيمانًا راسخًا، ويقينًا عميقًا، ونورًا يبدد ظلمات الفتن، ويقاوم أعتى المغريات والمحن، وكم فيها من الأسرار والحكم، والمقاصد والغايات التي لا يعقلها كثير ممن يؤديها، فما أعظم الأجر وأوفر الخظ لمن أداها على الوجه الشرعي، أخرج الإمام أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خمس صلوات افترضهن الله عز و جل، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن، وأتم ركوعهن وخشوعهن كان على الله عهدٌ أن يغفر له))
الصلاة صلة بين العبد وربه، ينقطع فيها الإنسان عن شواغل الحياة، ويتجه بكيانه كله إلى ربه، يستمد منه الهداية والعون والتسديد، ويسأله الثبات على الصراط المستقيم الصلاة نور فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الصلاة نور)) (مسلم)
هذا النور الذي يجده العباد في صلاتهم وهي التي عبر عنها ابن تيميه رحمه الله بقوله: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة. فلا يكاد مسلم يفرط في صلاته ويتساهل في طلبها بعد أن ذاق لذتها وهذه اللذة كما قال ابن القيم رحمه الله تقوى بقوة المحبة وتضعف بضعفها. لذا ينبغي للمسلم أن يسعى في الطرق الموصلة إلى محبة الله.
أما آن الاوان للقلوب الغافلة و الافئدة الهاوية أن تستشعر هذه الراحة القلبية و الطمأنينة النفسية و أن يجعلها قرة عين حقيقية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والنسائي عن أنس: ((وجعلت قرة عيني في الصلاة))
ذلك مصدر السعادة والسرور، ومبعث الطمأنينة والحبور، وكان ذلك ديدنَ الأنبياء جميعًا عليهم صلوات الله وسلامه، وهكذا كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم القدوة ، إذا حزَبه أمر فزع إلى الصلاة، خرجه الإمام أحمد وأبو داود من حديث حذيفة .
فلنعمر قلوبنا بالايمان فتستنير صلاتنا حينها تقلع عنا الظلمات و الشهوات