|
التميز خلال 24 ساعة | |||
العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم | الموضوع النشط هذا اليوم | المشرف المميزلهذا اليوم | |
مايكروسيستم |
ملخص مباراة النصر 3 - 0 العروبة | دوري روشن السعودي
بقلم : صقرالخالدي |
صقرالخالدي |
|
|
|
|
|
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
قراءة في كتاب "على درب الأندلس" للدكتور سميح مسعود
قراءة في كتاب "على درب الأندلس" للدكتور سميح مسعود، بقلم الناقد د. عبد المجيد جابر اطميزة
صدور الكتاب: تم اليوم حفل توقيع كتاب على دروب الأندلس للأديب د.سميح مسعود في معرض عمان الدولي للكتاب 2018 جناح الآن ناشرون وموزعون E7 عنوان الكتاب: عنوان الكتاب"على درب الأندلس" فالعنوانُ يتشكّلُ من جملة اسمية مكونة من شبه جملة في محل رفع خبر "على درب" و"درب" مضاف، و"الأندلس" مضاف إليه. ، والخبر مبتدؤه محذوف تقديره "هذا"، ففي العنوان انزياح بالحذف يثير لهفة المتلقي ويغرس في روعه الإثارة..... وقد نجح الراوي في اختياره للعنوان، واستطاع أن يربط ربطا موفقا بين عنوانه ومحتواه، والعنوان "نظام دلاليٌّ رامز له بنيته السطحية، ومستواه العميق مثله مثل النّص تمامًا، من حيث إنّه حمولة مكثفة من الإشارات والشيفرات التي إن اكتشفها القارئ وجدها تطغى على النّص كله، فيكون العنوان مع صغر حجمه نّصًا موازيا (Paratexte)، ونوعا من أنواع التعالي النّصي (Transtextualité)، الذي يحدد مسار القراءة التٌي يمكن لها أن "تبدأ من الرؤية الأولى للكتاب"(1) و"يمثل العنوان العبارة المفتاحية للنص، مهما كان النوع الأدبي، سواء كان قصة أو شعراً أو رواية أو مقالة، فالعنوان هو أول ما يفاجئ القارئ، وعليه فإما أن يجذب القارئ أو يبعده، أو يبقيه على الحياد مع نص قد يكون غنياً أو عادياً، إضافة لما في العنوان من دلالات معرفية ذات أبعاد مختلفة الأطياف، تكشف عن ثقافة صاحب النص، وغوصه في المكنون الفكري الذي يستلهمه أو يعيشه أو ينتظره، من الماضي والمعاش إلى الحالة المستقبلية، لذا أولى النقاد مسألة العنوان أهمية كبرى، وكانت له مكانته في الدراسات النقدية النصية.(2) ولقد نجح المؤلف في اختياره لعنوان كتابه، فهو معبِّر تماما عن محتواه، فلقد زار المؤلف الأندلس والكثير من المدن الأندلسية التي تعبق بتاريخ زاهر وحضارة أصيلة، ووصفها ووصف ما خلّفه العرب فيها، ووصف أفكار المستعربين الأسبان وقابل الكثير منهم، وسجَّل أفكارهم التي تجود بإعجابهم بتلك الحضارة وتبين لحفظهم للجميل من علماء عرب ساهموا في بناء تلك الحضارة، ومكافأتهم بنصب تذكارية أو غيرها. وتحدث عنها بأسلوب أدبي شيق على طريقة الرحّالة، وركز على مدن: اشبيلية ومدريد وملقا وجزيرة طريف وغيرها من المدن التي تحوي حضارة الأندلس. الإهداء جاء في صفحة الإهداء: إلى ذكرى نجاتي صدقي وعلي عبد الخالق، من مناضلي فلسطين، اللذيْن حاربا في ساحة القتال، مع الجمهوريين ضد الفاشية، أثناء الحرب الأهلية الإسبانية. وكان المؤلف على طريقة في نهجه هذا موفقاَ و"يرفق كثير من الكتاب والشعراء والمبدعين نصوصهم الإبداعية بذكر الإهداء، باعتباره نصا موازيا للعمل الأدبي، يقدم النص، ويعلنه، ويؤطر المعنى، ويوجهه سلفا"(3) "بيد أن الشعرية الحديثة (Poétique)أعادت الاعتبار لكل المصاحبات النصية أو العتبات المحيطة بالنص التي تشكل ما يسمى بالنص الموازي. وأصبح من الضروري، قبل الدخول في النص، الوقوف عند عتباته، ومساءلتها بشكل عميق ودقيق قصد تحديد بنياتها، واستقراء دلالاتها، ورصد أبعادها الوظيفية. لأن الشكل مهما كان عتبة، أو تعبيرا، أو صياغة، أو مادة مطبعية، يحمل دلالات معينة، يقصدها المبدع أو لا يقصدها. وتؤخذ هذه الدلالات الشكلية بعين الاعتبار في قراءة النص الإبداعي وتأويله تشريحا وتركيبا. (4) فالكاتب يهدى كتابه إلى شخصيتين فلسطينيتين بارزتين: ذكرى نجاتي صدقي وعلي عبد الخالق، والشخصيتان حاربتا مع الجمهوريين الأسبان ضد الفاشية الاسبانية، وقامتا بدور كبير في تلك الحرب، واستشهدتا على ثرى الأندلس، والكاتب بإهدائه الكتاب لهما يريد أن يقوي متانة جسر ثقافي ويغذي زاد ترابط متين ما بين كل من الفلسطينيين والعرب من جهة، وما بين الأسبان من جهة أخرى، ويريد التركيز على التآخي والوئام ما بين الحاضر والماضي في التاريخ الاسباني بدلا من التنافر والخصام، وقد نجح في ذلك. ويروي الرحالة الكاتب لمستعربين وأناس أسبان التقى بهم في رحلته عن اشتراك هاتين الشخصيتين في الحرب مع الجمهوريين الأسبان ضد الفاشية ويتردد الحديث في كثير من مواضع الكتاب، فيقول مخاطبا سانتياغو وساندرا: "فالتقط سانتياغو طرف الحديث، وبين في تواصل سردي عن نشاطه واهتماماته بكل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني، تعرفتُ من أحاديثه على دلالات كثيرة عن نضاله، كناشط قادر على إيصال صوته إلى الكثير من المحافل الإسبانية والأوروبية، معبراً عن أرائه التي تندرج تحت لواء الأخوة الإنسانية. تحدث عن بداية تواصله مع "بيت الشرق" في القدس، وعن زيارة له للضفة الغربية برفقة أعضاء عشرة اتحادات عمالية نقابية أوروبية، للإطلاع على معاناة الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال منذ سنوات طويلة، كما تحدث عن مقالات كثيرة ينشرها بين الحين والآخر، يُسلط فيها الضوء بموضوعية على مستجدات القضية الفلسطينية، بمضامينها المحلية والإقليمية والدولية، وما يجري حولها على أرض الواقع . وفي لحظة التمعت عيناهُ، وسألني مستوضحاً:" هل سمعت بالمناضل الفلسطيني نجاتي صدقي.؟" أومأت برأسي إيجاباً، وتحدثت عن مذكراته التي حققها صديقي الشاعر الفلسطيني حنا أبو حنا، وعن نشاطه الوطني، وتنوع مواهبه في مجال الصحافة والأدب والترجمة. التفت إلي "سانتياغو"، وقال:"تقدره الحركة اليسارية الإسبانية، لنشاطه المميز إبان الحرب الأهلية، فقد كلفته " الكومنترن" أن يلتحق بالجمهوريين، للمشاركة في جهود الدعاية باللغة العربية ضد الفاشية، وقد أبلى بلاءً حسناً في هذا المجال، فقد كان مسؤولا عن تحرير النشرات الموجهة للجنود المغاربة المحاربين مع فرانكو." أسعدني حديثه عن عمق العلاقة الإسبانية الفلسطينية، المنقوشة في أغوار التاريخ، وعلقت قائلاً:" قرأت في مذكرات نجاتي صدقي بأنه كان يشارك في ساحات القتال لمخاطبة الجنود، وأنه كان من المفترض أن ينشأ في الجزائر إذاعة ناطقة باسم الجمهورية الإسبانية، لتبث في دول المغرب العربي، إلا أن أسباباً فنية حالت دون ذلك." ...فوجئت أنه لم يسمع بالمناضل "علي" وليست لديه أدنى معرفة بعشرة مناضلين فلسطينيين آخرين، خمسة من العرب، وخمسة من أرمن القدس، حاربوا مع الجمهوريين ضد الفاشية، ومنهم من لفظ أنفاسه الأخيرة وفارق الحياة في أرض إسبانيا البعيدة. وعدني "سانتياغو" أن يبحث عنهم في سجلات الحرب الأهلية، وأن يطالب بنوع من التكريم لهم، ليعرف الأسبان أن شباباً من أبناء فلسطين، قادتهم مبادئهم الأممية، في ثلاثينات القرن الماضي، للتطوع والدفاع عن شرف الإنسانية. (ينظر:درب الأندلس، سميح مسعود ص 155-156) ويتكرر ذكر اسم هذين المناضلين في الكتاب في أكثر من موضع، فعندما التقى المؤلف في اشبيلية ب"رودولفو بريمو" وهو طالب يحضر لنيل درجة الدكتوراه بالأدب العربي في الجامعة المستقلة في مدريد، جرى حديث مطول ذُكر فيه اسم هذين المناضلين. فعبارات الإهداء تدل على فحوى الكتاب وقد نجح الكاتب في توصيل رسالته للمتلقي من خلاله بتقديم النص، واستطاع أن يعلنه، ويؤطر المعنى، ويوجهه سلفاً. (ينظر ص 237) الجنس الأدبي للكتاب: يندرج هذا الكتاب تحت صنف أدب الرحلات. ويصف المستعرب خوسيه ميغيل بويرتا/جامعة غرناطة الكتاب بقوله: "يرتبط هذا العمل الأدبي ارتباطاً وثيقا بأدب الرحلات، إنه محصلة زيارات قام بها مؤلفه لمدن أندلسية، التقى فيها بعدد من المستعربين الأسبان، وبعرب يقيمون في إسبانيا منذ سنوات طويلة، نقل عنهم صوراً حية عن الحضارة الأندلسية، باعتبارها تراثاً إنسانياً، أبرزها جنبا إلى جنب، مع معلومات أخرى ثرية، تشكل إطارا دقيقا للمدن التي زارها، بما فيها من مآثر تراثية قديمة وحديثة، ونصب تذكارية أقامتها إسبانيا لتخليد ذكرى مشاهير الأندلس، من أهل العلم والفكر والأدب . إنه عمل كثير التفاصيل والوصف الدقيق وفق أسلوب أدبي شيق، يروي الحقائق بطريقة ممتعة وشاملة تسترعي الأنظار، لا بد أن يقرأه كل من له اهتمام بالحضارة الأندلسية، وبرؤية الأسبان عن ماضي بلاده العربي." (ينظر ص 3) مفهوم الرحلة: مفهوم أدب الرحلة: هو فن التعبير عن مشاعر تختلج في نفس الأديب المسافر عبر الآفاق تجاه كل ما يراه ويعايشه ويقرأه عن ملامح بلد أجنبي بعادات، وتقاليد سكانه، وخلفيته السياسية والثقافية والاجتماعية وأحداث يعايشها الأديب ومواقف تأثر بها، وهموم عانى منها في ذلك البلد الأجنبي طالت أم قصرت مدة إقامته فيها، والتعبير عن كل ذلك بأسلوب أدبي شائق، يغري القارئ بمواصلة القراءة من أول لآخر سطر، دون ملل أو كلل. (5) وأدب الرحلة "تشكيل لنص ذاتي/ شخصي، بخصوص الأنا والآخر، متكيفا في شكل معين، للتعبير عن رؤية معينة، انطلاقا من خطاب مفصح عنه في البداية ، أو مضمر في تضاعيف السرد والوصف والتعليقات" ( 6). أسباب القيام بالرحلة وأهدافها كان الرحالة المؤلف د. سميح مسعود مغرما بالمطالعة الخارجية، فقام وهو في الصف السادس الابتدائي باستعارة كتاب"فتح الأندلس" من مدرسته، وأثناء قراءته لكتاب "فتح الأندلس، تسارعت دقات قلبه عندما علم أنه من بين الذين تم اختيارهم؛ للقيام بأحد الأدوار الرئيسة في المسرحية الجديدة ،التي تدور في أحداثها حول "فلورندا" ابنة الكونت يوليان حاكم سبتة، وتسلم الأوراق الخاصة بتفاصيل دوره في المسرحية، وهو دور محوري يتعلق بتقمص شخصية ولي العهد ألفونس، كما تسلمت أيضا الفحوى العام للمسرحية وتفاصيل بقية الأدوار، وتبدّى له أن أبرز الأماكن التي تم انتقاؤها للمسرحية طليطلة عاصمة مملكة القوط، ونجح الممثلون في أدوارهم (ينظر: ص 6-7) فالكاتب مغرم بالأندلس وتاريخها وحضارتها ومآثرها ولحبه وشغفه يكتب مقالة عنها: " ذات يوم لم يكن شعوري عادياً، كنت أحس كما لو أنني في بلاد الأندلس البعيدة، كان الليل يمضي ببطء بينما كنت أجلس ناثرا أوراقي أمامي، وفي لحظة حملت قلمي وأخذت أكتب مقالة بعنوان "أيام في قرطبة مدينة العشق والشعر والجمال" إنها أول مرة أكتب بها عن مدينة أندلسية، انتزعت حروفي عنها من معلومات اختزنتها من خوابي ذاكرتي، ومن صور لها آسرة استحوذت علىّ من الكتب التي قرأتها في ماضي أيامي. استحضرت في مقالتي بعض أطياف قرطبة من زمن آخر، شحنات أحداث من قديم ماضيها، طاردت على إيقاعها نتف أحداث لأناس من العلماء والشعراء والأدباء الذين كانوا يعيشون في قرطبة عندما كانت مركزاً للعلم والثقافة والفنون والآداب، في وقت كانت فيه أوروبا غارقة في أعماق الجهل والتأخر، كتبت عن تمجيد قرطبة في الزمن الراهن لرموز تاريخية من رموز الحضارة الأندلسية بإقامة تماثيل لهم منصوبة في نواصي شوارعها وساحاتها العامة، منها تماثيل خاصة بابن رشد وابن حزم ومحمد الغافقي وموسى ابن ميمون. بيّنت أن رموز الحضارة الأندلسية، انتموا إلى كل فئات المجتمع الأندلسي، حافظوا على انتماءاتهم الدينية والقومية، وعملوا معا في محيط رحب، يخيم عليه التسامح والتعاطف والعيش المشترك، تمكن فيه العرب والأسبان والبربر واليهود، من تثبيت دعائم حضارة إنسانية راقية، أثرت على الدول الأوروبية المجاورة لإسبانيا،وساهمت في تكوين أسس نهضة تلك الدول في مجالات الفكر والفلسفة والعلم والأدب الحديث. نشرت مقالتي في صحيفة المستقبل الاغترابية، التي كانت تصدر في مدينة مونتريال، وفرحت كثيراً لنشرها، وبناء على إلحاح أصدقائي للتعرف على سبب اهتمامي بقرطبة، بينت لهم أن السبب يكمن في رغبة عارمة في إرضاء نوع من الظمأ الشديد للكتابة عن مآثر الأندلس الحضارية، وإرضاء لأستاذي محمد البغدادي، الذي كان يتحدث لطلبته عن تلك المآثر ولا يزال وقع حكاياه في أذني. استكملت وقع تأثير المقالة على قرائي بالمساهمة مع صديقين في تأسيس صالون أدبي في مونتريال باسم "الصالون الثقافي الأندلسي" اعتبر وقت تأسيسه أول تجمع ثقافي عربي في تلك المدينة الكندية، استهدف فتح نافذة صغيرة للجاليات العربية، يمكن من خلالها سبر أغوار الثقافة العربية المعاصرة، والتعريف بالإنجازات الإبداعية الاغترابية بكل عطاءاتها وألوانها، وذلك من خلال إصدار الكتب وعقد الأماسي الثقافية، وتقديم المحاضرات وعقد الحوارات في شتى المجالات الثقافية، بعيداً عن ملابسات الحياة اليومية ومتطلباتها، في إطار محاور ثقافية متنوعة ومنتقاة بدقة، بما يتناسب مع مختلف المشارب والأهواء، ويساعد على توثيق عرى التواصل بين المبدعين في المهجر وأوطانهم الأصلية. في أول أمسية من أماسي الصالون، وقد عقدت في إحدى قاعات شارع سانت كاترين في مونتريال، فوجئت بأحد الحاضرين يسألني بصوت عالٍ:" هل السبب بتسمية الصالون بالأندلسي للتباكي على الفردوس المفقود وزمان الوصل بالأندلسِ؟ وعلق آخرون أيضا بكلمات شبيهة، عبروا بمداخلاتهم عن استغرابهم بتسمية الصالون بالأندلسي، كرروا علامات الاستفهام فترة من الوقت، دون معرفة بحقائق الأمور. (ص 10-11) ويقول المؤلف أيضا: " قربني "الصالون الثقافي الأندلسي" من الأندلس، أخذت أشعر من خلاله بنداء يحثني بين الفينة والفينة للكتابة عنها، والعودة كثيرا إلى الوراء إلى رحاب مدنها القديمة، كانت تنثال الكلمات عنها على أوراقي، بسلسلة متصلة الحلقات، تعكس في ثنايا مكوناتها تركيبات نصية وشعرية منسجمة ومتناغمة، تلامس ترانيم جميلة لموشحات تعلو فيها رنة أوتار تمد خيوطا خفية من الأحاسيس بين الناس والمكان . (ص 15) كلمة شكر: ويقدم المؤلف الرحّال شكره لعدد من المستعربين وبعض العرب القاطنين في اسبانيا ممن قدموا له الدعم والمساندة في خروج هذا السفر بصورته البهية المتكاملة، فيقول: "من أجل تأليف هذا الكتاب، زرت مدة شهر كامل عدة مدن إسبانية، التقيت فيها بعدد من المستعربين الأسبان، ومن أبناء الجالية الفلسطينية، سهل دعمهم لي غير المحدود، من تعريفي على خفايا الحضارة الأندلسية، وأنا عميق الامتنان لهم على ذلك، وأخص بالذكر منهم: البروفيسور بيدرو مارتينث مونتابيث عميد المستعربين الإسبان، والبروفيسور خوسيه ميغيل بويرتا مؤرخ الحلم الأندلسي، والبروفيسورالشاعر محمود صبح، والبرفيسورة كارمن رويث برافو، والرفيقة كريستينا رويث كورتينا، رئيسة جمعية القدس في ملقا، والإعلامي عدنان الأيوبي المترجم السابق للقصر الملكي، والسيدة سلمى التاجي الفاروقي صاحبة البيت الأندلسي في قرطبة، والدكتور محمود خضر العبيد، والدكتور عمر عمرو رئيس الجالية الفلسطينية في إشبيلية. كما منحني أصدقاء تشجيعهم لي أثناء تأليف الكتاب، لا يفوتني أن أقدم جزيل الشكر لهم، وهم: الأستاذ راجي الصوراني رئيس مركز حقوق الإنسان الفلسطيني في غزة، والأستاذ عبد الكريم أبو شنب، والدكتور أيوب أبو دية، والمحامي ربيع حمزة، و القاص جعفر العقيلي مدير عام "الآن ناشرون وموزعون" في عمان." (ص 3) أهمية أدب الرحلة أهمية أدب الرحلة، تكمن في المتعة والطرافة التي تتولد في نفس المتلقي، فهو يمثل قناة الربط وجسر العبور بين الأمم والشعوب، من خلاله يطلع الرحاّلة على حياة البشر وطرائق عيشهم، مسجلا ما لقي من طرائف إكرامهم وغرائب طيشهم. ومن ثمة فهو يطلع الآخرين على الكثير من النكت والأسرار، فالسفر مرآة التجارب والأعاجيب، وهو على الحقيقة مدرسة العلم والحياة التي يتخرج منها الرحالة، وقد اقتبس غزير المعارف والعلوم وتعرف على عديد الأعراق والشعوب. "وفي جميع الأحوال ، يظل أدب الرحلات معبرا عن التنوع الثقافي بين البشر الذي يشمل العادات والتقاليد في الطعام والشراب والتفكير والمعتقدات، والنظم الاجتماعية، وهذا واقع ضمن الدراسات الإثنوجرافية، التي تساعد على فهم مسار الحضارة الإنسانية ، إذ إن التنوع الثقافي يساهم بلا جدال في التغيير والتطور الإنساني في مجمله."(7 ) وفن الرحلة أيضا عون للجغرافي؛ عبر المعاينة المرئية التي يقوم بها الرحّالة وما يصفه بدقة من أحوال البلدان وتضاريسها ومعالمها، وأيضا هي عون للمؤرخ في معرفة الجديد عن تاريخ البلدان والأقاليم، والتثبت مما ورد إليه من معلومات تاريخية، ومثال ذلك وصف المستعرب انطونيو ميناء طريفة وشاطئها للكاتب، ومنه في الكتاب:"وصل أنطونيو في صباح اليوم التالي في الوقت المحدد، تناولنا طعام الإفطار معاً في الفندق، ثم ذهبنا مشياً على الأقدام إلى وسط الجزيرة، تحدثنا في أمور كثيرة، واستمر فترة من الوقت في امتداح محاسن موقع جزيرته في جنوب اسبانيا،على مقربة من التقاء مياه البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، في آخر نقطة في أوروبا على بعد أربعة عشر كيلو متراً من القارة الإفريقية. أكد بزهو، وهو يتحدث عن شاطئها الرملي الفسيح " لوس لانسيس" بأنها استمدت منه شهرتها كأشهر الأماكن في العالم لممارسة رياضة الرياح بكل مجالاتها بما فيها ركوب الأمواج، والإبحار في القوارب الشراعية. كرر في كلامه بأنها لوحة من الجمال رسمتها الطبيعة وأطرتها على ساحل النور" كوستا دي لا لوز" زاوجت فيها بين أمواج البحر الأبيض المتوسط والأرض المحيطة به في سياق تشكيلي ساحر، وجعلت منها منطقة ذات جذب سياحي، مكاناً مشهوراً في العالم لمشاهدة الطيور المهاجرة خاصة اللقالق، التي تعبُر مضيق جبل طارق القريب في فصلي الربيع والخريف من كل عام.. ترتحل إليها من أماكن بعيدة بمجموعات كبيرة، في أجواء طقوس ساحرة....ويصف المؤلف جزيرة طريفة: توقف "أنطونيو" عن الحديث فجأة، واقترح علي أن نتجوَّل في جزيرته كما فعلنا مع صديقنا "علي دويري"قبل أشهر قليلة، وافقت على اقتراحه في الحال؛ لكي أطبع لها في ذاكرتي نسخة أخرى من واقعها الجميل..انطلقنا معاً مشياً على الأقدام، توقفنا بعض الوقت عند بوابة "جيريز" المدخل الرئيس للجزيرة، وهي جزء من سور قديم..بعدها تجولنا في أزقة طريفة وشوارعها الضيقة، عرَّفني على بيوتها البيضاء، وجذبني في أحاديثه تاريخها القديم. بعد فترة وجيزة توجهنا إلى قلعة طريفة الواقعة بالقرب من الميناء، وتُعرف في الوقت الحالي باسم قلعة "غوزمان إيل بونيو" وصلناها ووجدتها معلماً مهماً من الناحيتين التاريخية والتراثية، ويظهر هذا بجلاء من كلمات منقوشة على حجر في واجهتها الأمامية، يحدّد تاريخ إنشائها قبل ما يزيد عن ألف سنة، بهدف حماية مضيق جبل طارق القريب منها، وهو هدف مشتق على نحو صريح ومباشر من واقع أزمنة قديمة، تحفز خيال الزائر على تشكيل قصص مليئة بصخب الحروب. طفت مع أنطونيو حول القلعة، ومن جهته لفت نظري بأنَّ شكلها المعماري العام شبه منحرف، يحيط به ما يقرب من خمسة عشر برجاً مستطيلاً، ويحيط بها سور من كل الجهات، يطل أحد أطرافه على البحر، فيه مدخلان، أحدهما في الواجهة الغربية، والآخر في الجهة الشرقية، يوصل القلعة بالمدينة. (ص 62-63) وأدب الرحلة يستنطق قلوب أهل المناطق التي يزورها الرحّالة، ومن أمثلة ذلك ما يكنٌّه المستعرب خوان غويتيسولو لفلسطين وللعرب، ففي لقاء الكاتب مع ايزابيلا في المغرب يدور حديث بينه وبينها وصديقه علي المغربي: "علقت"إيزابيلا" معتبرة أن أهم ما توصل إليه خوان في لغته الخاصة البعيدة عن التعصب، هو فضحه النفاق الغربي، وانخراطه في مجرى إنساني عميق،انتقد فيه إصرار الأسبان على إنكار الدور المحوري للحضارة الأندلسية في صياغة الجوانب الحضارية لإسبانيا، ودافع بشدة عن المورسكيين، واعتبر طردهم من شبه الجزيرة الإيبرية فصلاً من الفصول السوداء في التاريخ الإسباني. (ص 48) والرحلة تزخر بالمعارف والثقافة والاستكشاف، ففي مقابلة الرحالة د سميح للمستعرب الاسباني خوسيه ننقل بعض ما دار بينهما من حوار: فيسأل د. سميح المستعرب خوسيه عن عدد المفردات العربية المستخدمة في اللغة الإسبانية. فيجيبه خوسيه:" لا يوجد رقم متفق عليه من قبل المعنيين، منهم من يقدِّر عدد المفردات العربية المستخدمة في اللغة الإسبانية بأربعة آلاف كلمة، ويقدر آخرون أنها لا تبلغ نصف هذا الرقم، والأهم في رأيي ما توصل إليه الباحث اللغوي رفائيل لابيسا في كتابه "تاريخ اللغة الإسبانية" إذ بين أن اللغة العربية في تكوينها كبيرة الأهمية في اللغة الإسبانية، تأتي مباشرة بعد اللغة اللاتينية." (ص 70) ورحلة د. سميح تكشف طبيعة التسامح في الأندلس أيام حكم العرب لها وتسامح المسلمين مع المسيحيين واليهود، فيقول الكاتب: انتقل النقاش بعد ذلك إلى جوانب أخرى؛ عن دلالات ومضامين الحياة الماضية إبان ازدهار الحكم العربي في شبه الجزيرة الإيبيرية، بكل ما فيها من تفاصيل،خلطت فيها أمثلة عن التسامح والألفة والاحترام بين السكان بغض النظر عن معتقداتهم ومنابتهم، وأدركت من الأحاديث الدائرة أنها لا ترتبط بمنظور عاطفي غير واقعي، وإنما هي مستمدة من دراسات تاريخية جادة، مثقلة بأمثلة وأسماء في مجالات كثيرة، منها مجال المصاهرة ما بين العرب والأسبان، ومجال تقلد الأسبان للوظائف العامة خلال فترة الحكم الأموي، وبخاصة في تنظيم الدولة وإدارة الشؤون الاقتصادية. ... وسُرعان ما أخذت أتحدث عن دور المسيحيين في بناء وتنظيم الدولة الأموية في دمشق، معتمداً على معلومات عالقة في ذاكرتي فيها قائمة طويلة من المسيحيين العرب الذين تولوا الإدارة في شتى وظائف الدولة العليا على امتداد فترة الدولة الأموية، منهم مجموعة لا يستهان بها من الوزراء وكبار الموظفين التنفيذيين والكتاب، من مشاهيرهم يوحنا الدمشقي، ونديم الأخطل ويزيد بن معاوية في شبابهم المبكر. أجلت البصر بين الجالسين قائلاً:" يظهر لي أن الأمويين في الأندلس، قد اعتمدوا في تنظيم دولتهم على تجربة أجدادهم في دمشق، ببث روح التسامح والتعايش بين أتباع الأديان المختلفة." أجابني خوزيه:"أجل" ثم أضاف :"تقلد الأسبان بعض الوظائف الرسمية في زمن الخلافة الأموية في قرطبة، ويذكر ابن حيان أن واحدا منهم اسمه قومس بن أنتيان تولى ديوان الإنشاء للأمير عبد الرحمن الثاني، وقد طلب من الأمير أن تكون إجازته الأسبوعية يوم الأحد بدل الجمعة، له وللعاملين معه من المسيحيين، فاستجاب له، وتقرر أن يكون يوم الأحد إجازة لكل العاملين في ديوان الإنشاء مهما كانت عقيدتهم." علق أنطونيو قائلاً: "علينا تذكر بعض أفعال عبد الرحمن الثالث الذي قطع آخر الصلات بين الأندلس والخلافة العباسية، فقد عين أثناء حكمه حسائي بن شبروت، وهو باحث وطبيب وحبر يهودي ليكون وزير خارجيته." تلمسوا في أحاديثهم مجالات كثيرة حول التسامح الديني، الذي عمَّ عهد الخلافة الأموية في قرطبة، وأثار انتباهي أثره في انتشار استخدام اللغة العربية من قبل الجميع، وتبني أتباع الديانتين المسيحية واليهودية،عادات وتقاليد العرب، بما في ذلك لبسس أزيائهم، وإجادة الشعر والنثر العربي،إضافة إلى مساهمتهم في بناء الحضارة الأندلسية. توسع الحديث بتفصيلات كثيرة عن مكانة اليهود في عهد الخلافة الأموية، وتبين لي أن ثقافتهم شهدت عصرا ذهبيا في الأندلس، اتخذ علماؤهم وشعراؤهم وأدباؤهم اللغة العربية أداة تعبير وتواصل دونوا بها نتاجاتهم الإبداعية، ومن أهم مشاهيرهم في ذلك الوقت الفيلسوف والطبيب موسى بن ميمون القرطبي. وفي لحظة علق فابيان قائلاً:" ساعد جو التسامح في الأندلس على مشاركة اليهود في الحياة العامة إبان عهد ملوك الطوائف، فمنهم من تقلَّد أعلى المناصب الإدارية والسياسية، فكان منهم الوزراء والقادة، مثل إسماعيل بن النغريلة" أو شموئيل اللاوي" الذي أصبح من وزراء حبوس بن ماكسنثاني حكام طائفة غرناطة، كما عُين رئيس أركان جيشه، وقاد عدة معارك ضد مملكة بني عبّاد الأشبيلية." و"ترجع أهمية أدب الرحلة إلي أنه وسيلة رائعة لاستكشاف طبيعة الوعي بالذات والآخر الذي تشكَّل عن طريق الرحلة، والأفكار التي تسرّبت عبر سطور الرَّحالة، والانتباهات التي ميَّزت نظرتهم إلى الدول والناس والظواهر والأفكار. فأدب الرحلة، على هذا الصعيد، يشكِّل ثروةً معرفيَّةً كبيرةً، ومخزناً للمشاهد والقصص والوقائع والملاحظات، فضلاً عن كونه مادة سرديّة شائقة تحتوي على الطريف والغريب والمُدهش مما التقطته عيون تتجوّل وأنفسٌ تنفعل بما ترى، ووعي يُلِمُّ بالأشياء ويحلِّلها ويراقب الظواهرَ ويتفكَّرُ فيها.(8) والأبلغ تأثيراً في كل ما سمعته من الحاضرين، هو حديثهم بين الحين والآخر عن ارتباطهم الروحي بالأندلس التي كانت تستبق عصر النهضة الأوروبي، سواء في الزراعة أو العمارة أو الأدب أو العلم، وكانت حاضرتها قرطبة من أكبر مدن أوروبا وأكثرها تحضراً، تزهو بجامعتها ونهضتها العلمية والعمرانية والاجتماعية، وتمد دول الشرق والغرب بسجادها وبحريرها ومطرزاتها ومجوهراتها ومنتجاتها الحرفية. فرحلة د. سميح هذه تستكشف طبيعة الوعي بالآخر فيجد أن هناك علماء أسبان معارضون للتعصب ضد العرب. (70-71) "إنّ الرّحلات من أهم الفنون الأدبیة بحیث إنّها تحوي بعض المعلومات المهمة التي لا یمکن الاستغناء عنها لأحد من الأدباء والمؤرخین والجغرافيين وغیرهم، فمطالعتها لازمة لکل من یودّ الكتابة أو الدراسة عن إحدى الفترات التي کتبت فیها تلك الرّحلات. فإن أدب الرحلات العربية يمثل جوانب مهمة من جوانب الحياة العربية والإسلامية في مختلف نواحيها سواء في ذلك الجانب السياسي والاجتماعي والديني والفكري وأيضا الأدبي، وقد برز كثير من الرحالة العرب وقاموا برحلات طويلة وألفوا كثيرا من الكتب صوروا فيها ما شاهدوه في هذه الرحلات وصوروا مشاعرهم وآراءهم وكانت هذه الكتب وثائق هامة تصور الحياة في تلك الأزمان. فهي منابع ثرية لمختلف العلوم، یمکن أن یقال إنّها بحر من المعارف والاکتشاف وسجل حقیقي لمظاهر الحیاة المختلفة ومفاهیم أهلها علی مرّ العصور، بحیث یقدّم فیها الراحل أحوال المجتمعات، وعادات النّاس، و تقالیدهم، وملابسهم، وأطعمتهم، وأشربتهم وشعائرهم الدینیة، بأسلوب أدبي. (9) يتبع |
|
|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
|
ادارة المنتدى غير مسؤوله عن التعامل بين اﻻعضاء وجميع الردود والمواضيع تعبر عن رأي صاحبها فقط |
|
|