النصر ضحية التغيير أم التدمير ؟

المشهد النصراوي يغلي تحت صفيح ساخن ، الكل يشعر بالإحباط والاستياء والغضب نتيجة الخسارة القاسية في نهائي كاس الأبطال وانتهاء كل الأحلام الجميلة والأماني الوردية بعودة النصر من جديد إلى منصات الذهب والبطولات ، فلم يكن أحدا من النصراويين يتوقع أن تكون نهاية الموسم بمثل هذه النهاية التراجيدية المؤسفة وبفريق ضعيف وهش يخسر بدم بارد . لكن السؤال ماذا بعد نهاية الموسم ، وإسدال الستار على عام كروي كان الحزن فيه غالب على الجماهير النصراوية والفرح قليل وشحيح .. التغيير اسطوانة موسمية منذ أكثر من عشرة سنوات وجمهور وإعلام النصر ومسيروه يدورون في فلك ( التغيير ) تغيير كل شي مع نهاية كل موسم بل واحيانا في منتصفه .. الكل يطالب بالتغيير .. تغيير المدرب تغيير اللاعبين تغيير مدير الكرة تغيير الإدارة .. دون أن ينجح أحد في معرفة حقيقة التغيير ومفهومة ، هل هو تغيير كلي أم جزئي ؟ هل هو تغيير بهدف إصلاح الخلل أم تغيير بهدف إبعاد الأشخاص ؟ هل تغيير في رسم السياسات والأفكار أم تغيير في الأشخاص والكراسي ؟ الكل يطالب بالتغيير ، والكل يعتقد أن التغيير هو الحل وطوق النجاة .. ويبدأ موسم وينتهي والتغيير مستمر في كل النواحي والنتيجة فشل يتبعه فشل . الحل أين ؟؟ الحل في أن يتغير الفكر لدى النصراويين ، فكر التغيير بدون ضوابط ، رغبة التغيير بدون تقنين ، مفهوم التغيير بدون تخطيط .. التغيير الذي لا يأتي على مراحل وضعوا أكثر من خط على كلمة مراحل .. لن ينجح هذا التغيير أبدا .. والمقصود بالتغيير على مراحل أن يكون التغيير جزئي بحيث يتم دراسة الأخطاء والسلبيات ومعالجتها وتعزيز الايجابيات والمكتسبات والمحافظة عليها .. أما التغيير العاطفي الذي يأتي كردة فعل لهزيمة أو فقدان بطولة فهو تغيير غير مدروس ونتائجه عكسية دائما . التغيير الدائم يعني انسجام مفقود كرة القدم لعبة جماعية ومنظومة إدارية وفنية تحتاج إلى العمل والاستقرار والهدوء حتى يصل الفريق إلى مرحلة كافية من النجاح وهذا النجاح لن يتحقق من دون ركائز واضحة وأساسات متينة وثابتة ولعل أهمها الاستقرار الإداري والفني واللاعبين .. هذا الاستقرار لايمكن أن يتم والتغيير مستمر كل موسم وكل ستة شهور .. تغيير مدرب يتبعه مدرب آخر ، تغيير لاعبين يتبعه لاعبين آخرين ، تغيير إداريين يتبعه إداريين .. هذا التغيير المستمر يفقد الفريق انسجامه واستقراره ويجعله مؤسسة ومنظومة ضعيفة ومفككة وهشة وسهلة العطب والانكسار مع أي موقف . الاستقرار ثمرته النجاح تأملوا المشهد الرياضي لدينا فالأندية التي تشهد استقرار إداري وفني هي الأندية التي تنجح وتحقق البطولات أو على الأقل تنافس وتقدم مستويات مميزة .. فالاستقرار الفني والإداري في الشباب والأهلي والهلال حقق لهم البطولات .. والاستقرار الفني والإداري في الاتفاق والفتح مكنهم من المنافسة وتقديم نتائج جيدة ومشرفة .. فيما التغيير المستمر وعدم الاستقرار الإداري والفني في النصر والاتحاد وبقية الأندية ساهم في تردي النتائج وضعف المردود الفني وفقدان كل البطولات . البداية من حيث النهاية إذا لم يقتنع النصراويين بأنهم يجب أن يبدؤون من حيث انتهوا في نهاية الموسم بتحقيق المركز الثاني في كاس الأبطال وبالخسارة من الأهلي .. وهرعوا كعادتهم بحثا عن التغيير الشامل والصخب الإعلامي وصفقات اللاعبين الغير مفيدين والذين لايحتاجهم الفريق ولايضيفون له سوى الخسارة المادية والتكديس بطريقة تدل على غياب الفكر الفني الذي يعرف احتياجات الفريق ، فان الفريق سيبدأ الموسم القادم من الصفر وسيعود إلى المربع الأول ، مربع التخبط وفقدان الهوية والبحث عن استقرار فريق ، وتجانس لاعبين جدد ، وتبدأ حكايات كل سنه ( عطوا المدرب وقت ) و ( لاتستعجلوا بالحكم على اللاعبين الجدد ) ويشارف الموسم على الانتهاء ثم تأتي الفترة الثانية لتبدأ حركة التصحيح المتأخرة ، ويتم تغيير المدرب واللاعبين الأجانب ، وهكذا خسارة مال وغياب انسجام وضياع البطولات . الاستقرار الإداري مهم لست مع فيصل بن تركي فيما قدمه من عمل في الفترة الماضية وماتخلله من أخطاء ولكنني لست أيضا ضده في الاستمرار وإكمال ماتبقى من فترته بالرئاسة والمتبقي منها عامين فالرجل اكتسب الخبرة الإدارية وأصبح لديه معرفة كافية بأدوات النجاح التي يمكن أن يستفيد منها في تحقيق رغبات وتطلعات الجماهير .. فليس من صالح النصر أن يعود للمربع الأول من جديد ، ونسف كل العمل الذي قامت به إدارة الأمير فيصل بن تركي ، والبدء من جديد بأخطاء جديدة وأفكار قديمة فيضيع الموسم مابين التجربة والخطأ ومابين صوت يطالب بمنح الفرصة فالرئيس الجديد لايزال في أول موسم رياضي له ، وتتكرر نغمة الإخفاق وتتوالى الاحباطات من كل جانب .. أن الحكمة تقول أن من يرغب في الإصلاح وحب النجاح للنصر الكيان يجب أن يقترب أكثر من النصر وأن يضع يده بيد الرئيس ويساعده على تخطي الصعوبات والعقبات المادية والإعلامية والشرفية وان يقف مع إدارة النصر بغض النظر عن الأسماء والأشخاص وان يغلب المصلحة العامة على المصالح الشخصية .

الاستقرار يبدأ من المدرب أولا لم ينجح أي فريق بالعالم إلا بتوفر الاستقرار الفني الذي يمكن أي مدرب من دراسة وتشخيص احتياجات ونواقص الفريق بالإضافة إلى معرفته بقدرات وإمكانيات اللاعبين الموجودين لديه ومن ثم وضع استراتيجيته الفنية التي تحتاج إلى وقت كي يتشربها اللاعبين وينسجمون مع أفكاره وملاحظاته ، فتظهر النتائج تباعا ، وهذه المرحلة من الاستقرار والانسجام تحتاج الى وقت حتى يكون هناك ثقة وتعاون وتفاهم مابين المدرب واللاعبين ، والنصر لم يشهد مثل هذا الاستقرار منذ اكثر من عشرة سنوات ، اذ لايكاد المدرب أن يستمر مع الفريق لأكثر من ستة شهور وفي أحسن الأحوال لمدة سنة واحدة على الأقل . لذا فان أول طرق الإصلاح في النصر يجب أن تبدأ بتجديد الثقة بالمدرب الكولمبي ماتورانا فهو مدرب كبير وخبير وصاحب سجل تدريبي كبير ، وبدأت بصماته تظهر على الفريق في آخر مباريات الدوري وفي كاس الأبطال ، رغم عدم وجود اللاعبين الأجانب المؤثرين وفقدانه لعناصر محلية تساعده على النجاح إذ يعاني الفريق من نقص في اللاعبين بسبب الإصابات ونتيجة لانخفاض مستوى بعض اللاعبين ، وبالرغم من ذلك تمكن المدرب من وضع هوية فنية للفريق ، وتشكيلة ثابتة هي الأفضل بحسب الظروف والمعطيات والإمكانيات المتوفرة . وبرأيي الشخصي أن ماتورانا بحاجة إلى مساعد مدرب يتميز بالحماس وبالشباب وبالطموح في العمل ، وربما لو توفر هذا الأمر ستظهر مدى قدرة وخبرة المدرب ماتورانا بشكل اكبر وستكون بصماته واضحة بالفريق . بوقش وريتشي غالبية جماهير النصر تتفق على أن الثنائي الأجنبي ، المهاجم الجزائري بوقاش ولاعب الوسط البرازيلي ريتشي قدما مستويات جميلة ومقنعة بالرغم من مشاركتهما مع الفريق في الفترة الثانية فقط ، وقدما إضافة فنية للفريق ، رغم عدم توفر الانسجام الكافي مع الفريق ، والعدد القليل من المباريات التي شاركوا فيها إذ لايتجاوز تقريبا 8 مباريات ، لذا أرى أن مفهوم وسياسة الانسجام التي يجب أن يسعى لها الفريق في الموسم القادم ، تحتم بقاء هاذين اللاعبين ، فدخولهما مع الفريق من بداية الموسم ومن خلال المعسكر الذي سيقام بالصيف في اسبانيا ، سيساهم في زيادة الانسجام مع المجموعة ، وسيزيد من فرص نجاحهما مع الفريق فكلاهما صغير بالسن ولديهما إمكانيات كبيرة ستظهر بشكل اكبر مع زيادة الاستقرار والانسجام الفني بين اللاعبين . ثلاثة لاعبين محليين فقط مفهوم الانسجام والاستقرار الذي يبحث عنه أي فريق لايتعارض مع مفهوم تعزيز الصفوف بلاعبين آخرين ، بل هو داعم لمثل هذا التوجه ، ولكن يجب أن يكون فيه نوع من التقنين والضبط ، بحيث لايكون العدد كبير فيؤثر على تركيبة الانسجام بالفريق ، ويجب ان يكون في مراكز مهمة ومحددة يحتاجها الفريق ، ففي النصر تم تدعيم صفوف الفريق بلاعب وسط نجران عوض خميس وهو لاعب مميز وصانع لعب جيد ويحتاجه الفريق بخط الوسط ، ولذا أرى أن التدعيم بلاعبين محليين يجب أن لايتجاوز ثلاثة لاعبين فقط ، وبعد صفقة عوض خميس أرى أن النصر بحاجة إلى صفقتين محليتين فقط ، بشرط أن تكون مع لاعبين مميزين ومؤثرين وليسوا لاعبين منسقين أو كبار بالسن . إعادة الثقة المفقودة في النصر هناك لاعبين يمتلكون خامات جيدة وامكانيات رائعة ، فقط يحتاجون لمن يحتويهم من جديد ، وأن يجدد الثقة فيهم ، كي يعودا للفريق بصورة أجمل وأفضل ، فالمنطق يقول لماذا ابحث عن التعاقد مع لاعبين جدد وبتكلفة مادية عالية ، فيما لدي بالفريق لاعبين جيدين فقط يحتاجون إلى إعادة الثقة ومنحهم الفرصة كي يعودوا بصورة أفضل .. كعبدالرحمن القحطاني وعمر هوساوي وريان بلال وخالد راضي ، هؤلاء يحتاجون إلى أن تطرح فيهم الثقة من جديد من قبل الإدارة والجهاز الفني والجماهير ، وان تكون البداية من المعسكر الإعدادي بالفريق ، ومنحهم الثقة في المباريات الودية ومع بداية الموسم ، سيظهر هؤلاء اللاعبين بصورة مختلفة تماما . الإحلال والاستبدال نظرية الإحلال والإبدال يجب أن تتم بطريقة مدروسة وواضحة ، ففي كل بداية موسم يجب أن يتم تنسيق والاستغناء عن بعض اللاعبين ، وإحلال لاعبي الاولمبي بدلا منهم .. ومن هنا تبدأ مرحلة مزج الأسماء الشابة الطموحة مع لاعبي الخبرة ، بحيث يكون الفريق خليط مابين الاثنين ، وترتفع وتيرة المنافسة الشريفة بينهم . ولذا أرى أن النصر يجب أن يستغني هذا الموسم عن بعض الأسماء التي لم تفيد الفريق مثل عدنان فلاته وكميل الوباري ومالك معاذ واحمد الزاهري واحمد الحضرمي وعبدالكريم الخيبري وسلمان الطحيمي ، ومنح لاعبي الاولمبي الذين سيتم تصعيدهم للفريق الأول وهم : عبدالمحسن العسيري و يوسف خميس وشائع شراحيلي وخالد الصقيهي ، الفرصة للعب والمشاركة مع الفريق . لائحة داخلية للعقوبات والمكافآت من خلال متابعة لفريق النصر لاحظت أن كل موسم يبدأ وينتهي وهناك لاعبين محددين ( احتفظ بأسمائهم ) لايشاركون مع الفريق إلا في مباريات قليلة في الموسم ، واغلب فترات الموسم هم خارج القائمة الأساسية والاحتياطية ، إما للإصابات المتكررة أو لانخفاض مستوياتهم وعدم اقتناع المدربين بما يقدمونه من جهد وأداء في التمارين والتدريبات .. يبدأ الموسم وينتهي وهؤلاء اللاعبين يستلمون رواتبهم الشهرية كاملة ، وهذا الأمر فيه نوع من عدم المساواة مع بقية اللاعبين الآخرين وفيه أيضا تشجيع على عدم الاجتهاد والانضباط من بعض اللاعبين ، لذا أرى أن الحل يتمثل في وضع لائحة داخلية يتم الإقرار عليها من الجهاز الفني والإداري ويتم توقيع كل اللاعبين عليها ، بأنه في حالة عدم مشاركة أي لاعب أساسيا أو احتياطيا مع الفريق في أي مباراة فسوف يتم الخصم من راتبه بواقع 10% عن كل مباراة يخوضها الفريق وتزداد النسبة مع كل خمس مباريات وتتضاعف إلى 15% وهكذا .. وبالتالي يكون هناك اختلاف في المعاملة الإدارية بين من يلعب ويجتهد طوال الموسم وبين من يأخذ راتبه كل شهر ويكتفي بالتصوير مع الجماهير . الكرسي الساخن منذ سنوات عديدة ومنصب مدير الكرة بالنصر هو الكرسي الساخن الذي يجد دائما كل الانتقاد من الإعلام والجماهير بل وحتى أعضاء الشرف ، فالبعض ينتقد لمصلحة النصر ، والبعض ينتقد لمصالح شخصية ، والبعض ينتقد لأنه يريد أن ينتقد وان يظهر بمظهر الناقد الذي يفهم في كل شي . فتم انتقاد عيد الصغير وماجد عبدالله وخالد الهزاع واحمد نصيب ومحيسن الجمعان وسلمان القريني ومحمد السويلم ، وبعد تقديم الأستاذ محمد السويلم استقالته من هذا المنصب فأنني أرى أن يتم إلغاء هذا المنصب نهائيا وان يكتفى بوجود المدير الفني فقط ، مثلما تم تطبيقه بنادي الشباب حيث أن المدرب البلجيكي بردوم هو المسؤول الأول والأخير عن كل الأمور المتعلقة بالفريق وبالجهاز الإداري والفني

.