لا تكونوا رمضانيين ’’,

الكاتب: هيثم بن محمد الكناني* لا تكونوا رمضانيين الحمد لله على نعمائه, والشكر له على توفيقه وامتنانه، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين, وعلى آله وصحبه وأتباعه، وبعد: فقد مضى رمضان، شهر الخير والبركة، محملاً بأعمال المسلمين التي يرجون أن تكون صالحة متقبلة، ومضت معه فرص عظيمة للفوز والفلاح لن تعود قبل سنة، يبقى إليها من شاء الله بقاءه، ويرحل عن هذه الدنيا من قدَّر الله عليه الموت. ولئن استشعر المسلمون سرعة تقضي ومضي أيام هذا الشهر ولياليه مصداقاً لقوله جل وعز:﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾[البقرة:183] إلى قوله:﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ﴾[البقرة:184]، فينبغي عليهم أن يأخذوا من ذلك عبرة؛ لسرعة انقضاء أعمارهم، فمن كان يرى رمضان مرَّ كسحابة صيف فلينظر إلى ما مرَّ من عمره، سيجد العشرين والأربعين والستين سنة مرت وكأنها رحلة قصيرة، ولاستعرض محطاتها كشريط مصور لا يلبث إلا دقائق معدودة أو يوماً أو بعض يوم! إن الأيام والليالي تعمل في عمر الإنسان عملها، فمع إطلالة كل يوم يكبر يوماً وينقص من عمره يوم ويقترب من قبره يوماً، فما هي إلا معاول هدم في حياته، والسعيد من اعتبر، وليوم لقاء الله جدَّ وشمر. بانتهاء شهر الصيام ينقسم الصائمون القائمون المرتلون فريقين: فريقًا يرى أنه أدى ما عليه وزيادة، فيركن إلى الدعة والكسل، ويتباطأ عن الطاعات, ومنهم من يتساهل في المعاصي والمنكرات، ويعود بعد رمضان كما كان قبلَه، وينسى توبته والعهد الذي قطعه مع ربه جل وعلا. وفريقًا يتخذ من رمضان قاعدة لانطلاقة جديدة، ودرجة يرتقي بها إلى رضا مولاه، فينتقل من طاعة لأخرى، وقد قيل:"إن من علامات قبول الطاعة أن يوفقك الله بعدها لأخرى". من كان يعبد الله في رمضان فحسب، فإن رب رمضان هو رب شوال وباقي الشهور، وهو بهذا يغفل عن حقيقة ذاته, وعن المهمة التي خُلِق من أجلها، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات:56]. ولا منتهى لهذه العبادة إلا بالموت، قال تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾[الحجر:99]، قال ابن كثير -رحمه الله-: "قال سالم بن عبد الله بن عمر: "الموت"، وهكذا قال مجاهد، والحسن، وقتادة، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.. وغيرهم"[1]. إن للمسلمين عامة والصائمين طاعة لله في رمضان خاصة أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل أحواله وأعماله، وقد اختار له ربنا جل وعلا أكمل الأحوال والمنازل؛ ولهذا قال له سبحانه: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ* وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾[الشرح:7-8]، وهي على أحد القولين الانتقال من عبادة يفرغ منها إلى عبادة أخرى، قال القرطبي -رحمه الله-: "قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ صَلَاتِكَ فَانْصَبْ، أَيْ: بَالِغْ فِي الدُّعَاءِ وَسَلْهُ حَاجَتَكَ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْفَرَائِضِ فَانْصَبْ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: إِذَا فَرَغْتَ مِنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ فَانْصَبْ, أَيِ: اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ أَيْضًا: إِذَا فَرَغْتَ مِنْ جِهَادِ عَدُوِّكَ، فَانْصَبْ لِعِبَادَةِ رَبِّكَ"[2]. فيا من فرغت من صيام رمضان وقيامه كن ربانياً, كما قال تعالى: ﴿كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ﴾[آل عمران:79]، قال الحسن: "يعني أهل عبادة وأهل تقوى"[3]. وانصب لعبادة ربك والتقرب منه بسائر أعمال البر، ولا يستزلنك الشيطان ويصرفك عن بعض ما أنعم الله به عليك من أبواب خير فتحت لك في هذا الشهر العظيم، وليكن شعارك: "ربانيون لا رمضانيون". احتراامـــــــــــــــــــى .

الله يجزاك الجنه ي رب

جزاك الله خيرا اختي

وياك اخوى الكرريم..

بارك الله فيك دانة