عزة الكمال في الناس[*] - نادي النصر السعودي شبكة جماهير الوفاء
       
   

إضافة إهداء

   
التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم 
قريبا

بقلم :
قريبا
       
العودة   نادي النصر السعودي شبكة جماهير الوفاء > المنتديات الاسلامية > المنتدى الإسلامي
       
المنتدى الإسلامي يحتوي المنتدى الإسلامي عن مذهب اهل السنة والجماعة .. وبكل القضايا الاسلامي .. مقالات اسلامي .. مواضيع اسلاميه .. احاديث نبويه .. احاديث قدسية .. ادعية مختاره

 
       
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
       
#1  
قديم 10-25-2015, 02:37 AM
dad29236
وفـي ذهـــبـي
dad29236 غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 28723
 تاريخ التسجيل : Oct 2015
 فترة الأقامة : 3327 يوم
 أخر زيارة : 06-21-2017 (10:31 AM)
 المشاركات : 1,023 [ + ]
 التقييم : 46
 معدل التقييم : dad29236 is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي عزة الكمال في الناس[*]





عزة الكمال في الناس[*]


عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إنما الناس كالإبل المائة؛ لا تكاد تجد فيها راحلة))[1]؛ رواه الشيخان[2].


معرفة الناس وطبائعهم:
من أعظم شرائط الدعوة، وأهم الأسباب في نجاح الداعي، معرفتُه أحوال مَن يدْعوهم، وإلمامه بطِباعهم، ومبلغ رُقيِّهم وانحطاطهم؛ ليكون على بصيرة من دعوته.

ومن أجل ذلك تُعنى الأمم - ولا سيما المستعمِرين منهم - بدراسة الاجتماع وطبائع النفوس وأحوال البشر، ولا تولِّي سياسة البلاد إلا مَن حنَّكته الخِبرةُ، وصقلتْه التجرِبة، وفاز من هذه الدراسات بحظٍّ كبير.

وأَوْلى الناس بمعرفة الناس وطبائعهم هم الدعاة إلى الله - عز وجل - لأنهم يَبنون نفوسًا مُتهدِّمة، ويعمرون قلوبًا خَرِبة، ويُصلحون فِطرًا فاسدة، ويُنشئون أجيالاً جديدة، فما أشقَّ مهمتهم، وما أثقل عبئهم!

خبرة الرسل بأحوال الناس:
وإذا كان رسل الله هم سادةَ الدُّعاة إليه، فليس عجبًا أن يمنحهم من الخبرة بأحوال الأمم أَوْفى نصيب، وفي رعيهم للغنم وهم أحداث - وما من نبيٍّ إلا رعاها - ثم في تحمُّلهم مشاقّ الأسفار، ومُفارقة الديار - تأييدٌ لما نقول؛ ولهذا كانوا أوسع الناس صدرًا، وأجملهم صبرًا، وأجلهم سياسة وحِلمًا.

وإذا قَضَت حكمة الله تعالى أن يكون رُسله في الفضل درجات، فلا بِدَع أن يكون خاتم النبيين - صلوات الله وسلامه عليه - أجلهم في العلوم منزلةً، وأعظمهم في المعارف رُتبةً، وأوسعهم في طِباع الناس عِلمًا؛ لأن دعوته عامة، وشريعته خالدة.

ولقد تجلَّى ذلك في هَدْيه وإرشاده، وتأليفه بين القلوب النافرة، واجتذابه للنفوس الشاردة، كما تجلَّى ذلك في وصاياه المختلفة، وحِكَمه البالغة، التي اقْتَلَعت جذورًا شريرة، وأبرأت أدواء مُستعصية.

الإبداع في التمثيل:
ومن الآيات البيِّنات على نفوذ بصيرته، وبلوغ خِبرته بأحوال النفوس وطبائع البشر، هذا الحديثُ الجامع الذي يَصِف الناس فيه بأنهم كثير، ولكن الكامل فيهم قليل.

مثلهم كمَثَل الإبل؛ تَعُد المائة منها بل المئتين، فلا تقع على الراحلة النجيبة، الحسنة المنظر، الكريمة المَخبَر، التي استوت خَلقًا وخُلقًا، فلا تجد فيها ضعفًا ولا عيبًا، ولا ترى فيها عِوجًا ولا أمْتًا.

وهكذا الناس، يُعييك منها العدُّ والإحصاء، فلا يقع بصرُك أو بصيرتك - إلا ما شاء الله - على كامل مُكمَّل، تُرضى سجاياه كافة، وتُحمَد أحواله عامة؛ بل لا بد من قذى في العين، أو شجى في الحَلْق، أو أذى في النفْس.

هذا تقيٌّ نقيٌّ إلا أنه يُخدَع، وهذا قويٌّ سَريٌّ إلا أنه يَخدَع، وهذا عالمٌ كبير لكنه ضعيف، وهذا حاكم خطير لكنه يَحيف، وهذا شجاع كريم غير أنه فاسق، وهذا مفكِّر عليم غير أنه يُنافِق، وقُل ما شئت من مدْح وثناء، ولكن لا بد من الاستدراك والاستثناء.

وما أحسَنَ ما قيل في هذا المعنى: "الناس إلا قليلاً ممن عصَم الله مدخولون في أمورهم؛ فقائلهم باغٍ، وسامعهم عيَّاب، وسائلهم مُتعنِّت، ومُجيبهم متكلِّف، وواعظهم غير مُحقِّق لقوله بالفعل، وموعوظهم غير سليم من الاستخفاف، والأمين منهم غير مُتحفِّظ من إتيان الخيانة، وذو الصِّدق غير محترس من حديث الكَذَبة، وذو الدين غير متورِّع عن تفريط الفَجَرة، والحازم منهم تارك لتوقَّع الدوائر"!

من حكمة الله في هذا النقص:
وكأنه - كما قال أبو حيان التوحيدي - لا بد من نُقصان يعتري الإنسان، في كل زمان ومكان؛ لئلا يستبدَّ باستطاعته، ولا يغترَّ بكماله، ولا يختال في مِشيته، ولا يتهكَّم في لفْظه، ولا يتحكَّم على ربه، ولا يَعْدو على بني جنسه، ولئلا يعرى من مذكِّرٍ بالله، وزاجرٍ عن أمر الله، وداعٍ إلى ما عند الله، ومحذِّر من عقاب الله، ومرغِّب في ثواب الله.

قبس من نور النبوة:
ولقد افتنَّ الأدباء والشعراء في التعبير عن عزَّة الكمال في الناس، وقلة الأخيار منهم، حتى قال قائلهم:
ما أكثرَ الناسَ، لا بل ما أقلَّهمُ
الله يعلم أني لم أَقُل فَنَدَا[3]

إني لأُغمِضُ عيني ثم أفتحُها
على كثيرٍ ولكن لا أرَى أحدَا


وقال أبو تمام:

إنْ شئتَ أن يسودَّ ظنُّك كلُّه
فأجِلْه في هذا السوادِ الأعظمِ


إلى شواهدَ كثيرةٍ يحفظها أهلُ الأدب والبيان، بل لقد شكا الفاروق - رضي الله عنه - وهو في خير القرون قلةَ الرجال؛ إذ قال: "اللهم إني أشكو إليك جَلَدَ الكافر، وعَجْزَ الثقة".

أبدع الشعراء والأدباء في تصوير هذا المعنى ما شاء الله أن يُبدِعوا، ولكنهم لم يخلُصوا إلى مِثل هذه البلاغة النبوية، والحكمة الربانية، والتي تنبُع من جلال الحق، وتفيض من مَعِين الصدق، وتُجلي الحقيقة للعيان ساطعة مشرِقة، وأين مشاعل الشعراء، من مصابيح الأنبياء؟

معنى آخر للحديث:
وضَح مما قدَّمناه أن الحديث يعني قلة الكاملين الخيرين المصطفَيْنَ على كثرة الناس، كقلة الراحلة النجيبة المختارة إلى الإبل، ويشهد لهذا المعنى آياتٌ كثيرة من كتاب الله؛ كقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام: 116]، وقوله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].

وإذا كان الكرام المصطفَوْنَ قليلاً في السابقين، فهم أقل من القليل في اللاحقين، لكنَّ طائفةً قد تأوَّلوه على أن الناس في أحكام الدين سواسية كأسنان المُشْط؛ لا فضلَ فيها لشريف على مشروف، ولا لرفيع على وضيع، كالإبل الكثيرة المستوية في فِقدان الراحلة، وليس غلوًّا أن نقول: إن هؤلاء قد انحرفوا عما يَقصِد إليه الحديث المبين.

تقدير الكمال:
ثم إنَّ الناس يختلفون في تقدير الكمال اختلافًا كثيرًا؛ تَبَعًا لعصورهم وتربيتهم وبيئاتهم، لقد أُولِع الإنسان - ولا يزال - بتصوير مَثَل كامل ينزهُهُ عن كل نقص بشري، ويمنحه كلَّ جمال إنساني، ثم يتَّخِذه قدوته وغايته، ولكنه - ويا للأسف! - لا يزال عاجزًا عن مداناة هذا المَثَل، فضلاً عن تحقيقه.


والكامل عند علماء الأخلاق والتربية: مَن قوي جسمُه حتى أصبح آلة سليمة في فِعل الخير، وعُدة قويمة في إنتاج البر، ونضَج عقله وحصَف حتى حال بينه وبين الفساد، وسلَك به سبيلَ الرَّشاد، ولطفتْ رُوحُه وسَمت حتى بوَّأته مقاعدَ الصديقين.

وللصوفية مجال كبير في تصوير الإنسان الكامل، وصفوة القول فيه عندهم أنه من يَرقى بنفسه، ويسلُك طريق الأنبياء والمقرَّبين؛ حتى يتَّصل بالله - عز وجل - وحينئذٍ يذوق ما لا يذوق الناس، ويرى ما لا يرون، ويعرف ما لا يعرفون.

نموذجان من الكمال الإنساني:
ولا نرى بأسًا أن نشير هنا إلى صورتين جميلتين من نماذج الكمال الإنساني؛ نرجو بذلك أن نأخذ أنفسنا بهما أو بإحداهما، وييسِّر السبيلَ إليهما أنهما ليستا من الأمور النظرية، ولا يَنقُص مَن ينتهجهما إلا صدْقُ الرغبة، ومُضاء العزيمة، في قليل من المَرانة والصبر.

قال عليٌّ - كرم الله وجهه - في صفةِ المتقين: "فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوةً في دين، وحزمًا في لين، وإيمانًا في يقين، وحرصًا في علم، وعلمًا في حِلم، وقصدًا في غنى، وخشوعًا في عبادة، وتجمُّلاً في فاقة، وصبرًا في شدة، ونشاطًا في هدى، وتحرُّجًا عن طمع، يعمل الأعمال الصالحات وهو على وَجَل، يُمسي وهمُّه الشكر، ويُصبح وهمه الذِّكر، مقبلاً خيرُه، مدبرًا شرُّه، في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، نفسه في عناء، والناس في راحة".

وقال أحد الحكماء: "إني مُخبِرك عن صاحبٍ لي كان أعظم الناس في عيني، وكان رأسُ ما أعظِّمه عندي صِغرَ الدنيا في عينه، كان خارجًا من سلطان بطنه؛ فلا يشتهي ما لا يجده، ولا يُكثِر إذا وجَد، وكان خارجًا من سلطان فرجه؛ فلا يدعو إليه مؤونة، ولا يستخِفُّ له بدنًا ولا رأيًا، وكان خارجًا من سلطان الجهالة؛ فلا يقدم إلا على ثقة أو منفعة، وكان لا يشكو وجعًا إلا عند مَن يجد عنده البرء، ولا يصحب إلا من يرجو عنده النصيحة، وكان لا يتبرَّم ولا يتسخَّط، ولا يتشهَّى ولا يتشكى، ولا ينتقم من الولي، ولا يغفُل عن العدو، ولا يخصُّ نفسه دون إخوانه بشيء من اهتمامه وحيلته وقوته".

الكمال درجات:
وأيًّا ما كان الأمر، فالكمال على أنحاء ودرجات، ومُحال أن يجتمع في كل نواحيه إلا للأنبياء والمرسلين، والناسُ بعد هؤلاء على حظوظٍ متفاوتة على حسَب اقترابهم أو تَباعُدهم من الكمال والكاملين، ﴿ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾ [فاطر: 32].

ثم إن الكمال أمر نسبي، فربَّ مفضول في الأولين يكون مثلاً كاملاً في الآخرين، ومهما وصَف الواصفون في ضروب الكمال وسُبُله، ففي كتاب الله وسُنَّة رسوله هُدى ونورٌ وشفاء لما في الصدور، وحسبنا آية البر[4] وسورة العصر، وأجمع آيةٍ لخيرٍ يُمتثل وشر يُجْتنب: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].

من لطائف الحديث وأسراره:
وحُقَّ على من فَهِم هذا الحديث أن يأخذ العفو ويأمر بالعُرف، وأن يُحسِن ما وجد إلى الإحسان سبيلاً، ولا ينتظر من الناس - والنقصُ في طبائعهم - ملائكة أطهارًا، أو صدِّيقين أخيارًا؛ فإنه حينئذٍ يطلب ما لا سبيل إليه، وليكن مع هذا كله على حذرٍ من الناس يستره، في ظن حَسنٍ وخُلُق كريم.

وفي الحديث منافسةٌ كريمةٌ يُدرِكها السبَّاقون إلى الخير، والغُيَّر على المكارم، فيعملون على أن يكونوا في الناس كالرواحل في الإِبل؛ ﴿ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ﴾ [ص: 24].

أما بعد، فإنَّ الواصفين أكثر من العارفين، والعارفين أكثر من الفاعلين، فلينظر امرؤٌ أين يضعُ نفسَه؟!

المصدر: من ذخائر السنة النبوية؛ جمعها ورتبها وعلق عليها الأستاذ مجد بن أحمد مكي

[*] مجلة الأزهر، العدد السابع، المجلد الخامس عشر، رجب 1363.

[1] يجوز أن تكون المائة صفة مفرَدة للإبل، وأن تكون مبتدأ والجملة بيان، والراحلة هي البعير المختار القوي النجيب في جميع أوصافه للسفر والركوب، وما أعزها في الإبل! (طه).

[2] أخرجه البخاري (6498) في الرقاق، ومسلم (2547) في فضائل الصحابة.ة

[3] الفند: الكذب وضعف الرأي.

[4] ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ... ﴾ [البقرة:




رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
الناس, الناس[*], الكلام, عشب

       

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
       

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فيديو: عبدالمجيد العنزي : بعض الناس ... قالوا متصدر لا تكلمني ... وبعض الناس قالوا .. نصراوي بلاتيني صــوت الــجــمــاهــيــر الــنــصــراويـــه 4 04-29-2014 01:59 PM
من درر الكلام كحيلان الفخر الــمــنــتــدى الــعــام 11 12-17-2011 05:45 PM
تاه الكلام ..}~ سموةالنصر@ملووكه@ جــزالــة الــقــوافــي 11 07-12-2011 05:51 PM
ماهو بــ {شرط }ااعجب كل الناس ! انا موكل الناس تعجبنۓ*¨) اتعبني غروري نبض القلب 7 01-22-2011 05:28 PM

 

 

ادارة المنتدى غير مسؤوله عن التعامل بين اﻻعضاء وجميع الردود والمواضيع تعبر عن رأي صاحبها فقط

 

 


الساعة الآن 02:52 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd


F.T.G.Y 3.0 BY:
D-sAb.NeT © 2011

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas
This site is safe