03-05-2013, 05:32 PM
|
|
غدر (البطريق) ودهاء (معاوية رضي الله عنه)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
..
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
..
من أروع ما قرأت في قصص التاريخ الاسلامي فأحببت أن أنقله لكم .
أورد ابن النحاس في كتابه مشارع الاشواق ما مختصره " أن جماعة من نصارى القسطنطينية أسروا عددا من المسلمين وكان من بينهم رجل قرشي (من قريش) فلما دخلوا على ملك القسطنطينية أخذ ذلك القرشي يتحدث عن عز المسلمين ومجدهم بما أغضب الملك فقام إليه أحد بطارقة الملك فلطمه على وجهه فاغتاظ ذلك المسلم وغضب وقال :" الله بيننا وبين معاوية تولى أمرنا فخذلنا " .
وكان معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه هو خليفة المسلمين آنذاك , فوصلت المقولة إلى معاوية فأرسل فأفتدى ذلك القرشي ومن معه من المسلمين ,ثم قال له ما خذلناك وما أهملناك , ثم أرسل إلى عامل له في مدينة (صور) ذكي,سريع البديهة , قوي البنية, فقال له أريدك أن تحضر لي أحد بطارقة القسطنطينية ,شكله كذا ووصفه كذا وأسمه كذا ووصفه لذلك الصوري ,فقال الصوري أريد أن أصنع مركبا يلحق ولا يُلحق فقال له معاوية : أصنع ما تريد ولك ما تشاء.
فصنع مركباً عليه من كل تحفة وطرفة ولون, وأخذ يتاجر بين القسطنطينية ودمشق وصور, فقال له معاوية: خُذ بهدايا إلى الملك وحاشيته والبطارقة جميعا إلا ذلك البطريق-أي الذي ضرب المسلم- فإن قال لك : لما لم تحضر لي شيئا ؟ قل له : لم أعرفك وسأحضر لك ما تريد في المرة القادمة فأطلب ما تشاء.
ففعل ذلك الرجل ما أمره معاوية به فقال البطريق أُريدك أن تحضر لي بساط من حرير عليه من جميع الاطيار والاشجار والانهار والالوان والموعد على ساحل البحر وحدد له الوقت والتاريخ.,
فرجع المسلم غلى معاوية فأخبره فقال معاوية: اصنعوا له ما يريد فلما صنعوه واتموه قال معاية لعامله الموكل بالمهمة :إنه سوف يقتله الجشع والطمع فإذا أقبلت إلى الساحل فأنشر البساط والسجاد فإذا رآه فإنه سيصعد إلى السفينة قبل أن تنزل إليه فإذا صعد فقيِّد الكُراع والذراع والسراع السراع –أي قيدوه وأحضروه- فلما أقبلوا إلى الساحل فعلوا ما أمرهم به معاوية فلما رأى البطريق البساط والسجاد أصابه النهم والطمع فأقبل مسرعاً وصعد القارب قبل أن ينزلوا إليه وكان هناك إشارة بين المسلم وأتباعه في السفينة إذ لا يظهر على سطحها إلا هو أما هم فلهم أماكنهم تحت السفينة بحيث لا يشعر بهم أحد فلما صعد ضرب ذلك الصوري ظهر السفينة بقدمه فانطلق أصحابه يجدفون في البحر فما شََعَرَ ذلك البطريق إلا والشراع قد نُشِر والقارب قد سار في البحر, فقيدوه حتى أوصلوه إلى معاوية –طبعاً هذه القصة استغرقت سنوات وما نسي معاوية الثأر- فلما حضر قال له معاوية : أنت الذي ضربت المسلم؟ قال: نعم قال معاوية:علي بالمسلم فلما جاء قال له معاوية أهذا الذي ضربك ؟ قال نعم قال فأضربه بما ضربك ولا تزد على ذلك شيء فقام إليه المسلم فلطم البطريق وحاله مع معاوية:
أعليت دين الله جل جلاله .... فرسى له أصل وطال جدار
فقال معاوية للبطريق :قل لملكك لقد تركت ملك المسلمين يقتص ممن هم من حاشيتك وخدمك على بساطك فاعرف قدرك وإياك وغدركأنا
ابن الليل والخيل المذاكي .... وبيض الهند والسمر اللدانِ
ثم جّهز ذلك البطريق بالهدايا إلى الملك وحاشيته ثم رموه على ضفة البحر فلما وصل البطريق واستقبلوه وهنئوه بعودته من الأسرأخبر الملك بالخبر فقال الملك :لله أبوه أدهى العرب لقد ولوا أمرهم أمكرهم والله لو أراد أخذي من على بساطي لتمت له الحيل .فلم يُعهد أن أحد من الروم إعتدى على مسلم بعدها في زمن معاوية رضي الله عنه
... .. ...
رضي الله عن معاويه الصحابي الجليل واجمعنا ربي به في جنة الخلد
|