دعوه يبحث عن الضائعة ..!!
المؤثرون لنصرهم حتى على أنفسهم , و المناحزين له بعيدا ً عن كل التصنيفات الشخصية و الزمانية , يعرفون بدقة متناهية كل مصادر الوجع النصراوي , و يرقبون ببهجة مرحلة الإستشفاء الطويل التي يمر بها , ينظرون بعمق و شمولية لأزمة العودة , يعرفون كل معوقاتها و يقيسون بلا إستعجال المساحات الزمنية اللازمة لتجاوزها , ويدركون أن خطوات تمرحل الخلاص منها ستمر بعقبات و إنكسارت وقتية , لا يأخذهم الفوز لوهم الخلاص التام , و لا تهوي بهم الأخطاء و الخسائر العابرة إلى هوة الإحباط , حيث الشتائم و لعن المرحلة , و التنادي بهدم كل شيء , و الدعوة المعتادة للبكاء على أطلال الأمس ..!!
على الضفة الأخرى يقف من يريدون نصر المواصفات الخاصة , يترقبون السقطات مهما صغرت أو جاءت بها الإجتهادات كبيرة , لينفخوا فيها حتى تصبح أهرامات سوداء من الإحباط , ثم يتمددون في ظلالها و ينادون بهدم المسيرة بكل مكوناتها , و العودة لإجترار ذكريات الأمس , التي أصبحت مجرد تاريخ مشرف و لكنه لا يصنع مجدا ً مضاف , و لا يضيف للواقع شيئا ً من الإنصاف ..!!
مأساة النصر الحقيقية , أن هناك من أهله , من لا يزال محبوسا ً داخل أسوار الماضي , و هذا الحبس الإختياري , لم تختره عاطفة يشدها الوله للمجد السابق , بل هو أختيار ناتج عن حسابات معقدة , تخلط إن بقصد أو بغير قصد , بين النصر ككيان شمولي , و بين كينونة الذات و نوازعها و إملاءاتها الملحة بالمناداة , بنصر المواصفات الخاصة ..!!
مسيرة إعادة إعمار النصر المهدوم , قطعت مراحل مهمة خارج الملعب , عندما لملمت مقاليدة من أطراف الليل , و وضعتها تحت رابعة النهار , لتكون متاحة للأقدر و الأجدر فقط , بعيدا ً عن كل المؤثرات الإخرى , التي كانت أشبه بسوط الجلاد , الذي يلهب ظهر النصر كلما تاق لحريته , أو تطلع لواقع أفضل ..!!
فنيا ً النصر و هذا هو المهم , يشهد حركة تجديد , بل إنه يشهد ثورة على موروثات مُعيقة , موروثات كانت تكرس الجمود القاتل بأدبياتها المتصادمة مع واقع الأحتراف , موروثات لها معايير غير فنية , في قيمة الأداء الفني لأغلب اللاعبين , بل إن المدرب أصبح الرضا و السخط عليه , ينطلق من هذا المعيار المصاب بالحول الفكري , و هذا ما يواجهه السيد زنجا حاليا ً , الذي تتسم شخصيته بالطموح و التحدي , و تحمل المسئولية و الوضوح , فهو أول مدرب يقضي على كل معيقات عودة النصر , حيث إستقل بسياسته التدريبية عن تداخل الصلاحيات و المجاملات و ( ضياع الطاسة ) مما مكنه من القضاء على التسيب و اللامبالاة , بل إن هناك ممن يعرفون واقع النصر و مسببات تدهوره في الماضي , يتمنون أن يبقى هذا الأصلع المتجهم موسمين على الأقل , بالرغم من بعض المأخذ الفنية عليه , لأنه يعتبر المدرب الوحيد الذي إستطاع أن يعرف علل النصر , فواقع النصر و تركيبته الذهنية ( شرفيا و إداريا ً و جماهيريا ً و إعلاميا ً ) تحتاج لدكتاتورية مدرب يستطيع أن يستقل بالقرار ليخرج النصر من حالة التوهان بين تداخل الصلاحيات و المجاملات والإجتهادات و الإملاءات و التجريب المرتبك للبحث الأعمي عن المخرج ..
إن صحت الأنباء أن هناك ضغوط من داخل إدارة الأمير فيصل بن تركي تطالبه بالإستغناء عن السيد زنجا لأسباب شخصية بالتأزر مع بعض اللاعبين المحجمين , و إن سموه قد يستجيب لهذه الضغوط , فسوف تكون إستجابته سقطة كبيرة ستقضي على كل شيء , بل إن مسيرة الإعمار الفني قد تذهب بإدارته الطموحة إلى الفشل و الرحيل المر , بعد أن بدأت تلامس النجاح , خصوصا ً و أن مسيرة إعمار النصر قد قطعت كل المرحلة و لم يتبقى إلا أواخر المرحلة الأخيرة التي أوشكت على نهايتها , إن ترك الأصلع يبحث عن ( طاسة النصر الضائعة ) التي يوشك أن يجده وفق فلسفته المستقلة , عن كل التداخلات و الإجتهادات الغير راشدة .
فرحان الفرحان
|