(الـــــورع) حمله 9للشيخ د/احمدالمنصوري - نادي النصر السعودي شبكة جماهير الوفاء
       
   

إضافة إهداء

   
التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم 
النصر-الوطن
عضو جديد
بقلم : النصر-الوطن
قريبا
       
العودة   نادي النصر السعودي شبكة جماهير الوفاء > المنتديات الاسلامية > المنتدى الإسلامي
       
المنتدى الإسلامي يحتوي المنتدى الإسلامي عن مذهب اهل السنة والجماعة .. وبكل القضايا الاسلامي .. مقالات اسلامي .. مواضيع اسلاميه .. احاديث نبويه .. احاديث قدسية .. ادعية مختاره

إضافة رد
       
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
       
#1  
قديم 01-30-2012, 02:39 PM
طبعي الوفاء
عضو ملكي
طبعي الوفاء غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 20
 تاريخ التسجيل : Apr 2009
 فترة الأقامة : 5682 يوم
 أخر زيارة : 08-08-2016 (09:26 PM)
 المشاركات : 36,426 [ + ]
 التقييم : 24652
 معدل التقييم : طبعي الوفاء has a reputation beyond reputeطبعي الوفاء has a reputation beyond reputeطبعي الوفاء has a reputation beyond reputeطبعي الوفاء has a reputation beyond reputeطبعي الوفاء has a reputation beyond reputeطبعي الوفاء has a reputation beyond reputeطبعي الوفاء has a reputation beyond reputeطبعي الوفاء has a reputation beyond reputeطبعي الوفاء has a reputation beyond reputeطبعي الوفاء has a reputation beyond reputeطبعي الوفاء has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
Duscc2 (الـــــورع) حمله 9للشيخ د/احمدالمنصوري




السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته



مـتـابـعـي بـرنـامـج الشيخ د.أحمد المنصوري



على قناة بداية الفضائية



كما تعودنا كل يوم أحد يكون هناك موضوع متجدد مع شيخنا الفاضل



وموضوع حلقة اليوم عن ..
الـــورع



بإنتظار مشاركتكم وتفاعلاتكم في هذه الصفحة سواء ,,,
" تصاميم - فلاشات - كتابات - مواضيع "


وفقنا الله وإياكم لكل خير


م/ن

اسفه لوتدخل بطرح للحملات الشيخ
حبيت نستمرفي طرحها





رد مع اقتباس
قديم 01-30-2012, 02:40 PM   #2
طبعي الوفاء
عضو ملكي


الصورة الرمزية طبعي الوفاء
طبعي الوفاء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 20
 تاريخ التسجيل :  Apr 2009
 أخر زيارة : 08-08-2016 (09:26 PM)
 المشاركات : 36,426 [ + ]
 التقييم :  24652
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الورع


تعريفه:
لغة:مأخوذٌ من مادة (ورع)، والتي تدلُّ عن الكفِّ والانقباض، ومنه العفَّة، ومنه الجُبْن، وخالفَ الجوهريُّ فيه.
اصطلاحًا:تَرْك ما يُخشى ضرَرُه في الآخرة.

تمام الورع:
أن يعلم الإنسانُ خير الخيرين وشرَّ الشرَّيْن، وأن الشَّريعة مَبْناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وإلاَّ فمَن لم يُوازن ما في الفعل والتَّرْك من المصلحة الشرعيَّة والمفسدة الشرعيَّة، فقد يدَعُ واجباتٍ ويفعل محرَّمات، ويرى ذلك مِن الورع، كمَن يدَعُ الجهاد مع ولِيِّ الأمر المسلم الظَّالم، ويرى ذلك ورَعًا، ويدع الجمعة والجماعة خلف الأئمَّة الذين فيهم بدعة، أو فجور، ويرى ذلك من الورع، ويمتَنِع عن قبول شهادة الصَّادق، وأَخْذ عِلم العالِم؛ لما في صاحبه من بدعةٍ خفيَّة، ويرى تَرْكَ قبول سماع هذا الحقِّ الذي يجب سماعُه من الورع.

قواعد في الورع: ذكَر بعضُهم قواعدَ مهمَّة في الورع:
الأولى: الورع منه واجبٌ ومنه مستحَب: قال ابن تيميَّة: فالمستحبُّ اتِّقاء ما يخاف أن يكون سببًا للذمِّ والعذاب عند عدم المعارض الرَّاجح، ويدخل في ذلك أداءُ الواجبات والمشتَبهات التي تُشبه الواجب، وتَرْك المحرَّمات والمشتبهات التي تشبه الحرام، أمَّا الواجب: فهو اتِّقاء ما يكون سببًا للذمِّ والعذاب، وهو فعل الواجب وترك المحرَّم.

الثانية: أنَّ ما لا ريب في حلِّه ليس فيه ورَع، بل الورع فيه من التنطُّع؛ قال - رحمه الله -: "وأمَّا ما لا ريب في حلِّه فليس تَرْكُه من الورع، وما لا ريب في سقوطه فليس فعله من الورع".

الثالثة: الورع يكون في الفعل كما هو في التَّرك، فيعتقد بعضُهم أنَّ الورع يكون بالتَّرك فقط؛ كترك المحرَّم، وليس في أداء الواجب، وتورُّع بعضهم من أجل البدع والفجور في الدُّنيا، فيترك أمورًا واجبة عليه؛ إمَّا عينًا أو كفاية، وبعضهم يتورَّع من جهة التَّكليف ونحو ذلك.

الرابعة: أنَّ الورع إنَّما هو بأدلَّة الكتاب والسُّنة؛ فينبغي أن يكونَ اعتقادُ الوجوب والتحريم بأدلَّة الكتاب والسُّنة، وبالعلم لا بالهوى، أو العادة، فيستَحْكم ذلك في نفسه، أو بالأوهام والظُّنون الكاذبة؛ ولهذا يحتاج المتديِّن المتورعُ إلى علمٍ كثير بالكتاب والسُّنة، والفقهِ في الدِّين، وإلاَّ فقد يفْسد تورُّعه الفاسد أكثر مِمَّا يصلحه، كما فعله الكفَّار وأهل البدع من الخوارج والرَّوافض وغيرهم".

الخامسة: الورَع لا يكون إلاَّ بالإخلاص؛ قد تأتي الإنسانَ اعتباراتٌ تَدْفع إلى الورع، فقد يكون له مقامٌ واعتبار، ويرى أنَّه مِمَّا ينبغي أن لا يليق بأمثاله أمام الناس، فيكون دافعه إلى ذلك مُراءاة الناس، وقد يكون دافعه حظَّ النَّفْس، أو هوى النَّفس، أو غيرها من الأمور؛ قال شيخُ الإسلام: "واعلم أنَّ الورع لا ينفع صاحبَه، فيَكُون له ثوابٌ إلاَّ بفِعْل المأمور به من الإخلاص".

السادسة: التدقيق في مسائل الورع للخاصَّة، وليس لآحاد الناس:
يقول ابن رجب: "التَّدقيق في التوقُّف عن الشُّبهات إنما يصلح لمن استقامَتْ أحواله كلُّها، وتشابَهَت أعماله في التَّقوى والورع، فأمَّا من يقع في انتِهاك المحرَّمات الظاهرة، ثم يريد أن يتورَّع عن شيء من دقائق الشُّبَه، فإنه لا يحتمل له ذلك، بل يُنكَر عليه، وهذا حال بعض المتكلِّفين المرائين، يسلك هذا المسلك، كما قال ابنُ عمر لمن سأله عن دم البعوض من أهل العراق: يسألونني عن دَمِ البعوض وقد قتلوا الحُسَين، وسمعت النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((هما ريحانتاي في الدُّنيا)).

أنواع الورَع: قسَّم بعضُهم الورع إلى أنواع أربعة:
1 - الورَع في التلقِّي: بأن يَعلم أنه لا يصحُّ إسلامه إلاَّ أن يَجعل من كتاب الله وسنَّة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - المصدرَ الوحيد الذي يتلقَّى منه منهجه، لا يجوز بأيِّ حال من الأحوال أن يأخذ المسلم بأيِّ منهج غير منهج الله - عزَّ وجلَّ - وصدَقَ الله العظيم: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

2 - الورع في الكسب: فعلى العبد أن يَصْطحب تقوى الله - عزَّ وجلَّ - والورع في كسبه، وإذا حُرِمَ العبد الورعَ في كسبه، أصبح عبدًا للدِّرهم والدينار، بل إنه يجعل الدرهم والدينار إلَهًا يعبده من دون الله! والرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((تَعِس عبدُ الدينار، تعس عبد الدِّرهم، تعس وانتكس، وإذا شِيكَ فلا انتَقَش))[1].

3 - الورع في الكلمة: يقول الله تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]، وقول النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الرجل ليتكلَّم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظنُّ أنْ تبلغ ما بلغَتْ، يكتب الله له بها رِضوانَه إلى يوم يلقاه، وإنَّ الرجل ليتكلَّم بالكلمة من سخط الله ما كان يظنُّ أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه))[2].

4 - الورع في التَّعامل: مع الأقربين من الأهل والزَّوجة والأولاد، ثم مع الإخوان والأصدقاء، فينبغي ألاَّ يكون المؤمن مترفِّعًا على إخوانه، وهو في المقابل مطيَّةٌ ذَلول لأعداء الله، والله يَصِف أولياءه فيقول - عزَّ وجلَّ -: ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 54].

مراتب الورع: ذكرَ الأصفهانيُّ للورعِ ثلاثَ مراتب:
1 - واجب: وتكون بالإحجام عن المحرَّمات، وهي للناس كافَّة.
2 - مندوب: وذلك بالوقوف عند الشُّبهات وهي للأواسط.
3 - فضيلة: بالكفِّ عن كثيرٍ من المباحات، والاقتصار على أقلِّ الضَّرورات؛ وذلك للنبيِّين والصدِّيقين والشُّهداء.

درجات الورع: وقد ذكرها الهرويُّ كما في "مدارج السالكين":
الدرجة الأولى:تجنُّب القبائح؛ لِصَون النَّفس وتوفير الحسنات وصيانة الإيمان.
الدرجة الثانية: حفظ الحدود عندَ ما لا بأس به؛ إبقاءً على الصِّيانة والتقوى، وصعودًا عن الدَّناءة، وتخلُّصًا عن اقتحام الحدود.
الدرجة الثالثة: التورُّع عن كلِّ داعيةٍ تدعو إلى شَتات الوقت والتعلُّق بالتفرُّق، وعارض يعارض حال الجمع والفرق بين شتات الوقت والتعلُّق بالتفرُّق.

ثمار الورع:
1 - يصل به العبدُ أعلى مراتب الإيمان، وأفضل درجات الإحسان.
2 - راحة البال وطُمَأنينة النفس.
3 - يجعل المجتمع نظيفًا صالحًا.
4 - محبَّة الله ومحبة الخلق.
5 - استجابة الله لدعاء الوَرِع.

المراجع:
1 - "لسان العرب" (8/ 388).
2 - "فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميَّة" (10/ 511 - 512).
3 - "قواعد وضوابط في الورع"؛ لمحمد الدويش.
4 - "مدارج السالكين"؛ لابن القيِّم (3/ 24 - 26).
5 - مقالة "اضبط ورعك"؛ لعوض بانجار.


[1] البخاري ( 2887) والترمذي في (2375)، وابن ماجهْ ( 4136 ).

[2] أحمد 3/ 469 (15946)، وابن ماجه 3969، والتِّرْمِذِيّ 2319 والنَّسائيُّ في "الكبرى" (تحفة الأشراف) 2028، وصحَّحه الألباني في "الصحيحة" برقم (188) ، وفي "صحيح الجامع" برقم (1619).


 

رد مع اقتباس
قديم 01-30-2012, 10:28 PM   #3
كحيلان الفخر
وفـي مـــــاســـي


الصورة الرمزية كحيلان الفخر
كحيلان الفخر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2491
 تاريخ التسجيل :  Oct 2010
 أخر زيارة : 04-02-2019 (10:21 AM)
 المشاركات : 59,133 [ + ]
 التقييم :  28880
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



اثابك الله عزيزتي طبعي
ع التذكير نسينا قسم الحملآت
جزاك الله الجنه ع الطرح القيم


 

رد مع اقتباس
قديم 01-30-2012, 10:30 PM   #4
كحيلان الفخر
وفـي مـــــاســـي


الصورة الرمزية كحيلان الفخر
كحيلان الفخر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2491
 تاريخ التسجيل :  Oct 2010
 أخر زيارة : 04-02-2019 (10:21 AM)
 المشاركات : 59,133 [ + ]
 التقييم :  28880
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



بسم الله الرحمن الرحيم

الورع عند السلف:

لعلكم تدركون أن السلف لم يكونوا يعنون بالتحرير المنطقي للتعاريف فتصبح جامعة مانعة، إنما كانوا يقصدون أن يعبروا عن الكلمة بما يقاربها وبما يفهم السامع، قال ابن القيم رحمه الله في المدارج: "وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الورع كله في كلمة واحدة فقال: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، فهذا يعم الترك لما لا يعني من الكلام النظر والاستماع والبطش والمشي والفكر وسائر الحركات الظاهرة والباطنة، فهذه الكلمة كافية شافية في الورع".

وقال إبراهيم بن أدهم :"الورع ترك كل شبهة، وترك ما لا يعنيك هو ترك الفضلات".

وقال الشبلي:" الورع أن تورع عن كل ما سوى الله".

وقال إسحاق بن خلف:"الورع في المنطق أشد منه في الذهب والفضة، والزهد في الرياسة أشد منه في الذهب والفضة لأنهما يبذلان في طلب الرياسة".

وقال أبو سليمان الداراني:الورع أول الزهد كما أن القناعة أول الرضا".

وقال يحيى ابن معاذ: "الورع الوقوف على حد العلم من غير تأويل".

وقال أيضاَ:"الورع على وجهين: ورع في الظاهر، وورع في الباطن؛ فورع الظاهر أن لا يتحرك إلا لله، وورع الباطن هو أن لا تدخل قلبك سواه".

وقال أيضاً:"من لم ينظر في الدقيق من الورع لم يصل إلى الجليل من العطاء".

وقيل:"الورع الخروج من الشهوات وترك السيئات".

وقيل:"من دق في الدنيا ورعه أو نظره جلَّ في القيامة خطره".

وقال يونس بن عبيد الورع:"الخروج من كل شبهة ومحاسبة النفس".

وقال سفيان الثوري: "ما رأيت أسهل من الورع، ما حاك في نفسك اتركه".

وقال سهل: "الحلال هو الذي لا يعصي الله فيه، والصافي منه الذي لا ينسى الله فيه".

وسأل الحسن غلامٌ وقال له: ما ملاك الدين؟ قال: الورع، قال: فما آفته؟ قال: الطمع، فعجب الحسن منه.

وقال الحسن:"مثقال ذرة من الورع خيرٌ من ألف مثقال من الصوم و الصلاة".

وقال أبو هريرة:"جلساء الله غداً أهل الورع والزهد".

وقال بعض السلف: "لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس" ويروى مرفوعاً.

وقال بعض الصحابة :"كنا ندع سبعين باباً من الحلال مخافة أن نقع في باب الحرام".

هذه بعض الأقوال من السلف حكاها ابن القيم رحمه الله في المدارج حينما تحدث عن منزلة الورع والوقت يضيق عن سرد أقوالهم وعباراتهم في ذلك، ومنهم من يستعمل الورع مرادفاً للزهد، ومنهم من يفرق بينهما وهو المشهور عند المتأخرين: أن الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما يخشى ضرره.

م/ن


 

رد مع اقتباس
قديم 01-30-2012, 10:39 PM   #5
كحيلان الفخر
وفـي مـــــاســـي


الصورة الرمزية كحيلان الفخر
كحيلان الفخر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2491
 تاريخ التسجيل :  Oct 2010
 أخر زيارة : 04-02-2019 (10:21 AM)
 المشاركات : 59,133 [ + ]
 التقييم :  28880
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي





عن الحسن بن علي سبط رسول الله وريحانته رضي الله عنه قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ( دع ما يريبك إلى ما يريبك ) رواه النسائي وقال الترمذي حديث حسن صحيح .
هذا الحديث أصل عظيم في باب الورع وترك الشبهات ، فإن العبد لا يسلم دينه من المفسدات والمنقصات إلا إذا تعاطى الورع وترك ما اشتبه عليه أمره. وفي الحديث مسائل:
الأولى : حقيقة الورع ترك كل ما يضر أو يخشى ذلك في الآخرة ، فيشمل ترك الحرام وترك الشبهات المفضية إليه. وقد عرفه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله ( وكذلك الورع المشروع هو الورع عما قد تخاف عاقبته وهو ما يعلم تحريمه وما يشك في تحريمه وليس في تركه مفسدة أعظم من فعله ). وقال أيضا ( وأما الورع فإنه الإمساك عما قد يضر فتدخل فيه المحرمات والشبهات لأنها قد تضر. فإنه من اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي حول الحمى يوشك أن يواقعه . وأما الورع عما لا مضرة فيه أو فيه مضرة مرجوحة لما تقترن به من جلب منفعة راجحة أو دفع مضرة أخرى راجحة فجهل وظلم). والورع منه واجب ومنه مستحب فالورع الواجب ترك كل ما حرم الله من المناهي والمحظورات والورع المستحب ترك الشبهات والوسائل الموصلة إلى الحرام. والحاصل أن الورع انتقال العبد من الشك إلى اليقين من الريبة والتردد إلى الثقة والاطمئنان. وهو عام في جميع أبواب الدين فيشمل العبادات والمعاملات والجنايات وغيرها وليس خاصا بباب الأموال كما يتوهمه بعض العامة .

الثانية: سلوك الورع من العبد يحتاج إلى فقه عظيم في دلالات النصوص والأحوال. فليس من الورع ترك ما تكون المفسدة في تركه أعظم من فعله. وليس من الورع أن يترك العبد شيئا مشكوكا فيه فيترتب على تركه وقوعه في منكر متحقق في تحريمه. فمن الناس من يتورع عن تعاطي بعض المكاسب المشتبه فيها مع حاجته الشديدة إليها لقوته أو عياله أو قضاء دينه ثم يجد مشقة وعنتا في ذلك ويعوزه الحال ويحمله على وقوعه في أكل الحرام. وليس من الورع ترك الواجب تركا أعظم فسادا من فعله مع الشبهة كمخالفة الجماعة والخروج على الإمام ونزع يد الطاعة في سبيل إنكار المنكرات والغيرة على المحرمات. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( وتمام الورع أن يعلم الإنسان خير الخيرين وشر الشرين , ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية والمفسدة الشرعية فقد يدع واجبات ويفعل محرمات . ويرى ذلك من الورع كمن يدع الجهاد مع الأمراء الظلمة ويرى ذلك ورعا ويدع الجمعة والجماعة خلف الأئمة الذين فيهم بدعة أو فجور ويرى ذلك من الورع ويمتنع عن قبول شهادة الصادق وأخذ علم العالم لما في صاحبه من بدعة خفية ويرى ترك قبول سماع هذا الحق الذي يجب سماعه من الورع). ومن قلة الفقه في الورع أن يكون المرء ورعا شديدا في باب الأموال متساهلا في باب الدماء أو باب الأعراض أو العكس ، ومنهم من يكون ورعا في الدنيا مضيعا للفرائض والواجبات.

الثالثة : في الحديث دلالة على إحدى القواعد الخمس الكبرى وهي أن اليقين لا يزول بالشك ولها فروع كثيرة ومعناها إذا تعارض الشك مع اليقين أخذنا باليقين وقدمناه واطرحنا الشك ، فإذا تيقن المكلف الطهارة ثم شك في الحدث بنى على اليقين وهو الطهارة ، وإذا تيقن الحدث ثم شك في الطهارة بنى على اليقين وهو الحدث ، وهذا عام في البدن والبقعة والثوب والماء لحديث عبد الله المازني ( شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم : الرجل يخيل إليه : أنه يجد الشيء في الصلاة ؟ قال : لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ) متفق عليه ولمسلم ( إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه : أخرج منه شيء أم لا ؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا). وكذلك إذا طرأ عليه الشك في سائر العبادات وعقود المعاملات و الأنكحة استصحب الأصل وبني على اليقين وطرح الشك.

الرابعة : إذا تعذر معرفة اليقين عمل المكلف بغلبة الظن وهو الظن الراجح بالقرائن واطرح الشك لأنه اتقى الله ما استطاع وبذل ما وسعه وهذه القاعدة لها نظائر وصور في الشرع كالتحري في طهارة الماء والتحري في استقبال القبلة والتحري في عدد الركعات حال الشك والتحري في تمييز الثوب الطاهر والتحري في تعيين الفوائت والديون والزكوات والأيمان والنذور والحقوق الواجبة .

الخامسة : سلك بعض الفقهاء بناء على هذا الحديث وغيره مسلك الاحتياط في المسائل التي كثر النزاع فيها فإذا تردد الحكم في المسألة بين الإباحة والتحريم قالوا بالكراهة خروجا من الخلاف وأكثروا من تعليل الأحكام بذلك. والتحقيق أن العمل بالاحتياط ليس دليلا شرعيا يبني عليه الأحكام ويوجب الكراهة لأن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى دليل من الكتاب والسنة و إنما يسوغ للفقيه أن يتوقف في المسألة ويكف عن العمل بها إذا قويت عنده الشبهة وتعارضت الأدلة ولم يقوى عنده مرجح فحينها لا يلزم أحدا بقوله وإنما يوصيه به ويكون هذا من باب الورع واتقاء الشبهات. ومن فهم هذا الأصل زال عنه كثير من الإشكالات الواقعة في كلام الأئمة واتضح له وجه تصرفات كثير من السلف الذين غلبهم الزهد والورع في كثير من المسائل. أما ما ثبت من الرخصة في السنة وليس لها معارض صحيح أو لم يكن عمل الأمة على خلافها فينبغي على الفقيه أن يعمل بها ولا يجتنبها لمخالفة إمامه أو غيره من العلماء لها فإنه ربما لم تبلغهم هذه الرخصة أو قام سبب آخر عندهم لتركها. أما إن عارضها سنة أقوى منها أو عمل بها الشذوذ واشتهر عمل الأمة على خلافها تعين تركها والأخذ بعمل الأمة.

السادسة : الورع مراتب والناس يتفاضلون فيه كما يتفاضلون في الإيمان. ويكون تمام الورع مرضيا من الخاصة و الكمل من الإيمان الذين استقامت نفوسهم بفعل الواجبات وترك المحظورات أما من يغشى الكبائر ويجاهر بها ويفرط في بعض الواجبات ثم يسعى لترك الشبهات فهذا ورع كاذب مظلم مشكوك فيه. فقد أنكر ابن عمر رضي الله عنه على من سأله عن دم البعوض من أهل العراق وقال يسألونني عن دم البعوض وقد قتلوا الحسين وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (هم ريحانتاي من الدنيا). وسأل رجل بشر بن الحارث عن رجل له زوجة وأمه تأمره بطلاقها فقال "إن كان بر أمه في كل شي ولم يبق من برها إلا طلاق زوجته فليفعل وان كان برها بطلاق زوجته ثم يقوم بعد ذلك إلى أمه فيضربها فلا يفعل" . وسئل الإمام أحمد عن رجل يشتري بقلا ويشترط الخوصة التي تربط بها جزرة البقل فقال أحمد مستنكرا إيش هذه المسائل فقيل له إنه إبراهيم بن أبي نعيم فقال أحمد إن كان إبراهيم فنعم هذا يشبه ذاك. وقد كان الإمام أحمد يستعمل هذا الورع في نفسه وينكر استعماله على من لم يصل إلى هذا المقام. فإنه أمر من يشتري له سمنا فجاء به على ورقة فأمر برد الورقة إلى البائع.

السابعة : كان السلف الصالح رحمهم الله يستعملون الورع فيما اشتبه عليهم حتى صار شعارا لهم في سلوكهم من أسهل الأمور عليهم. قال العمري الزاهد "إذا كان العبد ورعا ترك ما يريبه إلى ما لا يريبه". وقال الفضيل "يزعم الناس أن الورع شديد وما ورد على أمران إلا أخذت بأشدهما". وقال حسان بن أبي سنان "ما شيء أهون من الورع إذا رابك شيء فدعه". وقال هشام بن حسان "ترك محمد بن سيرين أربعين ألفا فيما لا ترون به اليوم بأسا". وتنزه يزيد بن زريع عن خمس مئة ألف من ميراث أبيه فلم يأخذه وكان أبوه يلي الأعمال للسلاطين وكان يزيد يعمل الخوص ويتقوت منه إلى أن مات رحمه الله. وكان المسور بن مخرمة قد احتكر طعاما كثيرا فرأى سحابا في الخريف فكرهه فقال ألا أراني قد كرهت ما ينفع المسلمين فآلى ألا يربح فيه شيئا فأخبر بذلك عمر بن الخطاب فقال له عمر جزاك الله خيرا.
منقول للفائده





 

رد مع اقتباس
قديم 01-31-2012, 02:53 AM   #6
نصر99
اداري سابق


الصورة الرمزية نصر99
نصر99 غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5451
 تاريخ التسجيل :  Nov 2011
 أخر زيارة : 01-04-2014 (08:19 AM)
 المشاركات : 1,194 [ + ]
 التقييم :  2224
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



جزاك الله كل خير مشرفتنا المتألقة طبعي الوفاء ,,, وماقصرتي في دعمك للحملات و إستمراريتها في المنتدى
ولا تهون المتألقة هجولة نصر
في إنتظار تفاعل الجميع مع الحملات



 

رد مع اقتباس
قديم 01-31-2012, 01:32 PM   #7
كحيلان الفخر
وفـي مـــــاســـي


الصورة الرمزية كحيلان الفخر
كحيلان الفخر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2491
 تاريخ التسجيل :  Oct 2010
 أخر زيارة : 04-02-2019 (10:21 AM)
 المشاركات : 59,133 [ + ]
 التقييم :  28880
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الورع معشر الإخوة الكرام مصطلح نبوي شرعي؛ فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا اللفظ فقال  -فيما رواه البيهقي – في وصيته لأبي هريرة رضي الله عنه:"كن ورعاً تكن أعبد الناس، وكن قنعاً تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً، وأَقِلّ الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب".

روى البزار والحاكم والطبراني في الأوسط من حديث حذيفة رضي الله عنه، ورواه الحاكم أيضاً من حديث سعد أنه صلى الله عليه وسلم قال: "فضل العلم أحب إليَّ من فضل العبادة وخير دينكم الورع".

ففي هذه النصوص الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم أطلق صلى الله عليه وسلم فيها هذا اللفظ وهذا المصطلح، فهو إذن مصطلح شرعي نبوي، وإن كان ليس من شروط هذه المصطلحات أن ترد بنصها عن النبي صلى الله عليه وسلم، فما دام المصطلح لا يعارض النصوص الشرعية فلا مشاحة في الاصطلاح.

أما الأدلة له على معنى الورع دون لفظه فهي أدلة كثيرة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومنها الحديث العظيم الجامع الذي جعله جمعٌ من أهل العلم أحد الدعائم التي يقوم عليها الإسلام، وهو حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :"إن الحلال بيّن وإن الحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراعٍ يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه" والحديث مشهور في كتب السنة بروايات عدة، ويحفظه الصغير والكبير، وهو قاعدة في التورع مما يشتبه منه، مع أن معنى الورع -كما سيأتي- يأخذ مدى أكبر من هذا المدى ودائرة أوسع من هذه الدائرة، والتورع عن المشتبهات والبعد عنها ليس إلا باباً من أبواب الورع.

ومن الأدلة في هذا المعنى حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"البر حسن الخلق، والإثم ما حاك صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس" والحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه.

وحين جاء وابصة بن معبد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له صلى الله عليه وسلم : "جئت تسأل عن البر" ، فقال: نعم ، قال له صلى الله عليه وسلم:"استفت قلبك؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك" رواه أحمد والدارمي، وله شاهد عند الإمام أحمد من حديث ثعلبة، وهذا الحديث فيه إيماء وإشارة إلى تلك الحساسية المرهفة التي يملكها عباد الله الصالحون؛ فصارت نفوسهم تطمئن إلى البر وترتاح إليه، وصارت نفوسهم تأنف من المعصية وإن أفتاها الناس وأفتوها، ولا شك أن هذا الحديث مع ما فيه من الدلالة على الأمر بالتورع مما حاك في الصدر وإتيان ما اطمأنت إليه النفس، فهو إشارة إلى حال الصالحين وحال قلوبهم التي ترى بنور الله سبحانه وتعالى؛ فتطمئن هذه القلوب للبر والهدى والتقى والصلاح، وتشعر باشمئزاز ونفور وتردد من الإثم وأسبابه، ولو أفتاها الناس، وهذا المقياس في مسألة البر والإثم ليس إلا لعباد الله الصادقين، بل لعله أن يكون أمارة نختبر بها قلوبنا؛ فإن كانت تطمئن للبر والصلاح والتقوى وتشمئز من المعصية والسيئة وتنفر منها فهي قلوب صالحة بإذن الله، وإن كانت دون ذلك فهي بحاجة إلى تزكية وإصلاح.

وهو ليس خطاباً للمعرضين الذين علا الران على قلوبهم، فأصبحت نفوسهم مأسورة بهواها وشهواتها، فقلبه ونفسه إنما تطمئن لمعصية الله سبحانه وتعالى وإيذاء عباده المؤمنين المتقنين، بل كم من الناس انقلبت الموازين لديه فأصبحت السيئة حسنة والحسنة سيئة.

إذن فهذا المقياس إنما هو لأولئك الصالحين الذين توجهت قلوبهم لله سبحانه وتعالى فأصبح القلب لا يحب إلا لله ولا يبغض إلا لله سبحانه وتعالى، ولا يتوجه إلا لله، وقبلته إلى الله عز وجل لا يفارقها؛ فكما أنه يستقبل القبلة في صلاته ويقف بين يدي الله عز وجل كل يوم خمس مرات فقلبه إنما قبلته لله لا يمكن أبداً أن يستقر في قلبه محبة غير الله أو التوجه له، أو أن يكون فيه إرادة تخالف أمر الله سبحانه وتعالى وشرعه، لهذا ارتقت هذه النفوس إلى هذا القدر فصارت تطمئن للبر وتشمئز من الإثم؛ فمنحها الله عز وجل هذا النور وهذا الفرقان يا أيها الذين آمنوا إن تتقو الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم وفي آية أخرى ويجعل لكم نورا تمشون به.


 

رد مع اقتباس
قديم 01-31-2012, 01:34 PM   #8
كحيلان الفخر
وفـي مـــــاســـي


الصورة الرمزية كحيلان الفخر
كحيلان الفخر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2491
 تاريخ التسجيل :  Oct 2010
 أخر زيارة : 04-02-2019 (10:21 AM)
 المشاركات : 59,133 [ + ]
 التقييم :  28880
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان الا على الظالمين ،،،
والصلاة والسلام على خاتم النبيين وامام المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجميعن وبعد :

فعن النعمان بن البشير رضى الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( الحلال بين ، والحرام بين ، وبينهما مشتبهات ، لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى ؛ يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب .) متفق عليه


هذا الحديث اصل فى الورع وترك الشبهات
قال الحافظ ابن رجب : " معناه ان الحلال المحض بين لا اشتباه فيه ، وكذلك الحرام المحض ، ولكن بين الامرين امور تشتبه على كثير من الناس ، هل هى من الحلال ام من الحرام . واما الراسخون فى العلم فلا يشتبه عليهم ذلك ، ويعلمون من اى القسمين هى "

" وقد فسر الامام احمد الشبهة بانها منزلة بين الحلال والحرام ، يعنى الحلال المحض والحرام المحض ، وقال : من اتقاها فقد استبرأ لدينه ، وفسرها تارة باختلاط الحلال والحرام "

والناس بالنسبة للشبهة اربعة اصناف :

الاول : العالم بحكمها هل هى من الحلال ام من الحرام ، فهو يعمل بمقتضى علمه وهذا خير الاصناف .
الثانى : من لا يعلم بحكمها ، فيتوقف فيها لاشتباهها عليه ، فهذا قد استبرأ لدينه وعرضه .
الثالث : من لا يعلم حكمها ومع ذلك يقع فيها مع كونها مشتبهة عنده ، فهذا يوشك ان يقع فى الحرام .
الرابع : من يقع فيها مع عمله بانها من جنس الحرام المحض فهذا شر الاصناف .

وهناك قسم خامس يترك الشىء الذى يعتقد انه حلال مما يظنه الناس شبهة استبراء لعرضه ، وهذا يلحق بالصنف الاول الذى هو خير الاصناف .

قال ابن رجب : " فاما من اتى شيئا مما يظنه الناس شبهة لعلمه بانه حلال فى نفس الامر ، فلا حرج عليه من الله فى ذلك ، لكن اذا خشى من طعن الناس عليه بذلك ، كان تركها حينئذ استبراء لعرضه ، فيكون حسنا ، وهذا كما قال النبى صلى الله عليه وسلم لمن رآه واقفا مع صفية : ( انها صفية بنت حيى ) متفق عليه .





اهمية الورع



قال الامام ابن القيم فى "المدارج " : والمقصود ان الورع يطهر دنس القلب ونجاسته ، كما يطهر الماء دنس الثوب ونجاسته ...



الورع فى كلمة واحدة


وقد جمع النبى صلى الله عليه وسلم الورع كله فى كلمة واحدة فقال : ( من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) صحيح الجامع الصغير
فهذا يعم الترك لما لا يعنى من الكلام والنظر والاستماع والبطش والمشى والفكر ، وسائر الحركات الظاهرة والباطنة ، فهذه الكلمات شافية فى الورع .





سهولة الورع وشدته


قال سفيان الثورى : ما رايت اسهل من الورع : ما حاك فى نفسك فاتركه

ووقف حسان بن ابى سنان على اصحاب الحسن فقال : اى شىء اشد عليكم ؟ قالوا : الورع . قال : ولا شىء اخف على منه .

وقال بشر بن الحارث : اشد الاعمال ثلاثة : الجود فى القلة ، والورع فى الخلوة ، وكلمة الحق عند من يخاف ويرجى .


احاديث فى الورع وفضائله

1- عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" فضل العلم خير من فضل العبادة ، وخير دينكم الورع " رواه الطبرانى وحسنه المنذرى وصححه الالبانى لغيره

2- وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" كن ورعا ً تكن اعبد الناس ، وكن قنعا تكن اشكر الناس ، واحب الناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا ، واحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما ً ، واقل الضحك ، فان كثرة الضحك تميت القلب . " رواه ابن ماجة وصححه الالبانى لغيره

3- وعن ابى امامة رضى الله عنه قال : سأل رجل النبى صلى الله عليه وسلم :
ما الاثم ؟ قال : " اذا حاك فى نفسك شىء فدعه " رواه احمد وصححه المنذرى والالبانى

4- وعن انس رضى الله عنه ان النبى صلى الله عليه وسلم وجد تمرة فى الطريق فقال : " لولا انى اخاف ان تكون من الصدقة لاكلتها " متفق عليه

5- وعن الحسن بن على رضى الله عنهما قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دع ما يربيك الى ما لا يريبك " رواه الترمذى والنسائى وصححه الالبانى


درجات الورع كما جاء فى مختصر منهاج القاصدين

الدرجة الاولى : وهى درجة العدول عن كل ما تقتضى الفتوى تحريمه .

الدرجة الثانية : الورع عن كل شبهة لا يجب اجتنابها ولكن يستحب

الدرجة الثالثة : الورع عن بعض الحلال مخافة الوقوع فى الحرام

الدرجة الرابعة : الورع عن كل ما ليس لله تعالى ، وهو ورع الصديقين

مثال ذلك ما ورى عن يحيى بن يحيى النيسابورى انه شرب دواء ً فقالت له امرأته : لو مشيت فى الدار قليلا ً حتى يعمل الدواء . فقال : هذه مشية لا اعرفها ، وانا احاسب نفسى منذ ثلاثين سنة .

فهذا رجل لا تحضره نية فى هذه المشية تتعلق فى الدين فلم يقدم عليها ، فهذا من دقائق الورع ...


من اخبار الورعين


الصديق


كان لابى بكر الصديق رضى الله عنه غلام يخرج له الخراج ، وكان ابو بكر ياكل من خراجه ، فجاءه يوما بشىء ، فاكل منه ابو بكر . فقال له الغلام : اتدرى ما هذا ؟ فقال ابو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهنت لانسان فى الجاهلية ، وما احسن الكهانة ، الا اننى خدعته ، فلقينى ، فاعطانى لذلك هذا الذى اكلت منه ! فادخل ابو بكر يده ، فقاء كل شىء فى بطنه " رواه البخارى


الفاروق
قدم على الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه مسك وعنبر من البحرين ، فقال عمر : والله إنى لوددت أنى وجدت امراة حسنة الوزن ، تزن لى هذا الطيب ، حتى اقسمه بين المسلمين ، فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد : انا جيدة الوزن ، فهلمً أزن لك . فقال عمر : لا . قالت : لم ؟ قال : انى اخشى ان تأخذيه فتجعله هكذا ، ثم ادخل اصابعه فى صدغيه ، وتمسحى به عنقك ، فاصيب فضلا ًعلى المسلمين .


ابن سيرين
كان ابن سيرين اذا دعى الى وليمة او الى عرس يدخل منزله يقول : اسقونى شربة سويق . فيقال له : يا ابا بكر ! انك ذاهب الى الوليمة وتشرب سويقا ً ؟ فيقول : انى اكره ان اجعل حر جوعى على طعام الناس .


ابن مبارك
سيَب ابن المبارك دابة عالية القيمة ، وصلى صلاة الظهر ، فرتعت الدابة فى زرع قرية سلطانية ، فترك ابن مبارك الدابة ولم يركبها .


الحجاج بن دينار
كان الحجاج بن دينار قد بعث طعاما ً الى البصرة مع رجل ، وامره ان يبيعه يوم يدخل بسعر يومه ، فاتاه كتابه : انى قدمت البصرة ، فوجدت الطعام منقصا ً ، فحبسته فزاد ثمنه ، فازددت فيه كذا كذا . فكتب اليه الحجاج بن دينار : انك قد خنتنا ، وعملت بخلاف ما امرناك به ، فاذا اتاك كتابى فتصدق بجميع ذلك الثمن على فقراء البصرة ، فليتنى اسلم اذا فعلت ذلك ..

احمد بن حنبل
رهن احمد بن حنبل رضى الله عنه سطلا ً له عند بقال بمكة المكرمة – حرسها الله – فلما اراد فكاكه اخرج البقال اليه سطلين . وقال : خذ ايهما لك . فقال احمد : اشكل على سطلى ، فهو لك والدراهم لك . فقال البقال : سطلك هذا ، وانا اردت ان اختبرك . فقال : لا آخذ ومضى ، وترك السطل تورعا ً


للامانه منقول للفائده


 

رد مع اقتباس
قديم 01-31-2012, 02:51 PM   #9
طبعي الوفاء
عضو ملكي


الصورة الرمزية طبعي الوفاء
طبعي الوفاء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 20
 تاريخ التسجيل :  Apr 2009
 أخر زيارة : 08-08-2016 (09:26 PM)
 المشاركات : 36,426 [ + ]
 التقييم :  24652
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الورع يارجال الصحوة !
د. محمد الدويش | 28/3/1429 هـ









الورع مصطلح من منا لم يسمع عنه؟ ومن منا لم يطرق سمعه؟ إن من يقرأ في سير السلف أو يستمع إلى وصاياهم أو يدرس سيرهم لا بد أن تتكرر هذه الكلمة على سمعه كثيراً، ويرى وهو يقرأ أنه يتحدث عن قضية تاريخية أصبح بيننا وبينها حجراً محجوراً، وحين نقرأ سير السلف وأخبارهم في الورع والزهد والرقائق فإننا قد نحكم على تلك الروايات بالضعف والبطلان، وتارة نتهم من روي عنهم بالمبالغة والتشدد، وأخرى نتهم الراوي بالغلط والخطأ، وقد يكون شيء من ذلك صحيحاً، لكننا نادراً ما نتهم أنفسنا وأنها لم تَرْقُ إلى إدراك هذه المعاني، وأن قلوبنا لم تَصْفُ لترى أن ما عليه أولئك هو الخوف من الله سبحانه وتعالى، وأن ما عليه أولئك هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم والسلف السابقين.

ولقد قدمت رِجْلاً وأخرت أخرى وأنا أريد الحديث حول هذا الموضوع، حتى أني وأنا أعد له وأقرأ عزمت ألا أتحدث عن هذا الموضوع، ليس تقليلاً من شأنه وأهميته، لكن شعور بأنه ينبغي ألاَّ يتحدث عن الورع إلاَّ أهل الورع، وينبغي ألاَّ يتحدث عن الصدق إلا الصادقون الخائفون المخبتون، والمتشبّع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، لكن عزائي أن أقول لكم اسمعوا مقالي وإياكم وحالي، فالقضية أقوال وشذرات من سير سلف الأمة نسعى إلى ربطهما بواقعنا، ونقولها لإخواننا ونحن جميعاً نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الورعين المتقين الصالحين، وإن لم ترق أنفسنا إلى منازلهم فلنتشبه بهم؛ فإن من تشبه بقوم فهو منهم، والتشبه بالكرام فلاح.

الورع معشر الإخوة الكرام مصطلح نبوي شرعي؛ فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا اللفظ فقال  -فيما رواه البيهقي – في وصيته لأبي هريرة رضي الله عنه:"كن ورعاً تكن أعبد الناس، وكن قنعاً تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً، وأَقِلّ الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب".

روى البزار والحاكم والطبراني في الأوسط من حديث حذيفة رضي الله عنه، ورواه الحاكم أيضاً من حديث سعد أنه صلى الله عليه وسلم قال: "فضل العلم أحب إليَّ من فضل العبادة وخير دينكم الورع".

ففي هذه النصوص الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم أطلق صلى الله عليه وسلم فيها هذا اللفظ وهذا المصطلح، فهو إذن مصطلح شرعي نبوي، وإن كان ليس من شروط هذه المصطلحات أن ترد بنصها عن النبي صلى الله عليه وسلم، فما دام المصطلح لا يعارض النصوص الشرعية فلا مشاحة في الاصطلاح.

أما الأدلة له على معنى الورع دون لفظه فهي أدلة كثيرة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومنها الحديث العظيم الجامع الذي جعله جمعٌ من أهل العلم أحد الدعائم التي يقوم عليها الإسلام، وهو حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :"إن الحلال بيّن وإن الحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراعٍ يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه" والحديث مشهور في كتب السنة بروايات عدة، ويحفظه الصغير والكبير، وهو قاعدة في التورع مما يشتبه منه، مع أن معنى الورع -كما سيأتي- يأخذ مدى أكبر من هذا المدى ودائرة أوسع من هذه الدائرة، والتورع عن المشتبهات والبعد عنها ليس إلا باباً من أبواب الورع.

ومن الأدلة في هذا المعنى حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"البر حسن الخلق، والإثم ما حاك صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس" والحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه.

وحين جاء وابصة بن معبد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له صلى الله عليه وسلم : "جئت تسأل عن البر" ، فقال: نعم ، قال له صلى الله عليه وسلم:"استفت قلبك؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك" رواه أحمد والدارمي، وله شاهد عند الإمام أحمد من حديث ثعلبة، وهذا الحديث فيه إيماء وإشارة إلى تلك الحساسية المرهفة التي يملكها عباد الله الصالحون؛ فصارت نفوسهم تطمئن إلى البر وترتاح إليه، وصارت نفوسهم تأنف من المعصية وإن أفتاها الناس وأفتوها، ولا شك أن هذا الحديث مع ما فيه من الدلالة على الأمر بالتورع مما حاك في الصدر وإتيان ما اطمأنت إليه النفس، فهو إشارة إلى حال الصالحين وحال قلوبهم التي ترى بنور الله سبحانه وتعالى؛ فتطمئن هذه القلوب للبر والهدى والتقى والصلاح، وتشعر باشمئزاز ونفور وتردد من الإثم وأسبابه، ولو أفتاها الناس، وهذا المقياس في مسألة البر والإثم ليس إلا لعباد الله الصادقين، بل لعله أن يكون أمارة نختبر بها قلوبنا؛ فإن كانت تطمئن للبر والصلاح والتقوى وتشمئز من المعصية والسيئة وتنفر منها فهي قلوب صالحة بإذن الله، وإن كانت دون ذلك فهي بحاجة إلى تزكية وإصلاح.

وهو ليس خطاباً للمعرضين الذين علا الران على قلوبهم، فأصبحت نفوسهم مأسورة بهواها وشهواتها، فقلبه ونفسه إنما تطمئن لمعصية الله سبحانه وتعالى وإيذاء عباده المؤمنين المتقنين، بل كم من الناس انقلبت الموازين لديه فأصبحت السيئة حسنة والحسنة سيئة.

إذن فهذا المقياس إنما هو لأولئك الصالحين الذين توجهت قلوبهم لله سبحانه وتعالى فأصبح القلب لا يحب إلا لله ولا يبغض إلا لله سبحانه وتعالى، ولا يتوجه إلا لله، وقبلته إلى الله عز وجل لا يفارقها؛ فكما أنه يستقبل القبلة في صلاته ويقف بين يدي الله عز وجل كل يوم خمس مرات فقلبه إنما قبلته لله لا يمكن أبداً أن يستقر في قلبه محبة غير الله أو التوجه له، أو أن يكون فيه إرادة تخالف أمر الله سبحانه وتعالى وشرعه، لهذا ارتقت هذه النفوس إلى هذا القدر فصارت تطمئن للبر وتشمئز من الإثم؛ فمنحها الله عز وجل هذا النور وهذا الفرقان "يا أيها الذين آمنوا إن تتقو الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ". وفي آية أخرى "ويجعل لكم نورا تمشون به".




 

رد مع اقتباس
قديم 01-31-2012, 02:57 PM   #10
طبعي الوفاء
عضو ملكي


الصورة الرمزية طبعي الوفاء
طبعي الوفاء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 20
 تاريخ التسجيل :  Apr 2009
 أخر زيارة : 08-08-2016 (09:26 PM)
 المشاركات : 36,426 [ + ]
 التقييم :  24652
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



قواعد وضوابط في الورع:

هي قواعد مهمة حول الورع، وأكثرها مما قررها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله فله حديث حول الورع في مجموع الفتاوى في الجزء العاشر وفي الجزء العشرين:


القاعدة الأولى: الورع منه واجب ومنه مستحب:

كثير من الناس حينما يطلق مصطلح الورع ينصرف ذهنه إلى دقائق الورع، والبعد عن المشتبهات؛ فيرى أن الورع ليس ضمن دائرة الواجبات إنما هو مقام للخاصة والصالحين، وليس واجباً على أحاد الناس.

قال شيخ الإسلام:" فأما الورع المشروع المستحب الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم فهو اتقاء ما يخاف أن يكون سبباً للذم والعذاب عند عدم المعارض الراجح، ويدخل في ذلك أداء الواجبات والمشتبهات التي تشبه الواجب، وترك المحرمات والمشتبهات التي تشبه الحرام، وإن أدخلت فيه المكروهات قلت: يخاف أن تكون سبباً للنقص والعذاب، وأما الورع الواجب فهو اتقاء ما يكون سبباً للذم والعذاب، وهو فعل الواجب وترك المحرم، والفرق بينهما (أي بين الورع الواجب والمستحب) فيما اشتبه أمِن الواجب أم ليس منه؟ وما اشتبه تحريمه أمن المحرم أم ليس منه" ؟

القاعدة الثانية: أن ما لا ريب في حله ليس فيه ورع بل الورع فيه من التنطع:

قال رحمه الله:"وأمَّا ما لاريب في حله فليس تركه من الورع، وما لا ريب في سقوطه فليس فعله من الورع".

القاعدة الثالثة: لا ورع عند وجود المعارض الراجح:

قال رحمه الله:"وقولي عند عدم المعارض الراجح فإنه قد لا يترك الحرام البين أو المشتبه إلا عند ترك ما هو حسنة، موقعها في الشريعة أعظم من ترك تلك السيئة، مثل أن يترك الائتمام بالإمام الفاسق؛ فيترك الجمعة والجماعة والحج والغزو، وكذلك قد لا يؤدي الواجب أو المشتبه إلا بفعل سيئة أعظم إثماً من تركه، مثل من لا يمكنه أداء الواجبات من الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر لذوي السلطان إلا بقتال فيه من الفساد أعظم من فساد ظلمه".


رابعاً: الورع يكون في الفعل كما هو في الترك:

وذلك أن البعض من الناس يعتقد أن الورع يكون في الترك، شيخ الإسلام:"لكن يقع الغلط في الورع من ثلاث جهات: أحدها اعتقاد كثير من الناس أنه من باب الترك فلا يرون الورع إلا في ترك الحرام لا في أداء الواجب، وهذا يُبتلى به كثيرٌ من المتدنيين المتورعة ترى أحدهم يتورع عن الكلمة الكاذبة وعن الدرهم فيه شبهة لكونه من مال ظالم أو معاملة فاسدة، ويتورع عن الركون إلى الظلمة من أجل البدع في الدين وذوي الفجور في الدنيا، ومع هذا يترك أموراً واجبة عليه إما عيناً وإما كفاية وقد تعيَّنت عليه من صلة رحم وحق جار ومسكين وصاحب ويتيم وابن سبيل وحق مسلم وذي سلطان وذي علم، وعن أمر بمعروف ونهي عن منكر وعن الجهاد في سبيل الله إلى غير ذلك مما فيه نفع للخلق في دينهم ودنياهم مما وجب عليه، أو يفعل ذلك لا على وجه العبادة لله تعالى بل من جهة التكليف ونحو ذلك".

القاعدة الخامسة: أن الورع إنما هو بأدلة الكتاب والسنة:

قال رحمه الله:"الجهة الثانية من الاعتقاد الفاسد: أنه إذا فعل الواجب والمشتبه وترك المحرم والمشتبه، فينبغي أن يكون اعتقاد الوجوب والتحريم بأدلة الكتاب والسنة وبالعلم لا بالهوى، وإلا فكثير من الناس تنفر نفسه عن أشياء لعادة ونحوها، فيكون ذلك مما يقوي تحريمها واشتباهها عنده، ويكون بعضهم في أوهام وظنون كاذبة فتكون تلك الظنون مبناها على الورع الفاسد فيكون صاحبه ممن قال الله تعالى فيه: إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس …..ومن هذا الباب الورع الذي ذمه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: لما ترخص في أشياء فبلغه أن أقوام يتنزهون عنها. فقال: ما بال أقوام يتنزهون عن أشياء أترخص فيها؟ والله إني لأرجو أن أكون أعلمهم بالله وأخشاهم، وفي رواية أخشاهم وأعلمهم بحدودهم له وكذلك حديث صاحب القُبلة، ولهذا يحتاج المتدين المتورع إلى علم كثير بالكتاب والسنة والفقه في الدين، وإلاَّ فقد يفسد تورعه الفاسد أكثر مما يصلحه، كما فعله الكفار وأهل البدع من الخوارج والروافض وغيرهم".

القاعدة السادسة: الورع لا يكون إلا بالإخلاص:

قد تأتي الإنسان اعتبارات تدفع إلى الورع، فقد يكون له مقام واعتبار ويرى أنه مما ينبغي أن لا يليق بأمثاله أمام الناس، فيكون دافعه إلى ذلك مُراءاة الناس، وقد يكون دافعه حظ النفس أو هوى النفس، أو غيرها من الأمور؛ فالورع مثل سائر الأعمال الصالحة التي يتقرب فيها الإنسان إلى الله عز وجل لابد فيها من الإخلاص، قال شيخ الإسلام:"واعلم أن الورع لا ينفع صاحبه ويكون ثواب إلا بفعل المأمور به من الإخلاص".

القاعدة السابعة: التدقيق في مسائل الورع للخاصة وليس لآحاد الناس:

قال الحافظ ابن رجب: "وههنا أمرٌ ينبغي التفطن له وهو أن التدقيق في التوقف عن الشبهات إنما يصلح لمن استقامت أحواله كلها وتشابهت أعماله في التقوى والورع، فأما من يقع في انتهاك المحرمات الظاهرة ثم يريد أن يتورع عن شيء من دقائق الشبه فإنه لا يحتمل له ذلك، بل ينكر عليه وهذا حال بعض المتكلفين المرائين يسلك هذا المسلك كما قال ابن عمر لمن سأله عن دم البعوض من أهل العراق يسألونني عن دم البعوض وقد قتلوا الحسين وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"هما ريحانتاي في الدنيا"…. ونقل بعض النقول عن بعض السلف هي أمثلة عن هذا النوع من ذلك …ثم قال :وسأل بشر بن الحارث عن رجل له زوجة وأمه تأمره بطلاقها، فقال: إن كان بر أمه في كل شيء ولم يبق من برها إلا طلاق زوجته فيفعل، وإن كان يبرها بطلاق زوجته ثم يقوم بعد ذلك إلى أمه فيضربها فلا يفعل، وسُئِل الإمام أحمد رحمه الله عن رجل يشتري بقلاً ويشترط الخوصة -يعني التي يربط بها جزرة النقل- فقال أحمد :إيش هذه المسائل، قيل له إنه: إبراهيم بن أبي نعيم، قال: إن كان إبراهيم بن أبي نعيم فنعم، هذا يشبه ذلك، وإنما أنكر أحمد هذه المسائل ممن لا يشبه حاله وأما أهل التدقيق في الورع فيشبه حالهم هذا، وقد كان الإمام أحمد نفسه يستعمل في نفسه هذا الورع فإنه أمر من يشتري له سمنا فجاء به على ورقة فأمر برد الورقة إلى البائع، وكان أحمد لا يستمد من محابر أصحابه وإنما يخرج منه محبرة يستمد منها، واستأذنه رجل أن يكتب من محبرته فقال:أكتب فهذا ورع مظلم، واستأذنه آخر في ذلك فتبسم وقال: لم يبلغ ورعي ولا ورعك هذا، وهذا قاله على وجه التواضع، وإلاَّ فهو كان في نفسه يستعمل هذا الورع، وكان ينكره على من لم يصل إلى هذا المقام بل يتسامح في المكروهات الظاهرة ويقدم على الشبهات من غير توقف".

وهذا الأمر مهم أن نعيه ونحن نقرأ ، ووردت بعض الروايات عن السلف في ورعهم حتى لا نقع في هذا الغلط الذي له آثار سلبية على نفوسنا؛ فنحن أحوج ما نكون إلى الورع الواجب، وأحوج ما نكون إلى اجتناب المحرمات الظاهرة الواضحة، وأحوج ما نكون إلى إصلاح قلوبنا، فإذا انشغلنا بهذه الدقائق تركت آثاراً على أنفسنا، منها أن تشعر أنفسنا بالزهو واحتقار الآخرين وأن الناس لا يتورعون، ومنها أن تنشغل النفس عما هي أولى به من إصلاح القلب والورع الواجب.


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
(الـــــورع), 9للشيخ, د/احمدالمنصوري, جمله

       

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
       

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
(داء... العجب) حمله 5للشيخ د/احمدالمنصوري عبدالرحمن سالم المنتدى الإسلامي 19 08-06-2012 02:33 AM
(العلماء..والدعاة) حمله 8 للشيخ د/احمدالمنصوري نصـــ الوفاءــــــر المنتدى الإسلامي 12 08-06-2012 02:32 AM
( صنائع المعروف )حمله 10 للشيخ د/احمدالمنصوري طبعي الوفاء المنتدى الإسلامي 34 08-06-2012 02:32 AM
الدروس المستفاده من حملات اجتياز الحواجز 2 للشيخ احمدالمنصوري ..متجدد عاشقة نصر المنتدى الإسلامي 5 12-26-2011 08:02 PM
حمله مدرجنا ابيض نصراوي العيون صــوت الــجــمــاهــيــر الــنــصــراويـــه 4 09-17-2010 08:38 PM

 

 

ادارة المنتدى غير مسؤوله عن التعامل بين اﻻعضاء وجميع الردود والمواضيع تعبر عن رأي صاحبها فقط

 

 


الساعة الآن 12:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd


F.T.G.Y 3.0 BY:
D-sAb.NeT © 2011

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas
This site is safe