نادي النصر السعودي شبكة جماهير الوفاء - عرض مشاركة واحدة - عمر بن الخطاب .. الفاروق.. سيرته الكامله .. قصصه .. تاريخه الحافل
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-18-2018, 01:04 AM   #4
الصاعقه
عضو ملكي


الصورة الرمزية الصاعقه
الصاعقه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27606
 تاريخ التسجيل :  Apr 2014
 أخر زيارة : 05-16-2024 (11:49 PM)
 المشاركات : 98,772 [ + ]
 التقييم :  20634
لوني المفضل : Orange
افتراضي




حدث في عهد عمر بن الخطاب
أن جاء ثلاثة أشخاص ممسكين بشاب
وقالوا: يا أمير المؤمنين نريد منك أن تقتص لنا من هذا الرجل فقد قتل والدنا !
قال عمر بن الخطاب: لماذا قتلته؟
قال الرجل : إني راعى إبل وأعز جمالي أكل شجره من أرض أبوهم ..

فضربه أبوهم بحجر فمات فامسكت نفس الحجر وضربته به فمات !
قال عمر بن الخطاب : إذا سأقيم عليك الحد ..
قال الرجل : أمهلني ثلاثة أيام فقد مات أبي

وترك لي كنزاً أنا وأخي الصغير
فإذا قتلتني ضاع الكنز وضاع أخي من بعدي !
فقال عمر بن الخطاب: ومن يضمنك ..
فنظر الرجل في وجوه الناس فقال : هذا الرجل !
فقال عمر بن الخطاب : يا أبا ذر هل تضمن هذا الرجل ؟
فقال أبو ذر : نعم يا أمير المؤمنين ..
فقال عمر بن الخطاب : إنك لا تعرفه وأن هرب أقمت عليك الحد ؟
فقال أبو ذر أنا أضمنه يا أمير المؤمنين !
ورحل الرجل ومر اليوم الأول والثاني والثالث ..

وكل الناس كانت قلقله على أبو ذر حتى لا يقام عليه الحد ..
وقبل صلاة المغرب بقليل جاء الرجل وهو يلهث ..
وقد أشتد عليه التعب والإرهاق ..
ووقف بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ..
قال الرجل : لقد سلمت الكنز وأخي لأخواله وأنا تحت يدك لتقيم علي الحد
فاستغرب عمر بن الخطاب وقال :

ما الذي أرجعك كان ممكن أن تهرب ؟؟
فقال الرجل :

خشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس
فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا ضمنته؟؟؟
فقال أبو ذر :

خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس
فتأثر أولاد القتيل
فقالوا لقد عفونا عنه !
فقال عمر بن الخطاب : لماذا ؟
فقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس



والذي نفسي بيده ، لقد دُفِنت سعادة الإيمان ‏والإسلام في أكفان عمر!!.

===================

كان الجو صحوا، والفراغ موجودا، والسعة حاضرة، وفي مثل هذه الأيام التي تستهيم الناس، جاءت مسابقة ركوب الخيل في مصر بعد الفتح، وكان من بين المتسابقين ابن حاكم مصر عمرو بن العاص.
وبعد جولة أو جولتين فاز بالسباق واحد من الأقباط المغمورين، فاستدار ابن الأمير - كأنما هو جبل شامخ والناس في سفحه رمال - فمال على رأس القبطي وضربه بالسوط وقال له: أتسبقني وأنا ابن الأكرمين؟

فغضب والد الغلام القبطي وسافر ومعه ابنه من مصر إلى المدينة المنورة يشكو إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب هتك العدالة والحرية، ويطلب منه إنصاف ولده.
ولما استمع عمر بن الخطاب إلى شكوى الرجل تأثر كثيرا وغضب غضبا شديدا فكتب إلى والي مصر عمرو بن العاص رسالة مختصرة يقول فيها: إذا وصلك خطابي هذا فاحضر إليّ وأحضر ابنك معك !

وحضر عمرو بن العاص ومعه ولده امتثالا لأمر أمير المؤمنين، وعقد عمر بن الخطاب محكمة للطرفين تولاها بنفسه وعندما تأكد له اعتداء ابن والي مصر على الغلام القبطي، أخذ عمر بن الخطاب عصاه وأعطاها للغلام القبطي قائلا له اضرب ابن الأكرمين، فلما انتهى من ضربه التفت إليه عمر وقال له: أدِرها على صلعة عمرو فإنما ضربك بسلطان أبيه، فقال القبطي: إنما ضربتُ مَن ضربني، ثم التفت عمر إلى عمرو وقال كلمته الشهيرة: “يا عمرو، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا”؟
ما يستحق التسجيل والاعتبار هنا: أن الحرية شيء محوري في الحياة،

لذا فقد جاءت التربية - في عصر النبوة - ووضعت الحرية في صلب الحياة وأطرافها، فأنجبت جيل عمر بن الخطاب الذي ثارت ثائرته حين هتك واحد من الأكرمين حرية غلام في قارة أخرى، لقد انفجرت قوة عمر، لأن قداسة الحرية لا يمكن التغاضي عنها أو التفريط بها.

مظهر التوحيد

لكن لِمَ لهذه الحرية كل هذه المكانة في ديننا؟
لأنه دين القيم العملية، ولأنه دين يبني دعائمه على التفكير، والتفكير لا يستقيم إلا في الأجواء المفتوحة، يقول الدكتور ماجد الكيلاني “إن القدرات العقلية كالنبات، تنمو وتزهر في أجواء الحرية، وهي تموت أو تتشوه في أجواء الكبت الفكري والقهر الإرادي، وحين تموت القدرات العقلية لا يكون هناك إيمان حقيقي، وإنما تسليم وتقليد أعمى أو آبائية ونكران، أو مراءاة ونفاق، وبالتالي لا تتولد الإرادة العازمة.

لذلك يمكن القول - جزما وتأكيدا - إن الحرية في الأمة المسلمة هي فرض عين، وعلى الجميع القيام بها وممارستها وحمايتها من الطغيان الداخلي ومن العدوان الخارجي، وإذا غابت الحرية وقع الإثم على الجميع.

إن الحرية هي مظهر التوحيد، والتوحيد في جوهره حرية، لأنه تحرر من عبودية الأشخاص والأشياء والأفكار الخاطئة أو الخرافية”. ومما يستحق التسجيل أيضا: أن الناس قد شعروا بكرامتهم وإنسانيتهم في ظل الإسلام، حتى إن لطمة يُلطَمها أحدهم بغير حق، يستنكرها ويستقبحها، وقد كانت تقع آلاف مثل هذه الحادثة وما هو أكبر منها في عهد الرومان وغيرهم، فلا يحرك بها أحد رأسًا.

قصة سمرقند

لقد كان عمرو بن العاص أكرم عند عمر بن الخطاب من كثيرين، ومع ذلك فقد أشخصه مع ابنه إلى المدينة المنورة ليحاسبه، وكان بالإمكان أن يسترضي القبطي بكلمتين أو دينارين ذهبيين، لكن عمر الفاروق يريد هنا تقعيد قواعد، ووضع لوائح، وسنّ قوانين.

والنتيجة أن شعوبا بأكملها تسمع عن تلك الحرية وهذه العدالة، فتدخل في دين الله أفواجا.

وتلك ليست حادثة فردية، إنما هي خلق دائم ومستقر، فالحرية مبذولة لكل فرد، ولكل أمة يدخلها الدين الجديد، وفي قصة أهالي سمرقند مع الجيش الإسلامي في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز ما يؤيد ذلك، والقصة مفادها أن أهالي سمرقند كانوا قد عقدوا اتفاقية مع الجيش الإسلامي في عهد عمر بن الخطاب يقوم الجيش الإسلامي بموجبها بحماية أهالي سمرقند من الإمبراطورية الفارسية مع الاشتراط على الجيش ألا يدخل سمرقند، وبعد عشرات السنين أقدم الجيش الإسلامي وقد تغيرت قيادته وجنوده على دخول سمرقند لعدم علمهم بأمر العهد بين أهالي سمرقند ومن سبقهم من قيادات في عهد عمر بن الخطاب، فاحتج أهل سمرقند وأبرزوا وثيقتهم التاريخية مع عمر بن الخطاب، وذهبوا إلى عمر بن عبد العزيز وأطلعوه على الميثاق المبرم، فامتثل عمر بن عبد العزيز لمضمون الوثيقة ثم أمر الجيش بالخروج من سمرقند التزاما بالعهد معهم، وبدأ الجيش بالانسحاب من سمرقند تنفيذا لمضمون الوثيقة، فما كان من أهل سمرقند عندما لمسوا من المسلمين التزامهم بقيم الإسلام وعدله واحترامهم للمواثيق إلا أن طالبوا الجيش الإسلامي بعدم الانسحاب من بلادهم، حبا لهم ولدينهم، وأعلنوا دخولهم في الإسلام.

=======================


عن أبي بن كعب أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “جاءني جبريل فقلت له: أخبرني عن فضائل عمر وماذا له عند الله، قال لي: يا محمد لو جلست معك بقدر ما لبث نوح في قومه لم أستطع أن أخبرك بفضائل عمر وما له عند الله عز وجل، ثم قال: يا محمد، ليبكين الإسلام من بعد موتك على عمر”. (1)

وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: “بينما أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا لعمر، فذكرت غيرته فوليت مدبرا”، فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟ (2)

ذلك هو عمر بن الخطاب: أمير المؤمنين، الخليفة الثاني لرسول الله، الفاروق الذي فرق الله عز وجل به بين الحق والباطل، رجل الموافقات الذي نزلت آيات القرآن الكريم مؤيدة وموافقة لكثير من الآراء التي أشار بها على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قال فيه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: “كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومحل الإيمان، ومنتهى الإحسان، ومأوى الضعفاء، ومعقل الخلفاء، كان للحق حصنا، وللناس عوناً، بحق الله صابراً محتسباً حتى أظهر الدين وفتح الديار، وقورا لله في الرخاء والشدة، شكورا له في كل وقت، وكان نقش خاتمه “المعين لمن صبر”، والذي قال عنه حذيفة بن اليمان: “إنما مثل الإسلام أيام عمر مثل امرئ مقبل لم يزل في إقبال، فلما قتل أدبر فلم يزل في إدبار”، وقال عنه عبد الله بن مسعود: “إن عمر كان حصناً حصيناً للإسلام يدخل الناس منه ولا يخرجون منه”. (3)

وقالت عنه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: “كان رسول الله جالساً، فسمعنا لغطا وصوت صبيان، فقام رسول الله فإذا حبشية تزمن أي تغني وتضرب بالدف والصبيان حولها، فقال: تعالي فانظري، فجئت فوضعت لحيي على منكب رسول الله - تستتر به وهي تنظر للمغنية- فجعلت أنظر إليها، فقال: أما شبعت؟ فجعلت أقول لا لأنظر مكانتي عنده، إذ طلع عمر فانفضّ الناس عنها -أي تفرقوا خوفا من عمر فقال رسول الله إني لأنظر إلى شياطين الإنس والجن قد فروا من عمر: قالت: فرجعت”. (4)

من الخوف الى الشجاعة



إنه أحد العمرين اللذين دعا النبي ربه بأن يعز الإسلام بأحدهما فاستجاب الله الدعاء وأعز الإسلام بعمر بن الخطاب الذي كان إسلامه في العام السادس من البعثة النبوية الشريفة نقطة تحول في تاريخ الإسلام والمسلمين حيث خرجت الدعوة من الخفاء إلى العلن ومن الخوف إلى الشجاعة، وبعد أن كان المسلمون يؤدون شعائرهم سرا صاروا يرتادون المسجد الحرام جهراً، فبعد إسلام حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما صار المسلمون في قوة ومنعة، فلما أسلم عمر قال للنبي يا رسول الله؟ علام نخفي ديننا ونحن على الحق وهم على الباطل؟ فقال النبي إنا قليل، فقال عمر: والذي بعثك بالحق نبيا لا يبقى مجلس جلست فيه بالكفر إلا جلست فيه بالإيمان، وقد كان، لم يترك عمر مجلسا جلس فيه بالكفر إلا جلس فيه وأعلن إسلامه أمام قريش غير هياب ولا وجل، ولدى إسلامه قاد المسلمين هو وحمزة في صفين إلى المسجد الحرام ليصلوا دون أن يجرؤ أحد من مشركي قريش على أن يصيبهم بأذى.

ومنذ أن أسلم عمر بن الخطاب ومحبته لرسول الله تملأ قلبه وتفيض في وجدانه وتملك عليه روحه، فكان ملازماً له لا يفارقه حتى إن عليا بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “كنت وأبو بكر وعمر، وفعلت وأبو بكر، وانطلقت وأبو بكر وعمر” (5) ولذلك كان عمر من أكثر من رووا عن النبي. وبلغ من محبة عمر بن الخطاب للنبي أنه عندما قبض النبي وبلغ الخبر عمر لم يكن يصدقه وتهدد من يقولون به حتى قال أبو بكر الصديق قولته المشهورة: “من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت”، وتلا الآية الكريمة: “وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين” (6). فأدرك عمر الهول وما كادت تحمله رجلاه، وقد قال ابن إسحاق عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن عبد الله بن عباس قال: “والله إني لأمشي مع عمر في خلافته وهو عامد إلى حاجة له وفي يده الدرة وما معه غيري، قال وهو يحدث نفسه ويضرب وحشي قدمه بدرته قال إذ التفت إليّ: أتدري يا ابن عباس ما كان حملني على مقولتي التي قلت حين توفي رسول الله؟ قلت: لا أدري يا أمير المؤمنين، أنت أعلم، قال: فإنه والله إن كان الذي حملني على ذلك إلا أني كنت أقرأ هذه الآية: “وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا” (7) “فوالله إني كنت لأظن أن رسول الله سيبقى في أمته حتى يشهد عليها بآخر أعمالها فإنه للذي حملني على أن قلت ما قلت” (8).

هكذا أمر الله



وكان عمر قويا في الحق ولو على نفسه ومن يحب، بل خصوصاً على نفسه ومن يحب، وإن المواقف التي تؤكد ذلك أكثر من أن تحصى أو تعد، ولكننا نتوقف أمام هذا الموقف الذي يتعذر بل يستحيل أن يتكرر، فقد أقام عمر الحد على أحد أعز أبنائه لديه، ولم تشفع له توبته ولا شفاعة أمه فيه وبكاء المسلمين الحاضرين حتى مات ابنه بين يديه، ففي أحد الأيام كان عمر جالساً في المسجد والناس حوله، فأقبلت جارية فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال عمر: وعليك السلام ورحمة الله، ألك حاجة؟ قالت: نعم، خذ ولدك هذا مني، قال عمر: إني لا أعرفك، فبكت الجارية وقالت: يا أمير المؤمنين إن لم يكن ولدك من ظهرك فهو ولد ولدك، قال: أي أولادي؟ قالت: أبو شحمة، قال: أبحلال أم بحرام؟ قالت: من قبلي بحلال ومن جهته بحرام، قال عمر: وكيف ذاك؟ اتقي الله ولا تقولي إلا حقاً، وروت الجارية قصتها قالت: يا أمير المؤمنين، كنت مارة في أحد الأيام إذ مررت بحائط لبني النجار، إذ أتى ولدك أبو شحمة يتمايل سكراً، وكان شرب عنده نسيكة اليهودي، فراودني عن نفسي وجرني إلى الحائط ونال مني وقد أغمي عليّ، فكتمت أمري عن عمي وجيراني حتى أحسست بالولادة فخرجت إلى موضع كذا ووضعت هذا الغلام، وهممت بقتله ثم ندمت على ذلك، فاحكم بحكم الله بيني وبينه.

أمر عمر منادياً ينادي فأقبل الناس يهرعون إلى المسجد، ثم قام عمر فقال: لا تتفرقوا حتى آتيكم، ثم خرج فقال لعبد الله بن عباس رضي الله عنه: يا ابن عباس أسرع معي، فأتى منزله فقرع الباب وقال: هاهنا ابني أبو شحمة، فقيل له: إنه على الطعام، فدخل عليه وقال: كل يا بني فيوشك أن يكون آخر زادك، فسقطت اللقمة من يده من الفزع.

قال عمر لابنه: يا بني من أنا؟ قال: أنت أبي وأمير المؤمنين، قال عمر: فلي من طاعة أم لا؟ قال طاعتان مفترضتان، لأنك والدي وأمير المؤمنين، فسأله عمر عن الواقعة فأقر الغلام بها، وقال إنه ندم وتاب إلى الله، وفوض أمره إلى أبيه إن شاء أن يقتله ولا يفضحه، فاقتاده عمر إلى المسجد، وكان له مملوك يقال له أفلح، فأمره أن يجلده مائة جلدة، فنزع أفلح ثياب الغلام بينما الناس في المسجد يبكون، وتوسل الغلام لعمر قائلاً: يا أبت ارحمني، قال عمر: ربك يرحمك، إنما أفعل ذلك ليرحمني ويرحمك.

فإذا بلغ عدد الجلدات التي تلقاها الغلام ثمانين جلدة برح به الألم فصرخ قائلاً: يا أبت السلام عليك، فقال: وعليك السلام، إن رأيت محمداً فأقرئه مني السلام وقل له خلفت عمر يقرأ القرآن ويقيم الحدود، فلما بلغت الجلدات تسعين انقطع كلامه وخارت قواه، فقال له الصحابة: يا عمر، انظر كم بقي فأخره إلى وقت آخر، فقال: كما لم يؤخر المعصية لا تؤخر العقوبة.

ووصل الصراخ إلى أم الغلام فجاءت إلى عمر باكية صارخة: يا عمر أحج بكل سوط حجة ماشية وأتصدق بكذا وكذا درهم، فقال: إن الحج والصدقة لا ينوبان عن الحد، يا غلام تمم الحد، فلما كانت آخر جلدة سقط الغلام ميتاً، فقال عمر وهو يصيح: يا بني محص الله عنك الخطايا، ثم جعل رأسه في حجره وهو يبكي، فضج الناس بالبكاء والنحيب.

حتى إذا مر أربعون يوماً قال حذيفة بن اليمان: “ إني رأيت رسول الله في المنام وإذا الفتى معه وعليه حلتان خضراوان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقرئ عمر مني السلام وقل له: هكذا أمرك الله أن تقرأ القرآن وتقيم الحدود، وقال الغلام: يا حذيفة أقرئ أبي السلام وقل له: طهرك الله كما طهرتني” (9). وهكذا ضحى عمر بابنه ليقيم شرع الله.

==============================


عاد عمير بن وهب الجمحي من بدر نجيا بنفسه، لكنه خلف وراءه ابنه وهبا أسيرا في أيدي المسلمين. وقد كان عمير يخشى أن يأخذ المسلمون الفتى بجريرة أبيه، وأن يسوموه سوء العذاب جزاء ما كان ينزل برسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى، ولقاء ما كان يلحق أصحابه من النكال.

وفي ذات ضحى توجه عمير إلى المسجد للطواف بالكعبة والتبرك بأصنامها، فوجد صفوان بن أمية جالسا إلى جنب الحجر، فأقبل عليه وقال: عم صباحا يا سيد قريش.

فقال صفوان: عم صباحا يا أبا وهب، اجلس نتحدث ساعة فإنما يقطع الوقت بالحديث.

فجلس عمير بإزاء صفوان بن أمية، وطفق الرجلان يتذاكران بدرا، ومصابها العظيم، ويعددان الأسرى الذين وقعوا في أيدي محمد وأصحابه، ويتفجعان على عظماء قريش ممن قتلتهم سيوف المسلمين .

تنهد صفوان بن أمية وقال: ليس- والله- في العيش خير بعدهم.

فقال عمير:صدقت والله. ثم سكت قليلا، وقال: ورب الكعبة لولا ديون علي ليس عندي ما أقضيها به، وعيال أخشى عليهم الضياع من بعدي، لمضيت إلى محمد وقتلته، وحسمت أمره، وكففت شره، ثم أتبع يقول بصوت خافت: وإن في وجود ابني وهب لديهم ما يجعل ذهابي إلى يثرب أمرا لا يثير الشبهات.

اغتنم صفوان بن أمية كلام عمير بن وهب ولم يشأ أن يفوت هذه الفرصة، فالتفت إليه وقال: ياعمير، اجعل دينك كله علي، فأنا أقضيه عنك مهما بلغ..وأما عيالك فسأضمهم إلى عيالي ما امتدت بي وبهم الحياة...وإن في مالي من الكثرة ما يسعهم جميعا ويكفل لهم العيش الرغيد..

فقال عمير: إذن، أكتم حديثنا هذا ولا تطلع عليه أحدا.

فقال صفوان: لك ذلك.

قام عمير من المسجد ونيران الحقد تتأجج في فؤاده على محمد صلى الله عليه وسلم، وطفق يعد العدة لإنقاذ ما عزم عليه، فما كان يخشى ارتياب أحد في سفره، ذلك لأن ذوي الأسرى من القرشيين كانوا يترددون على يثرب سعيا وراء افتداء أسراهم.

أمر عمير بن وهب بسيفه فشحذ وسقي سما..ودعا براحلته فأعدت وقدمت له، فامتطى متنها...ويمم وجهه شطر المدينة، وملء برديه الضغينة والشر.

بلغ عمير المدينة ومضى نحو المسجد يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما غدا قريبا من بابه أناخ راحلته ونزل عنها.

جاء الشر



كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه- إذ ذاك- جالسا مع بعض الصحابة قريبا من باب المسجد، يتذاكرون بدرا وما خلفته وراءها من أسرى قريش وقتلاهم، ويستعيدون صور بطولات المسلمين من المهاجرين والأنصار، ويذكرون ما أكرمهم الله به من النصر، وما أراهم في عدوهم من النكاية والخذلان.

فحانت من عمر التفاتة فرأي عمير بن وهب ينزل عن راحلته، ويمضي نحو المسجد متوشحا سيفه، فهب مذعورا وقال:هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب.. والله ما جاء إلا لشر، لقد ألب المشركين علينا في مكة، وكان عينا لهم علينا قبيل بدر.. ثم قال لجلسائه:

أمضوا إلى رسول الله، وكونوا حوله، واحذروا أن يغدر به هذا الخبيث الماكر.

ثم بادر عمر إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: يارسول الله، هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوشحا سيفه، وما أظنه إلا يريد شرا.

فقال عليه السلام: أدخله علي.

فأقبل الفاروق على عمير بن وهب وأخذ بتلابيبه، وطوف عنقه بحمالة سيفه، ومضي به نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إسلامه



فلما رآه النبي عليه الصلاة والسلام على هذه الحال، قال لعمر:

(أطلقه يا عمر)، فأطلقه، ثم قال له استأخر عنه)، فتأخر عنه، ثم توجه إلى عمير بن وهب وقال:

(ادن ياعمير)، فدنا وقال: أنعم صباحا(وهي تحية العرب في الجاهلية).

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير.. لقد أكرمنا الله بالسلام، وهو تحية أهل الجنة).

فقال عمير: والله ما أنت ببعيد عن تحيتنا، وإنك بها لحديث عهد.

فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام وما الذي جاء بك ياعمير؟!).

قال: جئت أرجو فكاك هذا الأسير الذي في أيديكم، فأحسنوا إلى فيه.

قال فما بال السيف الذي في عنقك؟!).

قال: قبحها الله من سيوف...

وهل أغنت عنا شيئا يوم بدر؟!!

قال: (اصدقني، ما الذي جئت له يا عمير؟)

قال: ما جئت إلا لذاك.

قال: (بل قعدت أنت وصفوان بن أمية عند الحجر، فتذاكرتما أصحاب القليب من صرعى قريش ثم قلت: لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدا.. فتحمل لك صفوان بن أمية دينك وعيالك على أن تقتلني.. والله حائل بينك وبين ذلك).

فذهل عمير لحظة، ثم ما لبث أن قال: أشهد أنك لرسول الله.

ثم أردف يقول: لقد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، لكن خبري مع صفوان بن أمية لم يعلم به أحد إلا أنا وهو...

ووالله لقد أيقنت أنه ما أتاك به إلا الله...

فالحمد لله الذي ساقني إليك سوقا، ليهديني إلى الإسلام... ثم شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأسلم.

فقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: فقهوا أخاكم في دينه، وعلموه القرآن، واطلقوا أسيره.

فرح المسلمون بإسلام عمير بن وهب أشد الفرح، حتى إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لخنزير كان أحب إليّ من عمير بن وهب حين قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحب إليّ من بعض أبنائي. وفيما كان عمير يزكي نفسه بتعاليم الإسلام، ويترع فؤاده بنور القرآن، ويحيا أروع أيام حياته وأغناها، مما أنساه مكة ومن في مكة. كان صفوان بن أمية يمني نفسه الأماني، ويمر بأندية قريش فيقول: أبشروا بنبأ عظيم يأتيكم فينسيكم وقعة بدر.

ثم إنه لما طال الانتظار على صفوان بن أمية، أخذ القلق يتسرب إلى نفسه شيئا فشيئا، حتى غدا يتقلب على أحر من الجمر، وطفق يسائل الركبان عن عمير بن وهب فلا يجد عند أحد جوابا يشفيه.. إلى أن جاءه راكب فقال: إن عميراً قد أسلم.. فنزل عليه الخبر نزول الصاعقة... إذ كان يظن أن عمير بن وهب لا يسلم ولو أسلم جميع من على ظهر الأرض.

الدعوة إلى الدين



أما عمير بن وهب ما كاد يتفقه في دينه ويحفظ ما تيسر له من كلام ربه، حتى جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: يا رسول الله، لقد غبر على زمان وأنا دائب على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الإسلام، وأنا أحب أن تأذن لي بأن أقدم على مكة لأدعو قريشا إلى الله ورسوله، فإن قبلوا مني فنعم ما فعلوا، وإن أعرضوا عني آذيتهم في دينهم كما كنت أؤذي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فأذن له الرسول عليه الصلاة والسلام، فوافى مكة، وأتى بيت صفوان بن أمية وقال:

ياصفوان، إنك لسيد من سادات مكة، وعاقل من عقلاء قريش، أفترى أن هذا الذي أنتم عليه من عبادة الأحجار والذبح لها يصح في العقل أن يكون دينا؟!

أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.ثم طفق عمير يدعو إلى الله في مكة، حتى أسلم على يديه خلق كثير، أجزل الله مثوبة عمير بن وهب، ونور له في قبره.

========================


أشار بعض الصحابة علي سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أن يولي ابنه الخلافة من بعده ولكنه رفض قائلا :
ألا يكفي أن يحاسب واحدا من آل الخطاب علي حقوق المسلمين


اتمنى ان يكون ما جمعته مفيدا ويروي عطش الباحثين عن سيرة الفاروق وقصصه
م0ن


 
 توقيع : الصاعقه



رد مع اقتباس