تعد الصلاة ركناً أساسياً من أركان الإسلام، وهي عمود المسلم الحق. وهي همزة الوصل بين العبد وربه، وهي أول ما فرضه الله من العبادات، وآخر ما وصى عليه -أفضل الصلوات والسلام- أمته عند وفاته. لذا وجب المحافظة على أدائها في مواقيتها المحددة، لقوله تعالى: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً".
لما في ذلك من خير ونور وبرهان على صلاح المسلم وحسن خاتمته يوم القيامة، ففي حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "من حافظ عليها -الصلاة- كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع هارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف" رواه احمد والطبري وابن حيان .
وفي ترك الصلاة رأيان، أولهما: فقد أجمع الفقهاء على أن تارك هذا الركن (الصلاة) إنكاراً لها وجحوداً يعد مرتداً وخارجاً عن ملة الإسلام. يُحبس حتى يتوب وتزيل شبهته، فإن عَدَل عما هو عليه عاد إلى الإسلام، وإن أصّر يطبق عليه الحاكم حد الردة. أما الرأي الثاني: أن من انشغل عنها لأمور الدنيا أو تركها تكاسلاً واستخفافاً بها مع إيمانه بفرضيتها، متعمداً، ودون وجود عذرٍ شرعي يستوجب ذلك، فقد وجب كفره وقتله . وهناك كثيرٌ من الأحاديث في السنة النبوية، تؤكد وجوب تكفير تارك الصلاة ومنها: حديث عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" رواه أحمد ومسلم وأبو داوود والترمذي وابن ماجة.
وفي حديث آخر عن بريدة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" رواه أحمد وأصحاب السنن. وهناك من ذهب إلى وجوب قتله، فعن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "عُرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة، عليهن أسس الإسلام، من ترك واحدة منهن فهو كافر بها حلال الدم: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ". فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله -عزّ وجل- ". رواه البخاري ومسلم.
فيما ذهب كثير من علماء وأئمة المسلمين أمثال: أبي حنيفة ومالك والشافعي، إلى استبدال الكفر بالفسق،ن وهو مرتبة بين الإيمان والكفر، فقيل لا يُكّفر بل يفسق ويستتاب. فإن لم يتب قتل حداً عند مالك والشافعي وغيرهما. بينما قال أبو حنيفة: "لا يُقتل بل يُعزَّز ويحبس حتى يصلي..." .
الأحكام السابقة في عقوبة ترك الصلاة للمسلم، تدلل على عظمة تركها عند الله -سبحانه وتعالى-، وإن صلاح المسلم مرتبط بصلاح صلاته وعلاقته مع رب العالمين، وفيها صلاح لنفسه وعلاقته مع ربّه، ومن ثم مع الجميع .