إنعاش العقل.. ومعركة الأدمغة المتغيرة
منذ أن خلق الله الإنسان، وقد بدت أولى ملامح أشرس المعارك الأزلية واضحةً جلية؛ بين الإنسان والشيطان حينما رفض الشيطان أن يمتثل لأمر الله بالسجود لآدم، فطرده الله ولعنه، فأقسم بين يدي الله أن يضله وذريته ما قدر له ذلك {قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين} [ص:82].،
ذاك الصراع الدائر حول الفوز بالخلود الأبدي في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر، أو الإنزلاق مع ركب الشيطان في جحيم وسُعر، واستخدم الشيطان وسائل واضحة للوصول لهدفه {ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً} [النساء:60]، {إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} [فاطر:6] في جولته الأولى، من إلهاءٍ وإغراءٍ وكذب ٍ وخادعٍ لآدم وحواء عليهما السلام بالنعيم والخلود الأبدي، فكان الإختبار الأول والذي لم يوفق فيه بني آدم في صراعهم،
ومن ثمّ كانت النتيجة؛ الخروج من الجنة والهبوط إلى الأرض {قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} [الأعراف:24]، لتبدأ حلقات وجولات متتابعة ومتباينة الوسائل والأدوات عبر التاريخ الإنساني،
وما إن لبث آدم وحواء وذريتاهما في الأرض حتى بدأ صراع آخر بين بني آدم بعضهم البعض وكانت الجريمة الأولى، والتي تصوُّرها لنا كتب التفسير أن الصِراع الذي دار بين ابني آدم (قابِيل وهابِيل) كان عاطفياً، ناشئاً عن عدم رضا الأخ الأكبر (قابِيل) بالزواج من شقيقةِ الأصغر (هابِيل)؛ لعدم اقتناعه بجمال مظهرها الخارجيِّ، ولرغبته في الزّواج من شقيقته الجميلة {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين، لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين، إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين، فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين، فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين} (المائدة:27-31).
وهكذا نشأ صراع من نوع آخر وتحول القتل كجريمة بأداتها البسيطة المستخدمة آنذاك ولهدف كان من أجل الحسد والحصول على الجمال، إلى تاريخ طويل من جرائم القتل في أبشع صورها بين أفراد ومجتمعات ودول بمختلف ألوانها ودياناتها وجنسياتها وأشكال القتال والوسائل والأدوات المستخدمة في الحروب والأصل الأهداف التي أقيمت من أجلها تلك الحروب، وقد تنوعت الصراعات وأهدافها من أجل زيادة نفوذ أفراد أو جماعات أو من أجل نشر أو السيطرة على أفكار ومعتقدات الآخرين أو من أجل السيطر على المال أو أو أو أو
إلا أن أشد الحروب ضراوة وشراسة عُرفت على مدار التاريخ البشري، تلك الحروب التي تتم من أجل السيطرة والتحكم بالعقول، فبعد أن اصابت الحروب الكلاسيكية العديد من الإشكاليات والتعقيدات والإلتزامتا والأعراف الدولية والتي صعبت من فكرة إحتلال الدول لمثيلاتها، كان لزاماً على أجهزة إستخباراتية ومعلوماتية لدى دول بعينها تُريد أن تُهيمن على دول المال والبترول والنفوذ في المشرق والمغرب، كان لزاماً عليها أن تستخدم تقنيات وأدوات للسيطرة على العقول،
وحتى لا تذهب عزيزي القارئ بعيداً عن مجال وفكرة مقالي فالجزء الثاني منه سيتناول
كيف تقوم إنعاش العقل ومؤسسها الدكتور علي الربيعي بتحرير العقول من سطوة المستحيلات والأوهام؟
وكيفية تحرير العقول من سطوة المال والأمراض النفسية وغيرها؟
وكيفية فهم طبيعة الأهداف التي نصنعها وكيفية تحديد أعدائنا في الوصول لما نريد؟
فإلى الجزء الثاني.. نلقاكم على خير