كنت أعتقد أن النصراويين قد أصبحوا خبراء في قراءة الآثار المدمرة للخلافات، وأنهم استوعبوا الدروس المريرة التي مرت بهم، ولكن يبدو أنهم مهما اختلفت شخوصهم ومقاماتهم، قد أدمنوا الخلافات حتى أصبح غيابها يصيبهم بالآثار الانسحابية التي تؤثر على مزاجهم العام، فتجعلهم يندفعون بلا وعي لتسخين جبهات الخلاف، وإن لم يستثر الآخر هاجموه واستفزوه، وإن لم يستجب استدرجوه..
خلال أسبوعين فقط، فتحت إدارة النصر جبهتين مع قوى مؤثرة، بدون أسباب منطقية، الجبهة الأولى كانت مع كتاب النصر، وهي جبهة كانت الإدارة تحاول تسخينها منذ بداية الموسم الماضي، عبر ممارسات متعددة، كان عنوانها العناد ومحاولة تسفيه آراء الكتاب، عبر الإصرار على الأخطاء ومحاولة تجميلها عبر رسائل جوال النادي كما حدث مع المدلك أيلي عواد، الذي أصبح خطاب الإدارة المؤشر إليه يسبق اسمه بلقب الطبيب الدكتور، بالرغم من رداءة عمله وعطبه لأكثر من لاعب نتيجة ضعف قدراته المهنية، وبعد أن يئست الإدارة من القدرة على فتح جبهة الكتاب، عمدت إلى أساليب غريبة، حيث حاولت إيجاد ما يمكن تسميته بالإعلام البديل، من خلال تكوين شبكة إلكترونية تشعل المنتديات وغرف البالتوك في تمجيد الإدارة وقمع الرأي الآخر، بأساليب لم يعتدها الفكر النصراوي من قبل، ثم أكملت إشعال جبهة الكتاب بحادثة البرواز، والتي استغلت بكل أسف من قبل البعض في الإعلام البديل وفي المعارضة الصوتية، للنيل من كتاب النصر..
الجبهة الأخرى وهي الأخطر، كانت مع أعضاء الشرف، وهي جبهة عملت الإدارة على فتحها منذ بداية الموسم الماضي مع بعض أعضاء الشرف، ثم ختمتها هذا الأسبوع مع عضو شرف مهم، الذي وإن اختلفت معه الإدارة، فإنها لم توفق وهي تسرب ما حدث لإعلامها البديل، فموضوع أعضاء الشرف موضوع حساس للغاية، ولم يكن من الحكمة أن يعالج الأمر بهذه الطريقة المشتعلة، خصوصا أن هذه المعالجة غير العقلانية، ستجعل من يرغب بالانضمام للعضوية الشرفية يفكر ألف مرة قبل الإقدام على هذه المجازفة المخيفة..
تعامل الإدارة مع أعضاء الشرف الداعمين ومع الإعلام، بحاجة إلى مراجعة شاملة، خصوصا أن النصر على مستوى الميدان من حيث المبدأ أخذ الاتجاه الصحيح من حيث التعاقدات ومن حيث الاستعداد المبكر، وهذه المراجعة يجب أن لا تكون مراجعة عاطفية تدافع عن أخطاء الإدارة وتعدد أخطاء الأطراف الأخرى، لأن مصلحة النصر لا تحتمل هذا النوع من العلاج، بل يجب أخذ الأمر بجدية، وإسناد ذلك لمختصين لديهم الدراية بمعالجة هذه المشكلات، كأن يسند موضوع علاج مشكلة أعضاء الشرف للمكتب التنفيذي، أو لشخصية لها ثقلها واستقلاليتها في مجلس أعضاء الشرف، أما ما يخص الإعلام، فلتترك الإدارة هذه الملعب لأهله، عبر الإسراع في تأسيس المركز الإعلامي مع تدعيمه بالقدرات الإعلامية المميزة، ومنحه كامل الصلاحيات فيما يخص عمله.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
فرحان الفرحان
كاتب وناقد رياضي