يوما التسامح والسلام
د. عبدالعزيز بن عثمان الفالح
التسامح والسلام مبدآن من مبادئ القيم والاخلاقيات عرفها الاسلام حينما تلا رسوله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى(ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون) المؤمنون 96.. وقوله (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً) الاسراء 53.. وآية (وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين) الانبياء 107.. وحققها الاسلام والمسلمون مبدأً وتطبيقاً، فالتسامح والسلام ركنان اساسيان لا ينفصمان عن المسلم فهما من شيمه ومروآته وايمانه بأن ذلك عائدٌ عليه جزاءً وفاقاً. وحينما دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1996 م ان يكون يوما السادس عشر والسابع عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني يومان للتسامح والسلام وكان ذلك مبادرة من المؤتمر العام لليونيسكو في تشرين الثاني عام 1995 م حيث اعتمدت الدول الاعضاء اعلان المبادئ المتعلقة بالتسامح وذلك من اجل التزام الدول الاعضاء بالعمل على النهوض برفاه الانسان وحريته وتقدمه وتشجيع التسامح والاحترام والحوار والتعاون فيما بين مختلف الثقافات والحضارات والشعوب ودعت الامم المتحدة ان يكون يوم السلام العالمي دعوة من الامم المتحدة وشعوبها الى الالتزام بوقف الاعمال العدائية خلال هذا اليوم والى احيائه بالتثقيف ونشر الوعي بالوسائل المتصلة بالسلام ولقد دعاء خادم الحرمين الشريفين من مكة المكرمة في الحادي عشر من ذي الحجة عام 1434 ه السابع عشر من اكتوبر 2013 م العالم أن يكون وحدة متجانسة تنبذ فيه الكراهية وترفض التسلط وقال يحفظه الله ان الاسلام كان وما زال بوسطيته واعتداله وتسامحه طريقنا الى فهم الاخر ومحاورته. واكد ان الحوار بين المذاهب الاسلامية مدخلٌ سليم للفهم وان الخلاف بين المذاهب رحمةٌ للعالمين على ان لا يكون مدخلا للمساس بالعقيدة السليمة، ونادى يحفظه الله الى التعامل مع الغير بإنسانية متسامحة لا غلو فيها، ولا تجبر، ولا رفض للآخر لمجرد اختلاف الدين، فما اتفق عليه فله المنزلة توافقاً مع نوازع القيم والاخلاق وفهم مدارك الحوار الانساني وفق مبادئ العقيدة وما اختلف عليه فالقول الفصل للحق تعالى حيث قال لكم دينكم ولي دين فديننا الاسلامي يؤكد ان لا اكراه في الدين ومن هنا تم انشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين اتباع الاديان والثقافات ليكون مدخلا بين المسلمين وبين اتباع الاديان والثقافات الاخرى، لتؤكد المملكة احترام جميع الاديان السماوية ونبذ الكراهية والعنف وتبين للعالم ان الاسلام دين الصفاء والنقاء والوسطية وان هذا منهجها ومبادئها واخلاقياتها ويضيف يحفظه الله فاذا كان هذا منهجها مع غير المسلمين فالواجب على جميع المسلمين نبذ الخلافات والتناحر وعلى هذا الاساس تمت الدعوة لإنشاء مركز الحوار بين المذاهب الاسلامية في المدينة المنورة والذي تبناه مؤتمر التضامن الاسلامي الذي عقد في مكة المكرمة في شهر رمضان المبارك عام 1433 ه وكان الهدف من ذلك صلاح امر المسلمين، وخشية من الفرقة والشتات قناعة بأن الحوار بين المذاهب الاسلامية هو بعد الله جل جلاله المدخل السليم لفهم بعضنا بعضا فما اتفقنا عليه فالحمدلله فضلا ومنة وما اختلفنا عليه يجب ان لا يكون طريقا لهدم وحدة الامة الاسلامية فباب الاجتهاد سنة الله في خلقه ولذلك جاء الخلاف في الرؤية بين المذاهب رحمة للعالمين وحث يحفظه الله ان يكون الاحترام فيما بين الامم والدول مدخلاً واسعاً للصداقة بينها لا وفق المصالح والمنافع المشتركة ذلك ان العالم وحدة متجانسة. ومع هذه الدعوات من خادم الحرمين ومن امام الكعبة المشرفة نجد ان العنف والكراهية سائدةٌ بين ابناء البلد الواحد فخلافٌ في ليبيا وقتلٌ ونهبٌ في اليمن وفرقةٌ في ارض الكنانة وخلافٌ في البحرين وقتلٌ وتدميرٌ في سورية وتشريد في العراق ونزاعٌ في تونس وتشاجرٌ في افغانستان وتنازعٌ في باكستان وتلاسنٌ في السودان فحريٌ ببلانا العربية والاسلامية ان تعي مسؤوليتها وتدرك المخاطر التي تتجشمها والسهام المتربصة بها. ان يوما التسامح والسلام عنوانان لبسط التسامح والسلام في العالم ولنرفع شعارهما ولنحييهما بنبذ كل ما هو ضدهما لنحيا حياة حب وتسامح وسلام ولنتفيأ ظلالهما لتحيا اجيالنا بما ينبغي ان تكون عليه من تسامح وسلام بعيدا عن الخوف والتوجس.