لعل اهم الاحداث في تاريخ الحياة على الارض ، هي ظاهرة الانقراض المفاجىء لانواع عديدة من الزواحف واللافقاريات البحرية والنباتات الاولية في اواخر العصر الكريتاسي من الزمن الثاني.
ففي نهاية العصر الكريتاسي – منذ حوالي 65 مليون سنه مضت – كانت تعيش 15 عائلة من الديناصورات ، لتنقرض جميعها في نهاية هذا العصر ، حيث لم يعثر في صخور عصر الايوسين من الزمن الثالث على أي اثر لهياكل الديناصورات ولم تذهب الديناصورات وحدها ضحية الانقراض بل شمل انواعا اخرى من الاحياء.
ولقد تعدد النظريات في تفسير ظاهرة الانقراض المفاجئة تلك. غير انه في العام 1979 جذبت ظاهرة هامه انتباه العلماء مؤدية بهم الى صياغه نظرية مختلفة كل الاختلاف عن النظريات الاخرى التي وضعت. فقد تم اكتشاف طبقة من الطين بسماكة 2 سم تقريبا في منطقة " غوبيو " بجبال الابنين بايطاليا ، تفصل بين طبقة سفلى من الحجر الكلسي البحري العائدة للعصر الكريتاسي والتي تحتوي على حفريات احيائية ، وطبقة اعلى من طبقة الطين وهي ايضا كلسية لكنها لاتحتوي على اية حفريات من العصر الكريتاسي ، ذلك ان حفرياتها مختلة فهي حفريات من الزمن الثاني. فطبقة الطين المحدودة السماكة تمثل انقطاعا مفاجئا لسلسة الحياة التي كانت سائدة في العصر الكريتاسي. وما لفت نظر العلماء هو وجود معدن " الايرديوم " بنسبة كبيرة في طبقة الطين لانه من المعروف ان هذا المعدن نادرا ما يتواجد في صخور القشرة الارضية ، لكنه معدن سائد في النيازك ولشهب والمذنبات. ولقد تاكد العلماء من ان نسبة وجود " الارجديوم " في طبقة طين غوبيو تماثل نسبة وجودة في النيازك والشهب والمذنبات.
وفي عام 1980 تم اكتشاف طبقات اخرى من الطين المماثلة لطبقة طين غوبيو ، في كل من الدنمارك واسبانيا ونيوزيلنده ، واقد اجزم علماء الجيولوجيا بان هذه الترسبات هي ترسبات غير ارضية وترسبها تم بشكل مفاجىء . ولقد تساءل العلماء عن مصدر المواد المترسبة : هل هي من داخل النظام الشمسي ؟ ام من خارجة ؟ وكيف انتقلت الى سطح الارض؟
لقد فسر العلماء طريقة وصول الرواسب الى الارض ، بانه اثر الانفجارات العنيفة في نهاية عصر الكريتاسي حدث اندفاع كميات هائلة من اشعة غاما التي استطاعت ان تجرف معها الدقائق الصلبة من الفضاء لترسبها على سطح الارض واستنتج بعض الجيولوجين ان هذه الانفجارات حدثت على بعد 1000 سنه ضوئية عن المجموعه الشمسية ، وان المذنبات الضخمة التي انفصلت نتيجة الانفجار تناثرت عند اقترابها من سطح الار بفعل القوى الجاذبة ، ممطرة الارض بحطامها دون ان تترك على سطحا اية فوهات. ويقول الجيولوجيون ان اصطدام مذنب كبير واحد بالارض مثل ما حدث في اواخر العصر الكريتاسي يمكن ان ينشر على سطحها موجات بامكانها ان تقضي على كافة الحيوانات والنباتات الضخمة التي تستوطن الارض واذا ما سقط هذا المذنبفي المحيط فابمكانه ان يسبب مدا يرفع من مستوى سح البحر حوالي 8 كيلومترا .
وهذا الاصطدام لم يتسبب فقط في انقراض الاحياء الكبيرة بل تسبب ايضا في امتلاء جو الارض بدقائق الغبار مما ادى الى نقص كبير في شفافية الجو وحجب اشعة الشمس عن الارض بالشكل الذي تحتاجة النباتات في عملية التمثيل الضوئي مما نجم عنه انقراض الكثير منها. ولم تنج من الانقراض حتى الحيوانات البحرية الدقيقة، كالرخويات وخاصة منها الراسقدميات وعائلات الحيوانات البحرية التي كتب لها ان تنجو من الانقراض فقد الكثير من انواعها. وبشكل عان بينت دراسة الحفريات ( المستحثات " ان 75% من الحيوانات والنباتات التي كانت تستوطن الارض في نهاية العصر الكريتاسي قد انقرضت بفعل ذلك الهجوم الكوني العنيف.
--------------
الجمعية الفلكية بجدة