من المقبول أن ندلل أطفالنا ولكن عندما يكبرون يجب أن نحترم عقلياتهم وشخصيتهم
أسماء "الدلع" ..تسبب الإحراج أحيانًا
ظاهرة "الأسماء المستعارة" و"أسماء الدلع"، ماتزال رقعتها تتسع، وقد توارثنا هذه العادة، وتناقلتها الأجيال إلى يومنا هذا؛ بدءًا بالمحيط الأسري الذي تغمره روح المودة، مرورًا بالحقل التعليمي، وصولًا إلى مجال العمل، بخاصة مجالي الصحافة والأدب، واللذين يعجان بالكثير من الأسماء المستعارة.
الغريب أن العديد ممن لازمتهم تلك الأسماء المستعارة أو "أسماء الدلع" منذ الصغر، حين يشبون على الكبر منهم من يتمرد على تلك الأسماء، ومنهم من يعتبرها ميراثًا توارثه عن والديه ويراعي أن يظل ملازمًا له طوال مراحل حياته، ليصل الأمر ببعضهم إلى أنه قد ينسى اسمه الحقيقي.
ولكن السؤال الذي بات يطرح نفسه: هل تؤثر تلك العادة على سلوك وشخصية الأبناء بالمستقبل؟
حاولنا الإجابة عن ذاك التساؤل خلال الاستطلاع التالي:
تقول الطالبة الجامعية ميريام صالح إن والدتها أطلقت عليها ذلك الاسم، فرفضه جدها لأبيها وأصبح يناديها بـ "مريومة"، وقد ارتبط بها هذا الاسم على الدوام وصار الجميع ينادونها به حتى إنها لم تعرف اسمها "ميريام" إلا بالمدرسة وكان صعبا عليها تقبل تلك الحقيقة.
وتؤكد ميريام أنها ليست ضد أسماء الدلع مادامت تحمل معاني جميلة وبها الكثير من التدليل المقنن من المحيطين. وتخالفها الرأي ربة المنزل شفيقة محروس والتي تقبلت فكرة اسم الدلع وهو "شوشو" منذ الصغر، إلا في الأوراق الرسمية، فكان اسمها الأصلي، ولكن عندما كبرت رفضت بشدة أن يظل الجميع ينادونها بـ "شوشو"، بعدما شاهدت مسلسلا للأطفال تؤدي فيه "البقرة" دورا تمثيليا وتحمل اسم "شوشو" فسخر منها أشقاؤها، وبعدها لم تعد تعترف باسم الدلع.
أما طالبة الثانوية العامة آلاء محمد فتقول: "لا أدري من الذي دلعني بهذا الاسم وهو "لولو"..
المهم أنه علق بي والجميع ينادونني به ولم أكن أبالي بذلك وأنا صغيرة وأنا كنت أقول لأمي: لماذا لا تنادونني باسمي الأصلي؟ ولكن بعدما كبرت علمت أنه لمجرد سجع الكلمة مع اسمي الحقيقي.. والآن أرفض أن أسمع الدلع ولا ألتفت لمن يناديني به.
ويضيف صاحب محل انتيكات شادي يسري بأنه وهو صغير كان اسمه "دودة أو دودي"
وكان يغضب من اسم دودة ويبكي.. واليوم يرفض أن يطلق على أبنائه أسماء دلع تنسيهم أسماءهم، بخاصة إن كانت من تلك التي يخجل منها أي شخص بل يحرص على اختيار أسماء صغيرة وجميلة لهم تغني عن اختيار أسماء الدلع.
وتقول عاملة بأحد مصانع تعبئة المواد الغذائية أم هاشم إنها تحب اسمها الحقيقي هذا ولا ترضى بأي اسم دلع بديلا عنها، وكذلك كل المحيطين بها كانوا يشجعونها على التزام الجدية في التعامل، وأصروا على مناداتها بـ "أم هاشم "وهو ما تنوي اتباعه مع أبنائها في المستقبل عندما تتزوج.
موقف محرج وتقول ربة المنزل فاطمة الزهراء محروس إن اختيار والدها لاسم الدلع لها منذ صغرها وهو "بطة" سبّب لها العديد من المواقف المحرجة تذكر منها أنها كانت في لجنة الامتحانات وتكتب بياناتها على ورقة الإجابة، وكتبت اسمها "بطة" كما تعودت ولا تعرف لها اسما غيره.
وجاء المراقب ليراجع ويصحح البيانات، فإذا به يجد اسمها "بطة"؛ فسألها عن هذا وسبب لها إحراجًا، فقالت له الكل يناديني "بطة" ولا أعرف أن اسمي فاطمة.
وكان ذلك السر في رفضها لاسم الدلع عندما كبرت. التقينا أمينة أمانة تنمية الموارد البشرية والتأهيل المجتمعي بالقاهرة، إصلاح حسن العوض فقالت: إن استخدام الوالدين لاسم التدليل لأبنائهم بصورة مفرطة يؤثر علي شخصيتهم مستقبلا ويجعلهم يعيشون فترة طفولة مستمرة تنعدم معها قدراتهم على قيادة مواقف الحياة المختلفة، هذا بخلاف أن عندما يتزوجون وينجبون سوف يناديهم أبناءهم أيضا باسم الدلع الذي التصق بهم منذ الصغر وهو أمر قد لا يحبذه الكثير من الآباء والأمهات. ولكن ما نوصي به أن خير الأمور الوسط؛ فمن المقبول أن ندلل أطفالنا ولكن عندما يكبرون يجب أن نحترم عقلياتهم وشخصيتهم ونساعدهم على بناء شكل اجتماعي محترم يقبله الجميع.