جماهير النصر تحطم نظريات علماء الاجتماع

العقل ليس وعاء للمعرفة وإنما هو أداة لتطور الحياة وتنميتها؛ فليس من وظيفة العقل أن يعرف بل أن ينمّي ويبني.
ومن هذا المدخل وددت أن أضع الأمور في نصابها، بعدما دهشت كثيراً من بعض علماء الاجتماع ونشرهم آراءهم الهشّة أن النصر سيفقد جماهيره بمجرد الحصول على بطولة، والرد على هذه الفريّة على عدة اوجه أولها الفطرة السويّة فمنذ الصغر تتشكل شخصية كل طفل من خلال ماتزرعه الأسرة والبيئة والمجتمع القائمة على النصر والهزيمة فكرياً ثقافياً مسابقاتياً ورياضياً ستجدهم يغذّون فيه روح الانتصار ويزرعون النصر ! وهو ما يشكّل شخصيته ورجولته، بكلمة النصر وتأثره بها وتأثيرها عليه فتتوثب لها دوافعه وتتحفز لها سلوكياته ويستمد أرثه الفكري والسلوكي من مضامينه.



فهل تقبل النفس السويّة غير النصر؟! وهل ترضخ للهزيمة؟! على كافة الأصعدة !! هذا البعد الفكري والنظري يحمل بعداً عميقاً لا يلحظ يالمسح الأولي بل بالتأمل والتعمق لفهم ذات الإنسان وكيميائيته والأنزيمات المحرّكة له لربط هذه الآثار النفسية والأبعاد السلوكية بمجرد تحديد هوى وهويته الرياضية فعندما تتشكل الشخصية السوية والآنفة على النصر فبمجرد اختياره للانتماء لهذا المضمون والمسمى سيزرع فيه غريزة البقاء والوجود فلن ينتزع منه هذا الانتماء والكيمياء إلا في حدود ضيقة ونشازاً عندما تتخلى نفسه عن فطرتها، ولا حكم على شاذ !.



ولهذا يرى كثير من المتابعين والمهتمين مدى الالتصاق الروحي والذاتي بين الجماهير وهذا الكيان معنى ومبنى بل وتكاثر مريديه رغم بعده عن البطولات ردحاً من الزمن ولكنها الغريزة السويّة التي لم يلحظها علماء الإجتماع ولم يحللوها التحليل العقلي الصحيح والمبني على ربط العقل بالعلم وبكيميائيته، وتجد كثير من المتابعين والمهتمين مندهشين من هذا الهوس بهذا الاسم والارتباط الوثيق لكل من يحمل مضامينه، بل تجدهم يعجزون عن حل تركيبته وتحليل دوافعه وهو مالم ولن يدركوه طالما مرّوا عليه بشكل سطحي وتناولوا قشوره ! فضلاً عن أنه النادي الوحيد الذي كلما أشتد عليه الظروف إزدادت جماهيره إتصاق وعشق وجمهرة وعندما يُعرف السبب يبطل العجب ! فغريزة النصر راسخة حتى أخمص أقدامهم ويعوون جيّداً أن النصر قادم ولو بعد حين.



النصر في الذوات البشرية مطلب ورغبة ومنتهى طموح، فالإنسان ينتصر على مخاوفه على همومه على نفسه على ظروفه واقعه في كل جانب ومنحى ومنحنى في الحياة لابد أن تجد النصر قريناً ومقترناً بهذا لذا لا عجب أن تلتصق الهوية بالهوى فتفرز هذه الخلطة الروحية التي لا تنتزع إلا بالموت وهي حالة فريدة ووحيدة ونادرة فقط مع النصر ولا تجدها مع المنتمين والمحبين للاندية الأخرى ! وحتى لا نفتح الباب للظرفاء والذين يختزلون التأريخ في مراحل ويختلقون النهايات وفق رؤى قاصرة، ويقرّونه كواقع بنمطية " جحواتية "

فالنصر منذ نشأته لم يبتعد عن البطولات كما ابتعدت الفرق الأخرى، وقد يخسر جولة ولكن لا يخسر معركة، والأيام دول تسرّ البعض زمن وتسوءه أزمان. فالنصراويين ينظرون من وراء أسجاف المتآمرين والظروف، يستشفّون المستقبل بنظرة تفاؤلية، ينتظرون بزوغ الفجر بعد هذا الليل الثقيل، فهذا الحال وإن طال بعض الشيء لكنه لا يدوم، وكلما اشتدت الأزمات آذنت بقرب الفرَج، وإن المنح بعد المحن؛ وهذه سنن الكون ونواميسه.


سبق وأن روّجوا لفريّات فقد النصر لمعظم جماهيره بمجرد اعتزال ماجد وغياب الرمز الراحل ! فكيف ردّت عليهم الجماهير هذا الموسم وبعد عشر سنوات من نظرياتهم؟

أما الرد من الجانب العلمي هو أن أفكار علم النفس وعلم الاجتماع ليست أفكاراً علمية، وإنّما هي أفكار عقلية، لأن التجارب العلمية هي إخضاع المادة لظروف وعوامل غير ظروفها وعواملها الأصلية،وملاحظة أثر هذا الإخضاع.



أمّا ملاحظة الشيء في أوقات وأحوال مختلفة، إنّما هو استنتاج فحسب. مما يؤكد أنها أفكار عقلية تدخل في الثقافة وليس العلم فضلاً عن أنها أمور ظنية قابلة للخطأ والصواب، فلا يصح أن تُتخذ أساساً للحكم على الأشياء ولا يجوز أن يُستدل بها على صحة أمر أو عدمه، لأنها ليست من قبيل الحقائق أو القوانين العلمية.



فهذه العلوم لا يمكن نمذجتها مباشرة على العلوم الطبيعية لأن دراسة السلوك الإنساني تختلف جوهرياً عن دراسة العالم الطبيعي. وحب النصر أحد هذه العلوم الكيميائية في النفس البشرية ! وأعتقد وأعلن التحدي على كل نظرياتهم وكل رؤاهم السابقة واؤكد لهم أن جماهيريته ستزداد وتتكاثر مع كل بطولة ولن تقل، وسنرى من سيصدق أخيراً نظريتهم العقلية أو نصراويتنا العلمية والعقلية؟!

"سلطان العتيبي"