|
التميز خلال 24 ساعة | |||
العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم | الموضوع النشط هذا اليوم | المشرف المميزلهذا اليوم | |
قريبا |
بقلم : |
قريبا |
|
|
|
|
|
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
الشهيد القاضي محمد رئيس أول جمهورية لكردستان
الشهيد القاضي محمد رئيس أول جمهورية لكردستان
لم يكن أسم القاضي محمد رئيس جمهورية كردستان ( التي سميت جزافاً جمهورية مهاباد ) أسماً لايلفت النظر أولا يثير الأهتمام ، ولغرض التقليل من اهمية التجربة الوطنية الكردية التي تم إجهاضها بتعاون عدة أطراف دولية ، يشار الى الأسم المختصر لها المرتبط بمدينة مهاباد والحقيقة غير ذلك . القاضي محمد من الشخصيات الكردية المثيرة للأهتمام حقاً فقد كان الرجل يتمتع بثقافة كبيرة أضافة الى شخصيته الساحرة التي تولد المحبة والتعاطف مع من يقابله ، ويتصف الرجل بعلميته وتبحره في أمور الشريعة والفقه الأسلامي والدين ، وأتقانه اللغة العربية والتركية والفارسية والفرنسية والألمام باللغة الأنكليزية والروسية ، اضافة الى لغته الأم الكردية . ويتميز القاضي محمد ببساطة شخصيته وتواضعه وشجاعته وأيمانه العميق بحقوق شعبه في الحياة وضرورة النضال من أجل تحقيق هذه الحقوق المشروعة ، وبالرغم من انحدار القاضي محمد من أسرة متمكنة مادية وغنية في المنطقة وساهم ذلك في أن يجعله مثقفاً ومتعلماً من النوع المتميز بين أقرانه ، الا أن ذلك لم يدفعه ليكون مغروراً أو مبتعداً عن مهمات شعبه ونضاله من أجل تحقيق حلمه المشروع . كان يتميز بعلاقاته المتميزة بين اوساط الفقراء والمعدمين وبساطته في تلبية حاجاتهم ومساعدتهم في قضاء بعض اشغالهم ومصاعبهم وحل مشاكلهم ، وكان كثير الأهتمام بشؤون الفقراء والبسطاء من الناس ، وكان حريصاً على الأستماع اليهم والرد على أسئلتهم الدينية والمتعلقة بالشريعة والقضاء وفي جميع مناحي الحياة العامة بالنظر لما يتمتع به من خصال المعرفة وشمول الثقافة التي أكتسبها في حياته ، كما كان يدعو الى نشر التعليم والثقافة بين الكرد والتمسك بمواصلة الدراسة والتسلح بالعلم والمعرفة من اجل مواجهة الأضطهاد والظلم الذي كان يقع على هذا الشعب ، أضافة الى تشخيص المعاملات المزرية والمآسي والمظالم التي تقع على الكرد بسبب قوميتهم الكردية وعدم تقبلهم التنكر لها او تبديلها وفق رغبة السلطات الحاكمة التي كانت تمارس السياسات الشوفينية المقيتة ضدهم والتنكر لمقوماتهم الثقافية والاجتماعية اضافة الى السياسية . وخلال سنوات حياته كان القاضي محمد متفهماً للواقع المرير الذي تعيشه الجماهير الكردية متلمساً معاناة الناس وأحساسهم بالغبن والتغييب الذي يقع على كامل القضية الكردية . كان الشهيد القاضي محمد غالباً ما يستذكر الأنتفاضات الكردية التي حدثت ويتحدث عنها كثيراً بين أوساط الفقراء والتي تحدث تأثيرها وأنعكاسها عليهم في تأجيج مشاعرهم القومية والمشروعة لتكون نبراساً يتذكر به الكرد تاريخهم ولتكون مساهمة للأجيال القادمة قراءة تاريخ السفر النضالي للشعب الكردي ، منها على سبيل المثال أحداث أنتفاضة عام 1621 في قلعة دمدم وانتفاضة الشيخ عبيد الله النهري في العام 1880 ، وكان يؤكد دوماً على ضرورة تمتين الروابط بين الكرد وضرورة أن يضحي الكردي مهما عظمت تضحيته من أجل الهدف الأسمى وهو مصلحة ومستقبل الشعب الكردي ، وجعل الأرادة والأهداف فوق المصالح والغايات الشخصية في ظل الظروف التي يعيشها الكرد في الدول التي تتقاسم وجودهم بعد تعمد اللعبة الدولية على تقسيمهم وتقطيع أوصالهم ، لغرض أضعاف قوتهم وتشتيت ارادتهم ووأد أحلامهم المشروعة . وكان القاضي محمد يقلب صفحات التاريخ الكردي بدقة ويستل منها مايؤثر في نفوس الكرد ، وتشير الكتابات التي وصلتنا عنه أنه كان مؤثراً بشكل لايوصف في منطقة مهاباد من كل الطبقات الكردية المنتشرة في المنطقة ومن مختلف طبقات الشعب الكردي ، وكان تأثيره واضحاً في قيام حركات سياسية متميزة وتجمعات ثورية وعشائرية وصدور مجلات كردية تنشر افكارها وسياستها في المنطقة وتؤثر خارج منطقتها . وبالرغم من سيطرة القيادات العشائرية على المجتمع الكردي وأبتعاد هذه القيادات عن الدعوة الى النضال والكفاح من أجل تطلعات الأكراد المشروعة ، وأبداء المقاومة من قبل الأغاوات والشيوخ بسبب عدم التفريط في مناهج أستغلالهم للطبقات الفلاحية المعدمة وعدم تقبلهم ذهنياً مفاهيم ثورية كان يدعو لها القاضي محمد تحت شتى الحجج والغايات الدينية والعشائرية والأجتماعية المتخلفة ، فقد كان القاضي محمد وعلى الدوام يكرس كل وقته ووجل أهتمامه في مصلحة الأكراد والتطلع نحو مستقبلهم وحياتهم ليس في منطقة مهاباد فحسب ، بل في مجمل المناطق التي تعيش بها المجتمعات الكردية . وقد يكون موقع مدينة مهاباد وقربها من مناطق الحدود مع الأتحاد السوفيتي تأثير في تركيز القاضي محمد على المطالبة الشعبية لحقوق الكرد ، بالنظر لما لمسه من تحقيق لحقوق القوميات والشعوب في الأتحاد السوفيتي الفتي والمجسد الجديد لحقوق الشعوب والنصير حينها لحركات الثورة والتمرد على الظلم والأضطهاد والأستغلال . وأنتشرت دعوة القاضي محمد بين الناس أنتشاراً سريعاً مثل البرق وتوسعت القاعدة الشعبية لأعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني في المدينة لتحتوى أغلب شبابها وشيوخها وحتى نسائها ، وأمام حالة رد الفعل لما تقوم به السلطات القمعية والشوفينية تجاه الكرد ، ومع وقوع حوادث سياسية وأمنية أستفزت الجماهير الكردية لتنتفض برمتها على القوات الأيرانية ، وتستطيع السيطرة على مجمل المناطق كاملة في يوم 17 كانون الأول 1945 ، حيث سطرت قوات البيش مركة الكردية أروع الملاحم وقصص البطولة في التصدي والثبات حتى يصار الى تسمية هذا اليوم ( بيوم البيش مركة ) . وتحركت القيادات السياسية الكردية بما يتناسب مع الوضع الراهن ، وسيطرت على الوضع وبدأت تحركات سياسية وتقسيمات عسكرية بعد دراسة الظروف الأقليمية والدولية التي كانت صعبة ومتشابكة للغاية بالنظر لمخلفات الحرب العالمية الثانية والتقسيمات الدولية الجديدة وأنقسام العالم الى عدم معسكرات وتعدد المصالح فيما بينها . وبتاريخ 22/1/1946 تم أعلان قيام جمهورية كردستان التي تأسست ضمن الظروف الشائكة التي ورد ذكرها وأصبحت مدينة مهاباد عاصمة للجمهورية الفتية ، وأصبحت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني قائداً لهذه الجمهورية . وأمام العالم ووسط أكبر ساحة من ساحات العاصمة تم أنتخاب القاضي محمد كأول رئيس للجمهورية الكردستانية ، وكان حاضراً هذه الأحتفالات المهيبة وفود من جميع أطراف منطقة كردستان ، وبعد أن القى الرئيس الجديد كلمته تم ولأول مرة في التاريخ الكردي رفع العلم الكردستاني الذي يتشكل من اللون الأحمر والأصفر والأخضر ، كما تم طرح البرنامج الكفاحي الشامل للجمهورية . وقد تجسد الحلم المشروع في قيام دولة كردية على أرض كردية لشعب يتمتع بجميع مقومات الأستقلالية والدولة الحديثة دون أن يؤثر هذا على سيادة أو كيان أي دولة من الدول المحيطة بها ، وأعتبرت اللغة الكردية لغة رسمية يتعلم بها الشعب وتلتزم بها الدوائر الرسمية وتم فتح المدارس وأنشأت الصحافة والمسارح ودخلت المرأة في معترك الحياة الكردستانية الجديدة ، وقامت علاقات تجارية مع دول الجوار وأهمها العلاقة مع الأتحاد السوفيتي . وبدأت الجمهورية الفتية تلقى الدعم والتأييد المطلق من الجماهير الكردية وتتقدم بخطوات ثابتة ومتينة من أجل رسم معالم مستقبل أنساني يستحقه الكرد ، وأمام مايبهر العالم من تجربة ثورية يقودها الشهيد القاضي محمد . تداخلت المساومات السياسية مع خيوط اللعبة الدولية ليتم تخلي جميع الدول وأنسحاب الجيش الأحمر من المناطق القريبة وخلو الساحة الى الجيش الأيراني الذي تفرغ للأجهاض على الجمهورية الكردستانية ليطبق عليها بأنيابه ومخالبة على رقبتها ومحاولة أسكات صوتها ، وتقدمت جحافل الجيش الأيراني الجرارة بقوة تقدر ب 120 الف جندي مع كافة انواع الأسلحة العسكرية المتطورة حينها لمواجهة شعب لم يكن يملك سوى أرادته وتصميمه على الكفاح . وعلى مشارف الجمهورية كان يمكن للقاضي محمد أن ينسحب ويتوارى عن الأنظار ، وكان ممكن له أن يتخلى عن مبادئه وأفكاره لينزوي في داره يتابع مطالعاته والتنعم بالحياة مع عائلته ، وكان من الممكن أن يساوم العدوان الأيراني وكان وكان ، ولكنه آثر البقاء لمواجهة القوة الآيرانية مسجلاً بذلك ليس صفحة شجاعة ومشرقة في سجله الشخصي والعائلي ، انما سجل صفحة أخرى من صفحات البطولة والأصرار على الثبات والدفاع عن الحقوق الكردية المشروعة . وتم القبض على القاضي محمد مرفوع الرأس مبتسماً بمهابة وأجلال وأقتيد الى سجون الجيش الآيراني ليتم تقديمه الى المحاكمة العسكرية الأستثنائية ، وهو الرجل المدني الذي لم يخالف القوانين العسكرية ، الا أن شموله بحالة الطواريء والحرب جعله يتقدم الى هذه المحاكمة بدفاع ليس عن نفسه أنما عن قضية الشعب الكردي وعن القضية الكردية يفحم بها قضاة المحكمة مفنداً جميع الأتهامات الموجهة له ، ويصر في النهاية على مواصلة طريق الكفاح من أجل قضية الشعب الكردي عموماً ودون أستثناء . وكان من الطبيعي أن يصدر الحكم بالموت على البطل الأسطوري والفقيه الزاهد والمتعبد القاضي محمد لأن الحكم كان معد سلفاً والذي تلقاه القاضي برباطة جاش وثقة عالية بالقدر والمصير المحتوم وبشجاعة تنم عن ثقته بنفسه وبشعبه وبما يشكله موته من فائدة كبيره لشعبه الذي يعاني من الأضطهاد والحرمان والظلم . وفي يوم 30 مارس 1947 أقتيد البطل الى نفس الساحة التي شهدت قيام الجمهورية الكردستانية ( ساحة القناديل الأربعة ) ، وفي فجر ذلك اليوم البائس بعد ان ادى صلاة الفجر تم أعدام الشهيد القاضي محمد ليسجل أسمه خالداً مع رفاقه بين أسماء الشهداء الخالدين وبين أسماء المدافعين عن قضايا شعوبهم وعن حق الأنسان في الحياة الكريمة . رحل الشهيد القاضي محمد وبقيت روحه ترفرف فوق ثرى كردستان يشير لنا أن نسمي الأشياء بأسمائها ويحلفنا بضمائرنا أن الجمهورية كانت تدعى ( جمهورية كردستان ) وكانت ( مهاباد ) عاصمة لهذه الجمهورية ، ولم يكن أسمها قطعاً جمهورية مهاباد . وبالرغم من تخيل الأعداء أن الصوت الكردي أستكان وسكت عن المطالبة بحقوقه المشروعة الا أن الشعب الكردي واصل نضاله وكفاحه لنيل حريته وتحقيق تطلعاته الأنسانية مقدماً التضحيات الجسام والشهداء . وهكذا بقيت الأشارة المضيئة في التاريخ الأنساني تتحدث ملياً عن الرموز التي رحلت تحمل معها أيمانها بعقيدتها ومبادئها ، غير انها باقية في ضمير الشعوب كرمز من رموز الأنحياز ضد قوى الباطل والظلم الى جانب الشعوب المستضعفة والمنكوبة ، ويصير الشهيد الخالد القاضي محمد بمواقفه وشجاعته وصبره وأحلامه التي حولها الى واقع والتي أبقاها مأثرة حيه في ضمير من بعده ، وكتب بروحه حقوقاً للأكراد يجب أن لايتم حجبها أو نسيانها ، لانها حقوق أنسانية أولاً ومشروعة ثانياً وقد حل العصر الذي لاينكرها ثالثاً ، وهي من الحقوق التي تدعو لها الشعوب في حق تقرير المصير ثالثاً . م0ن |
|
|
|
|
|
|
|
ادارة المنتدى غير مسؤوله عن التعامل بين اﻻعضاء وجميع الردود والمواضيع تعبر عن رأي صاحبها فقط |
|
|