عرف المسلمون الحفر الأثرى منذ عهد الرسول " صلي الله عليه وسلم " وذلك عندما حفروا قبر " أبي رغال " وهوأبو قبيلة ثقيف واستخرجوا منه عموداً من الذهب أنبأهم الرسول صلي الله عليه وسلم أنه مدفون معه.
و قد سمي أهل مصر الدفائن والكنوز " المطالب " ولما كان لمصر أخبار عجيبة من الدفائن والبنيان وما يوجد في الدفائن من ذخائر الملوك التي استودعوها الأرض هم وغيرهم من الأمم ممن سكن تلك الأرض تحول الحفر الأثري إلي عمل متخصص له أهله الذين أصبحوا يسمون " أهل الدفائن والمطالب " أو " المطالبية " ، واتخذوا لعملهم هذا عدته سواء من الكتب التي تذكر وتحدد المواقع الأثرية مثل كتاب " حل الرموز وفتح أقفال الكنوز " لأبي القاسم أحمد بن محمد العراقي أو أدوات الحفر من المعاول والمساحي.
وقد حظيت الحفائر الأثرية بالتشجيع والعون المادي من حكام مصر سعياً وراء كنوز القدماء، فكانوا يعملون علي إعانة القائمين بالحفائر بالرجال والنفقات ، و من هؤلاء الحكام عبد العزيز بن مروان والي مصر من قبل أخيه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان والخليفة العباسي عبد الله المأمون ، والذي أنفق أموالاً عظيمة من أجل فتح ثلمة في الهرم وأحمد بن طولون الذي عثر علي كنز الحوض المرصود الذي أنفقه في بناء جامعه الشهير و قد استهواه البحث عن كنوز مصرفطلب رجلاً مصرياً " قبطياً " علامة بمصر وأرضها من برها وبحرها وأخبارها وأخبار ملوكها وأخلي له نفسه في ليال وأيام كثيرة يسمع كلامه و إجاباته عما يسأل عنه ، والحق أن أحمد بن طولون لم يكتف فقط بإعانة " المطالبيين " بالرجال والنفقات إنما أخضع الحفائر لإشراف الدولة ، فقد روي المؤرخ المقريزي أن أحمد بن طولون ركب يوماً إلي الأهرام فأتاه الحجاب بقوم عليهم ثياب صوف ومعهم المساحي والمعاول فسألهم عما يعملون فقالوا نحن قوم نطلب المطالب فقال لهم لا تخرجوا بعدها ألا بمشورتي أو رجل من قبلي . وشجع محمد بن طفج الإخشيد أيضا الحفائر وعندما علم بوجود مطلب ( كنز ) عظيم علي بعد أذرع بسيرة من بعض الأهرام أمر " المطالبية " بحفره وأباحهم استعمال الحيلة في إخراجه ، وكان ذلك في سنة 328 ﻫ ، وقد أسفر الحفر عن كشف مقبرة مصرية قديمة.
و قد توارث المصريون الولع بالبحث عن الكنوز واحترف المغاربة فتح الكنوز في مصر, وحتي في هذه الأيام نجد من يراود خياله العثور علي كنز مما ساعد علي انتشار خرافة " الزئبق الأحمر " الذي لا غني عنه لفتح الكنوز.