الأفكار تصول وتجول
أعتقد جازماً بأن هذا هو محور الارتكاز الذي استند عليه الآن في حياتي، وذلك لأنني سوف أقول ومما لا شك فيما لا شك فيه يوم القيامة نفسي نفسي بدليل قوله تعالى "يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ"، فلماذا لا أبدأ بهذا القول من الدنيا؟ وفي ظل الضوابط الشرعية، وتحت إطار "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ".
ولكن السؤال الذي ما برح يطرح نفسه وبقوة، كيف أقوم بذلك؟ وما الخطوات التي يجب أن أتبعها حتى أتمكن من تحقيق هذا الهدف؟ وهنا ولوهلة توقفت وقلت لنفسي ما هذه الكلمة التي لتوي ذكرتها وما معناها، فلا طالما سمعت كلمة هدف وأهداف، وما علاقة الآية الكريمة "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" بي أنا شخصيًا؟ وكيف أستطيع تحديد أهداف لا تخرج عن نطاق هذه الآية العجيبة؟ وهل مجموعة أهدافي إن استطعت وقمت بتحديدها سوف تساوي وتحقق مفهوم هذه الآية العظيمة؟بعد أن أصبحت الخواطر والأفكار تصول وتجول في عقلي وتأتي من دون طلب وتذهب من دون استئذان، قررت أما أن أصبح أنا سيد الموقف والآمر الناهي أو أن أترك الأمر كله، وفي هذه الأثناء عرفت واستنتجت بأن الموضوع ليس خيارياً بدليل الآية الكريمة "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ" أي إنني مسؤول مسؤولية كاملة لا تنفيها أي جهالة مني أو تقصير، ولا يقوي موقفي يوم القيامة إن كنت ناسياً أو لم أعلم.لذا إن لم أقم بعمل أشياء جديدة وبصورة مغايرة عما أعتدت عليه، فإنه لن أتمكن من تحقيق نتائج مختلفة وناجحة ومبدعة. لذا وبعد فترة زمنية قررت اتخاذ الخطوات اللازمة والضرورية التالية:
1. هناك معادلة نفسية عجيبة في القرآن الكريم وهي الآية الكريمة "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا" لذا فإن معرفة وفهم نفسي استنادا إلى هذه الآية يعتبر برأيي مدخلاً منطقيًا وفائزاً.
2. رؤية وتخيل ما سوف أصبح عليه لو عرفت ما أريد.
3. ما العادات التي يجب علي تغييرها حتى أصبح ما أريد؟ وما العادات التي يجب علي اكتسابها لتحقيق ما أصبو إليه.
4. ما الأهداف التي أود تحقيقها وكيفية ذلك؟ وضرورة كتابتها حتى تقر ولا تفر.
5. ما الإمكانات والقدرات التي أتمتع بها الآن؟ وما الإمكانات والقدرات التي أحتاجها لتحقيق تلك الأهداف؟
6. كيف أستطيع الحصول على الرغبة في التغيير وتطوير ذاتي وتحسينها بصورة تجعل من حياتي حياةً أفضل وأسهل؟ وكيف لي أن أعرف بأن هذه الرغبة رغبة حقيقية وتدعم ما أريد فعلاً؟ وما خطوات التغيير التي يجب علي إتباعها بعد معرفتي بوجود رغبة قوية ملحة للتغيير؟
7. كيف أضع خطة منطقية وموضوعية و واضحة المعالم ومن الممكن تنفيذها على أرض الواقع؟ لتحقيق ما أريد فعله وعمله.
8. التركيز، هذه الكلمة التي طالما شغلت بالي، كيف أحصل على هذه القوة أو الصفة؟
9. يبدو لي بأن قلمي لا يود التوقف هنا، فكلما هدأ عقلي عاجله قلبي بنظرة تحتوي على أحرف وكلمات لا أفهمها، وظني بأن عقلي يقيمها كيفما يشاء ويرغب ويشتهي، وهنا تكمن الخطورة، فلا أود أن ينسى أو يتناسى عقلي الآية الكريمة "إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" و "لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا".
10. لنفترض جدلاً بأنني استطعت بفضل من الله وتوفيقه تحقيق المعادلة النفسية في الآية الكريمة "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا"، كيف أستطيع الثبات على هذا النهج وكيف أظل دائماً أسير على هذا المسار؟
أتخيل بأنه إذا لم أتوقف عن طرح الأسئلة على نفسي لما انتهيت، ولجف قلمي وتعبت يداي ولم تنتهي.هنا وفي هذه اللحظة الصفة التي نحتاجها عزيزي القارئ هي الثقة بالله والقوة في مواجهة الحقيقة مهما كانت صورتها وشاكلتها، وعندما تراني أقول بعد هذا كله:"إن كنت تعتقد بأنك تعتقد فهذا طيب، ولكن إن كنت تعتقد بأنك تظن أو تظن بأنك تعتقد أو تظن بأنك تظن فهذه مشكلة" لا تعتقد ولا تظن بأن الفلسفة هي ما أردت! والكيس الفطن يفهم.
نوفل عبد الهادي المصارع
نقلآ عن صحيفة البلاد
|