رباعيات الخيام

بسم الله الرحمن الرحيم

الشاعر الكبير / أحمد رامى

سَمِعْتُ صَوْتًا هَاتِفًا يُنَادِى فِى السَّحَرْ
نَادَى مِنَ الغَيْبِ غُفَاتَ البَشَرْ
هُبُّوا امْلأوا كَاسَ المُنَى قَبْلَ أَنْ
تَمْلأ كَاسَ العُمْرِ كَفَّ القَدَرْ
*
لاَ تَشْغَل البَال بِمَاضِى الزَّمَانْ
وَلاَ بِآتِى العَيْشِ قَبْلَ الآوَانْ
وَاغْنَمْ مِنَ الحَاضِر لِذَاتِهِ
فَلَيْسَ فِى طَبْعِ الليَالِى الآمَانْ
*
غَدٌ بِظَهْرِ الغَيْبِ وَاليَوْمُ لِىْ
وَكَمْ يَخِيْبُ الظَّنُ فِى المُقْبِلِ
وَلَسْتُ بِالْغَافِلِ حَتَّى أَرَى
جَمَالَ الدُّنْيَا وَلاَ أَجْتَلِى
*
القَلْبُ قَدْ أَضْنَاهُ عِشْقُ الجَمَالْ
وَالصًّبْرُ قَدْ ضَاقَ بِمَا لا َ يُقَالْ
يَا رَبْ هَلْ يُرْضِكَ هَذَا الظَّمَأْ
وَالْمَاءُ يَنْسَابُ أَمَامى زُلاَلْ
*
أَوْلَى بِهَذَا الْقَلْبِ أَنْ يَخْفِقَ
وَفِى ضِرامِ الحُبِّ أَنْ يُحْرَقَ
مَا أَضْيَعَ البَوْمَ الذِى مَرَّ بِى
مِنْ غَيْرِ أَنْ أَهْوَى وَأَنْ أَعْشَق
*
أَفِقْ خَفِيْفَ الظِلِّ هَذَا السَّحَرْ
نَادَى دَعِ النَّوْمَ وَنَاغِى الوَتَرْ
فَمَا أَطَالَ النَّوْمُ عُمْرًا وَلاَ
قَصَّرَ فِى الأَعْمَارِ طُولُ السَّهَرْ
*
وَكَمْ تَوَالَ الليْلُ بَعْدَ النَّهَارْ
وَطَالَ بِالأَنْجُمِ هَذَا الْمَدَارْ
فَمْشِ الهُوَيْنَا إنَّ هَذَا الثَّرَى
مِنْ أَعْيُنٍ سَاحِرَةِ الإحْوِرَارْ
*
لاَ تُوحِش النَّفْسَ بِخَوْفِ الظُّنُونْ
وَاغْنَمْ مِنَ الحَاضِرِ أَمْنَ اليَقِيْنْ
فَقَدْ تَسَاوَى فِى الثَّرَى رَاحِلٌ
غَدًا وَمَاضٍ مِنْ أُلُوفِ السِّنِيْنْ
*
أَططْفِىءْ لَظَى القَلْبِ بِشَهْدِ الرِّضَابْ
فَإِنَّمَا الأَيَّامُ مِثْلُ السِّحَابْ
وَعَيْشُنَا طَيْفُ خَيَالْ ، فَنَلْ
حَظَّكَ مِنْهُ قَبْلَ فَوْت الشَّبَابْ
*
لَبِسْتُ ثَوْبَ العَيْشْ لَمْ أُسْتَشَرْ
وَحِيرْتُ فِيْهِ بَيْنَ شَتَّى الْفِكَرْ
وَسَوْفَ أَنْضُو الثَّوْبَ عَنِّى
وَلَمْ أُدْركْ لِمَاذَا جِئْتُ أَيْنَ المَفَرْ ؟
*
يَا مَنْ يَحَارُ الفَهْمُ فِى قُدْرَتِكْ
وَتَطْلُبُ النَّفْسُ حِمَى طَاعَتِكْ
أَسْكَرَنِى الإثْمُ وَلَكِنَّنِى
صَحَوْتُ بِالآمَالِ فِى رَحْمَتِكْ
*
إِنْ لَمْ أَكُنْ أَخْلَصْتُ فِى طَاعَتِكْ
فَإِنَّنِى أَطْمَعُ فِى رَحْمَتِكْ
وَإِنَّمَا يَشْفَعُ لِى أَنَّنِى
قَدْ عِشْتُ لاَ أُشْرِكُ فِى وَحْدَتِكْ
*
تُخْفِى عَنِ النَّاسِ ثَنَى طَلْعَتِكْ
وَكُلُّ مَا فِى الكَوْنِ مِنء صَنْعَتِكء
فَأَنْتَ مَجْلاهُ وَأَنْتَ الذِى تَرَى
بَدِيْعَ الصُّنْعِ فِى آيَاتِكْ
*
إِنْ تُفْصَلُ القَطْرَةُ مِنْ بَحْرِهَا
فَفِى مَدَاهُ مُنْتَهَى أَمْرِهَا
تَقَارَبَتْ يَا رَبِّ مَا بَيْنَنَا
مَسَافَةُ البُعْدِ عَلَى قَدْرِهَا
*
يَا عَالِمَ الأَسْرَارْ عِلْمَ اليَِقِيْنْ
يَا كَشِفِ الضُّرِّ عَنِ البَائِسِيْنْ
يَا قَابِلَ الأَعْذَارْ عُدْنَا إلَى
ظِلِّكَ فَاقْبَلْ تَوْبَةُ التَّائِبِينْ
***