بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
عين الأمير عبدالله بن محمد الأول اخر الأمراء فى الأندلس حفيده عبدالرحمن الناصر بن محمد بن الأمير عبدالله ليرثه فى الحكم ، وكان عمر عبدالرحمن الناصر ثلاثة أسابيع ، وقد أولى الأمير عبدالله حفيده عبدالرحمن عناية خاصة وجعله أمينا على بعض أعماله ، وكان يسند إليه بعض المهام ليرثه فى حكم الأندلس من بعده ، ولم يخب ظن جده به ، فقد حقق اماله وامال الناس فيه .
تلقى عبدالرحمن الناصر من جده الأمير عبدالله العناية وولاه العهد من بعده ، وربما كان ذلك تعويضا لفقدان ابنه محمد ، فما أن شب عبدالرحمن الناصر حتى ظهرت عليه علامات النجابة والذكاء ، وكان عند حسن ظن جده الذى توسم فيه الخير ، ولما توفى الأمير عبدالله تولى حفيده الناصر الحكم وكانت الأندلس يومها تحتاج إلى الهمة العالية والسياسة الحكيمة لحل مشاكلها وتوفير الإستقرار المطلوب والإستمرار فى دفع موكب الحضارة الخيرة والإنتاج الفكرى المترعرع فى ربوعها .
كانت الأندلس قد أزعجها القلق بسبب بعض المخالفات الكائنة فيها ، كانت مهمته خطرة وصعبة ، وكان سنه يوم تولى الحكم ثلاثا وعشرين سنة لذلك بايعه كل أصحاب المكانة ولم ينافسه أحد .
كان الناصر أميرا حازما ، وذكيا عادلا ، وعاقلا شجاعا ، محبا للإصلاح وحريصا عليه قاد الجيوش بنفسه ، فأنزل العصاة من حصونهم لشجاعته وسياسته الحكيمة بالسيف أو بالسياسة الرشيدة التى اتبعها ، عفا عمن طلب الأمان وعاد إلى الطاعة ، حتى أنه عين بعض المخالفين- بعد عودتهم إلى الطاعة - فى مناصب مهمة إذ كانوا من أصحاب الكفاءات ، أحبه الشعب وأخلص له ، وكان هو قدوة له ، لذلك استطاع أن يقضى على العصاة ويعيد للأندلس وحدتها ومكانتها
أدب المتمردين من حكام الشمال الأسبانى وجعلهم يدركون قوة الأندلس حتى انقلب تحرشهم إلى خضوع تام لرغباته ، رضخوا للشروط التى يضعا لهم ويمليها عليهم ، بلغت الأندلس- أيامه -
فى هذه المدة من القوة بحيث أن حكام أسبانيا الشمالية طلبوا أحيانا إلى السلطات الأندلسية التدخل فى حل مشاكلهم ......وتأكيدا لقوة الأندلس-مع أسباب أخرى- أعلن عبدالرحمن الثالث الخلافة الأندلسية فأنهى بذلك عهد الإمارة سنة 316 ه (929) م واستمر حكمه نصف قرن من الزمان ....يروى المقرى فى نفح الطيب(أنه وجد بخط الناصر -رحمه الله- : أيام السرور التى صفت له دون تكدير يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا ويوم كذا من كذا ....، وعدت تلك الأيام فكانت أربعة عشر يوما ) ....من كتاب التاريخ الأندلسى / تأليف عبدالرحمن على الحجى