اي عشق يا جمهور العالمي
أي عشق هذا؟
هي حكاية تحدث على أرض الواقع، ولكنها أقرب ما تكون إلى الخيال، هي قصة عشق وحب لا ينضب، لا تقل في عذوبتها عن تلك التي نقرأها في الكتب، وهي حكاية غرام ليست كما يحدث في الأفلام، بل هي ظاهرة لا توجد في عالمنا هذا، أو على الأقل في تلك البلاد، التي يتحدث أبناؤها بلغة الضاد، ولكنها وجدت وظهرت وحضرت في الرياض.
«آه ما أرق الرياض»، أليست شاهدة على حب ليس له مثيل، وعلى ترابها تحتضن العشق المستحيل، وتحتفظ بأسرار تلك العلاقة المثيرة، بين فارس نجد وجماهيره، نادي النصر السعودي الذي كلما تمادى في هجره وطالت غيبته، زاد عشاقه وتضاعفت شعبيته، ولك أن تعلم أن آخر بطولة دوري حققها النصر السعودي كانت قبل 19 عاماً بالتمام، ولكن هل انسحب محبوه وهل تواروا عن الأنظار، لا بل إنهم يتفاخرون بتشجيعه ويهيمون به عشقاً ويتغنون به مع مرور الأيام، فكيف سيكون حالهم لو كان يهديهم الفرح عاماً بعد عام.
أشهر قصص العشاق معظمها إن لم يكن كلها تنتهي بالفراق، أما جماهير النصر السعودي فقد كتبوا روايتهم بطريقتهم الخاصة، وجعلوا من عشقهم لمعشوقهم سبباً كافياً للتمسك بالحياة، ولتفسير جزء من هذه الظاهرة ولفك طلاسم اللغز، لابد من قراءة تاريخ النادي ومعرفة هوية الرمز، إنه الأمير الراحل عبدالرحمن بن سعود، فذلك الرجل كان هو النصراوي الأول، وكان له دور كبير في ترسيخ جماهيرية الفريق، وهو الذي سئل يوماً في أحد البرامج التلفزيونية عما سيفعله في حال تولى رئاسة نادي الهلال الغريم التقليدي، فكانت إجابته أنه سيتقدم باستقالته على الفور ويرجع إلى النصر.
يتباهون بأنهم جماهير الشمس، وأعضاء في رابطة حب «العالمي»، وهو اللقب الذي يجدونه الأقرب إلى قلوبهم، وهم من مختلف الفئات العمرية، فيهم الشيخ والشاب والكهل، بل فيهم ذلك الطفل، يجري حب النصر في أوردته وشرايينه وهو الذي لم يعاصر أي بطولة، فهل يوجد أصدق من الطفولة؟، فالأمور تجري هكذا بالوراثة جيلاً يسلم الراية للجيل التالي، يتغذون على ولائهم للقميص ويستضيئون بنور شعاره في الليالي.
مسك الختام:
تغيب البطولات عن فارس نجد، وتحضر جماهيره دائماً على الموعد، تعزف على وتر الوفاء، فحصان الألقاب تسبقه عربة الانتماء، وهي ظاهرة تحمل في داخلها الكثير من الأسئلة ومختلف علامات الاستفهام، فإذا أجبت عن كيف تظهر لك متى، وإذا جاوبتها تبرز لك لماذا، فمن أين ينبع هذا الحب وأي عشق هذا؟.
|