لغة العصر السائدة المساواة بين الجنسين وهناك من يعتصرها لتكون دمجآ بين الفئتين , فبينما يكون التحول الجنسي مؤلمآ عبر المشارط الجراحية , يبدو التحول الفكري والانتمائي ايسر واشد اغراء بسبب سهولة التلون والانحناء لكل نسمة ثرية . في زمن غياب الذاكرة الفتية يتم التحول الملموس من جبل اشم علي في بلاد زهران الى ربوة علياء في سهل لبنان .
لم يعد في حناءها الاخضر ما يغري بغمس اليدين , فقد اخبروها ان حاضنها الوردي يريد عصرنة جلية , فطمست عينيها بعدسات سماوية وجلبت لرموشها ماسكرا كحلية . اوصوها باسدال الستائر الشكلية والتحاف الاغطية المخملية لحجب لفحات الشمس الحرارية ونبذ دخول اشعتها للخدر خوفآ من احتراق تلك الخدود الندية , واحسرتاه فقد اقتلعوها من قلعة ابية ونسائم حرية وطبيعة خضراء صحية واغرقوها في لج محيط ازرق مكبلة مثقلة بالهدايا الشرفية . عافت عيشة الاسياد كتمساح على ضفة نهر يعتاش من ثروة سمكية فانغمست بذل تقتات العوالق من زعنفة انثى حوت زرقاوية .
ما خدعوا الاخرين ولكن خدعوها , فنحن في زمن الصوت والصورة . خدعوها بالصورة الممجوجة والاطار الانيق وبقي في الصوت حشرجة مخفوتة يدرك السامع انه اذا ارتفع صداه اصبح زعيق . ارادت ارضاء الناظرين لها فخطت على جبينها انجاز واعجاز .. فيا اسفآ على قرن مزيف وتأريخ نشاز . كرموها وقربوها .. وللاحصاء ادنوها .. وبالاعلام اشهروها .. وبقيت ضحلة في عمقها مبهمة في وضوحها , ضيقة في مداركها محدودة في شموليتها , عوراء في تطلعاتها دانية في افاقها , تكسب قلة وتخسر كثيرين ينتهرها اوفياء وتبيع روحها لمستغلين .
تظن نفسها بارعة في تخفيها , غامضة في معانيها , مجهولة اهدافها , بعيدة مراميها , مسكينة هي .. عريانة في كمال اناقتها .. ناكشة وان جدلت ظفائرها .. ناتنة وان عطرت منكبيها . من يخبرها بقصة بلقيس, فلربما اتت سيرة النصر دون ان تكشف عن ساقيها او حتى تزبد شفتيها وداهية الخنوع ان تعتري الالوان وجنتيها .. كفاك ايتها المتحولة خداعآ لنفسك وقفي اما المرآة فلعل شعاع من شمس يطل منها ليخبرك القبح الذي تحولتي اليه وتنكرينه .