وفي نجد , نستخدم كلمة " عريبيا " للدلالة على الفوضوية في الافعال والممارسات برغم العلم التام بوجود بديل علمي افضل لأداء تلك الاعمال . وبالنسبة لي , كان اول فضح لممارسات العريبيا حين ذهبت لاستخراج رخصة قيادة امريكية بصحبة بعض الدارسين السعوديين هناك فأكتشفت ان خبراتنا السابقة بالقيادة في الشوارع لاتعني للامريكيين شيئآ بقدر مستوى فهمنا للقواعد والقوانين المرورية التي اصروا على اختبار قدراتنا وفهمنا لها . وبينما اخذت دراسة تلك القوانين والانظمة الكثير من الوقت والجهد لفهمها وتجاوز اختبارها , لم يأخذ الاختبار الفعلي والقيادة في الشارع اكثر من خمس دقائق لمعرفة نجاحنا في تحويل ذلك الفهم الى واقع في ميدان القيادة .
ولأننا لازلنا نعيش فيما يسمى بالعالم الثالث , فهناك اصرار عجيب على التنفيذ ضمن نطاق " عريبيا " , ونصر اكثر على اهمال معرفة الطريقة الصحيحة لاداء اعمالنا واستمرار اداءها بطريقتنا الفوضوية . طوال الفترة الماضية دخلت في نقاشات عديدة مع مسئولين وفنيين نصراويين عن الطريقة التي تسير بها احترافية العمل للفريق النصراوي الاول ووجدت شبه اجماع على ادراك الجميع لوجود طريقة علمية افضل لادارة الفريق فنيآ ولكن لا زال هناك ايضآ من يشاهد ويتفرج هيمنة طريقة العريبيا والاستسلام لفوضويتها . فالمدرب على قناعة تامة بعدم آهلية كثير من الاسماء الموجودة ويعزو ذلك لسوء مخرجات الفئات السنية , وهو بذلك يقبل العمل مع لاعبين لايستطيعون تنفيذ مهامهم بالشكل المطلوب وفي نفس الوقت لا يلزم نفسه بتطوير هؤلاء اللاعبين ليرتقوا لمستوى اداء مهامهم بالطريقة التي يودها .
ظللنا طوال الموسم نتلقى اهدافآ تسعين بالمائة منها عن طريق الكرات العرضية , وخلال مشوارنا الاسيوي تلقينا اربعة اهداف كلها من كرات عرضية , ومع ذلك , فأن المدرب يستسيغ لنفسه رمي التهمة على جهل اللاعبين بمسئولياتهم ويعفي نفسه من تجهيزهم للمباريات ليس تكتيكيآ ولياقيآ فقط ولكن مهاريآ وفكريآ وسلوكيآ . ان تستمر هذه الكرات العرضية مسببة كل هذا القلق لآمالنا وطموحاتنا ثم لا نرى اي تحرك لمواجهتها وتحييد خطرها فهذا يعني ان طريقة " العريبيا " والفوضوية والاهمال هي السائدة في تدريبات لا تستجيب لحاجات الفريق .
يفترض بتدريباتنا اليومية ان تعالج عقم هجومي فتوجهه الى الفعالية وزيادة نسبة التهديف , او معالجة ضعف دفاعي فتزيد من مناعته امام هجوم الخصوم . اما ان نرى وعلى مدى عدة اشهر مرمانا مفتوح امام اي هجمة عرضية وتتوالى شتى انواع الهزائم والتعادلات المخيبة بسبب هذه الثغرة الواضحة لأي فريق منافس لنا ثم لا نعالجها .. فمدعاة للتساؤل عن معنى كل تلك التدريبات . اولينا الكثير من وقت اللاعبين وجهدهم لرفع المعدل اللياقي وهو ما اثمر عن امكانيات لياقية عالية تجعل اللاعبين قادرين على اللعب تسعين دقيقة واكثر , ولكن للأسف لم نستثمر تلك اللياقة العالية فنحفز اللاعبين لاستثمار ذلك المخزون اللياقي , فتدني رغبة الفوز يخوننا حينها برغم ان اللياقة لا تفعل بنا ذلك . وليتنا نبذل في افهام اللاعبين الطريقة الصحيحة لملء خاناتهم باقتدار بنفس الحرص الذي نبديه تجاه اللياقة التي اهتمينا لآجلها وتركنا ما هو اهم منها .
امام السد لعبنا شوط اول ممتاز وتحصلنا على العديد من فرص الفوز , وخسرنا بغلطة فنية واحدة من محمد عيد الذي لا الوم جهله بكيفية اداء دور( اخر لاعب ) بقدر ما الوم المدرب الذي يرى عدم فهم اللاعب لدوره الحقيقي ثم يعجز المدرب نفسه عن تعليم اللاعب وتدريبه بشكل مكثف ومستمر حتى يتقن اداء الدور على اكمل وجه . بأعتراف السيد دراغان وبما نراه , يدرك الجميع ان لاعبونا يؤدون ادوارهم بنظام " عريبيا " وفائدة وجود المدربين هو تعليمهم الطرق الصحيحة لاداء مهامهم الفنية ونبذ تلك العريبيا , وان لم تسعى الادارة والمدرب لتغيير واقع اللاعبين الفوضوي في ممارسة الكرة منذ عرفوها في الحواري والفئات السنية قبل ان تستمر هذه الفوضوية معهم في الفريق الاول , فلن يكتب لنا ان نشاهد فريق منظم ومحترف يقوم لاعبوه بأداء ادوارهم بالشكل المطلوب دون لت وعجن ينم عن نقص الفهم وادراك الافاق الحقيقية للابداع الكروي .