في فترة من الزمن أُعجب أحد الأشخاص بفتاة جميلة وشغف بحبها وأراد أن يتزوجها فتقدم إلى أهلها ولكنهم رفضوا تزويجه لوجود أبناء عمومتها حيث كانت عادة الحجر موجودة , وكرر محاولاته للزواج منها ولكن في كل مرة يقابل طلبه بالرفض رغم تدخل البعض لمساعدته , وكان ذلك الرجل من خارج القبيلة التي تنتمي إليها الفتاة وليس من أهل المنطقة , والأرجح أنه من أهل نجد ولذا عزم الرجل على الرحيل من تلك الديار ومرت الأيام والسنون عليه والتي قاربت الأربعين من بعد خروجه , وبعد تلك الفترة كان الرجل في رحلة عبر الصحراء ورأى بيتا من الشعَر وأراد الذهاب إليه وكان وقت هاجرة شديد الحرارة , وعندما وصل البيت نادى على أهله فردت عليه امرأة كبيرة في السن وكعادة العرب وأهل البادية رحبت به وطلبت منه المكوث في مجلس الرجال دون أن تبدي له هيئتها ولكن صوت تلك المرأة ذكره بصاحبته التي مرت السنوات على فراقها , وكانت تلك المرأة قد طلبت من صبي صغير لديها الجلوس مع الضيف ثم بعد فترة طلبت من الصبي بعد أن مدت يدها من المحرم أن يأخذ القهوة للضيف , وفي هذه اللحظة شك الرجل في أن تلك المرأة هي صاحبته التي عرفها قبل فترة من الزمن وهنا عزم على اختبارها ليتحقق من الأمر فقال بيتا من الشعر رافعا صوته لتسمعه فقال :
يا صاحبي عطني من الود ريشة
هديِةٍ يسخي بها راعـي المـال
من شي لا ينفع ولا منه عيشه
فاللي مثيلي ينفعه لو بعَض حال
وكان الرجل يجزم أنها لو كانت صاحبته سترد على أبياته التي قالها , وهو يعلم أنها تجيد الشعر لذلك جاء ظنه في محله فبعد أن سمعت الأبيات عرفت الرجل وردت عليه بالأبيات التالية :
يا صاحبي ما ارضى لكم بالغشيشة
ونبدي لك الدلة ولا قبلهـا فـال
وأهل النخل عيّوا على تمر بيشة
واثنين ما يقدّم لهـم زاد رجّـال
وبعد أن سمع الرد عرف أنها صاحبته التي أراد الزواج منها ولكن الأقدار قد فرقت بينهما وبعد أن شرب القهوة واصل طريق رحلته