09-25-2011, 04:14 AM
|
|
التجربة الكورية والخصوصية النصراوية
خرج الكوريون الجنوبيون من اولمبياد لوس انجلوس 84 بنتائج لا بأس بها وضعتهم في المركز العاشر على مستوى العالم بست ميداليات ذهبية ومجموع تسعة عشر ميدالية . إلا أن هاجس استضافة الاولمبياد القادم بعد أربع سنوات في سيئول وضعهم امام تحد كبير لإحداث نقلة نوعية تنهض برياضييهم ومنجزاتهم حتى لا يكونوا ضيوفاً عابرين على منصات التتويج والبطولة تقام على اراضيهم . ولم يكن المال المتوفر مخصصاً إلا لتحديث المنشئآت وتجهيز الملاعب فيما اوكلت مسئولية النهوض الفني بمستويات وقدرات الابطال الاولمبيين إلى معيار آخر من العمل والجد والانضباط والاحترافية والمؤكد أن المال لم يكن اكبر ادوات تلك النهظة المطلوبة.
ابتدع الكوريون المعسكرات الجبلية وتابعوا فوائد اعشابهم الطبية واسقوا ابطالهم دماء الغزلان البرية ورصدوا حركات وسكنات كل صغيرة وكبيرة من حياة لاعبيهم الاولمبيين فأخضعوهم إلى شتى انواع التهيئة البدنية والغذائية والنفسية والطبية طوال الأربعة وعشرين ساعة ولم تنتهي البطولة إلا وقد اعلن الشمشون الكوري أنه رابع العالم بعد روسيا والمانيا الشرقية وامريكا باثنتى عشرة ذهبية ومجموع واحد وثلاثين ميدالية في اولمبياد لم تقاطعه دول الهيمنة الرياضية . ومثلها فعلت الصين التي قفزت من اربع ميداليات ذهبية عام 84 الى 57 ذهبية في عام 2008 لتصبح الدولة الاولى في جدول الترتيب.
في الجانب النصراوي تم تجربة كل شيء لأجل نهظة الفريق إلا العمل الجاد, قيل لنا أن الفرق بين النصر من جهة والهلال والاتحاد من جهة أخرى هو مئات الملايين المصروفة على الصفقات المحلية والاجنبية, ولم ندع وسيلة حينها لاقناع الداعمين من اجل ضخ عشرات الملايين التي جاوزت مصروفات الآخرين ولكنها لم تحركنا بوصة واحدة خارج مستويات الرائد والفيصلي . لم اعد اعرف ما هي الاعذار التي من الممكن سماعها والاقتناع بها بعد كل هذا الصرف الباذخ خلال العامين اللذين تولى فيهما فيصل بن تركي كرسي الرئاسة, فقد جاءنا كحيلان بنية صادقة ومحفظة مالية كبيرة لتحقيق وعده بتحويل الفريق إلى الافضلية الآسيوية, إلا أن عقلية شراء الفريق الجاهز بالمال فقط دون احداث نقلة نوعية على صعيد العمل المبذول قد افشلت كل المحاولات الهائمة على وجه التخبط والضياع التنظيمي والعملي.
يفترض أن تطوير الفريق يبدأ من الاهتمام بمكوناته وعناصره التي هي اللاعبين, وكل نقلة يتم احداثها في مستويات وجاهزية ووعي واحترافية اللاعبين لا شك أنها ستصل في النهاية الى المستوى العام للفريق. مشكلتنا أننا نريد للصورة الكلية أن تتحسن قبل أن تتزين التفاصيل, ونريد للفريق أن يتطور قبل تطوير مستويات اللاعبين, ولهذا سلكنا طريقاً هشاً ومخادعاً ؛ التحديث فيه يطال الملاعب والقمصان والاعلام ولكن فائدته لا تصل ابداً لنوعية ومستويات اللاعبين . لا زلنا نواجه المدربين الحريصين على تطوير الفريق بمقولة: "الخصوصية السعودية"، خصوصية لا تريد للاعبين أن يتدربوا كفاية لتعويض نواقصهم الفنية والبدنية والفكرية والغذائية والاحترافية . المدربون الكسالى يخبرونك بعدم مسئوليتهم عن نواقص اللاعبين الفنية بحكم افتراضية حصولهم على تلك المهارات اثناء وجودهم في الفئات السنية, فلا المدرب شجاع ليعلن عدم كفاءة اللاعبين لمراكزهم الحالية, ولا هو جاد ليفرض نظامآ جديداً يضمن فيه تدريبهم وتهيئتهم حتى يكونوا مستحقين للقائمة الأساسية . أما إداراتنا العزيزة فهي المثبط الأول لتطوير الفريق بعذر الخصوصية السعودية التي ترى فوائد النظام الاحترافي المتكامل في كل اندية العالم ولكنها لا تريد تطبيقها داخلياً لأنها تهاب السقوط امام رغبة اللاعبين الذين لا يريدون التدريبات الصباحية فتخشى الادارة اسقاطها كما فعل اللاعبون سابقاً بالهولندي فوكي بوي.
ومن رام العلا من غير كد أضاع العمر في طلب المحال
|